تعاني مناطق في الشمال اليمني التي تقع تحت سيطرة الحوثيين، من نقص حاد في المحروقات له تداعيات وخيمة على السكان، بعد سنوات الحرب المضنية.
وتصطف سيارات كثيرة أمام محطات الوقود منذ نحو شهر في مناطق سيطرة الحوثيين في اليمن، في حين تتحول الأزمة إلى سلاح حرب.
ولا تعد أزمة الوقود أمرا جديدا في اليمن الغارق في الاقتتال اليومي منذ 2014، لكن الأزمة بدأت تتضخّم مؤخّرا بينما يمر البلد الفقير بأسوأ أزمة إنسانية في العالم، بحسب الأمم المتحدة، يفاقمها تفشي فيروس كورونا المستجد.
ويسيطر الحوثيون على العاصمة صنعاء ومناطق أخرى، منذ 2014، وقتل في اليمن منذ بدء عمليات التحالف العربي عملياته في 2015، آلاف المدنيين، فيما نزح أكثر من 3,3 ملايين شخص عن منازلهم.
وتتّهم الحكومة والتحالف الذي تقوده السعودية الحوثيين بالتسبّب في النقص في الوقود، في محاولة للضغط من أجل رفع الحصار المفروض عليهم.
في المقابل، يتهم الحوثيون التحالف العربي بقيادة السعودية، بمنع وصول الوقود إلى مناطقهم بهدف خنقهم اقتصاديا.
ويجد المدنيون أنفسهم عالقين وسط تبادل الاتهامات يوميا، مع تحذير منظمات دولية من أن الوقود أصبح سلاح حرب.
وقال مدير منظمة "أوكسفام" في اليمن محسن صدّيقي: "قد يؤدي نقص الوقود الذي طال أمده إلى تعريض الملايين لخطر الإصابة بفيروس كورونا المستجد والأمراض المنقولة بالماء مثل الكوليرا؛ لأن الوقود ضروري لتوفير المياه النظيفة في اليمن".
كما يؤثر شح الوقود على إنتاج الكهرباء وتشغيل المستشفيات وحركة النقل والأسعار.
وفي 26 حزيران/ يونيو، حذّرت شركة النفط اليمنية الواقعة في مناطق الحوثيين من أنّ مخزوناتها بدأت تنفد.
وقالت الشركة في بيان، إنّ التحالف يمنع منذ نحو ثلاثة أشهر 15 ناقلة على الأقل من تفريغ 420 ألف طن من الوقود والديزل في ميناء الحديدة (غربا)، الواقع كذلك في منطقة يسيطر عليها الحوثيون.
ويقوم التحالف عادة بتفتيش السفن المتجهة نحو الحديدة لمنع تهريب السلاح إلى الحوثي.
في المقابل، تنفي الحكومة المعترف بها دوليا احتجاز التحالف للسفن، وتقول إنّ الحوثيين افتعلوا الأزمة "لممارسة الابتزاز"، وفقا لوزير الإدارة المحلية عبد الرقيب فتح الذي يرأس اللجنة الوطنية للإغاثة في الحكومة.
وقال فتح: "هناك 250 قاطرة وقود محتجزة عند مداخل مناطق سيطرة الحوثيين في البيضاء والجوف وتعز قادمة من مرافئ الشرعية، والحوثيون يمنعون دخولها لتفريغ حمولتها" بحجة أنها ليست من نوعية جيدة.
وطالت التبعات مستشفى الثورة في صنعاء.
وقال مدير المستشفى عبد اللطيف أبو طالب، إنّ الكهرباء لم تعد تصل بشكل منتظم، محذّرا من أنّ قسمي العناية الفائقة وغسيل الكلى قد يكونان الأكثر تضررا.
وأضاف: "بسبب نقص الوقود، لم يعد الأطباء والممرضات يصلون بسهولة إلى المستشفى"، مشيرا إلى أنّ أسعار المعدات والمنتجات اللازمة لعمل أقسام المستشفى باتت مرتفعة للغاية.
ووصل سعر لتر الوقود إلى 1200 ريال يمني، أي ما يعادل دولارين وهو ثلاثة أضعاف السعر السابق.
وصرّحت منسّقة الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن ليزا غراندي، بأن "الوقود اللازم للحفاظ على عمل المستشفيات وتشغيل محطات المياه وتشغيل أنظمة الري، محتجز في السفن".
وقالت: "مشكلة السفن تفاقم الوضع الاقتصادي الذي يشبه بشكل مخيف ما رأيناه عندما كانت البلاد على حافة المجاعة قبل 18 شهرا".