المهمشون في اليمن

رغم حركة مناهضة العنصرية في العالم.. أصحاب البشرة السوداء في اليمن لا يزالون "مهمشين"

الت وكالة "فرانس برس" إن أصحاب البشرة الداكنة في اليمن لا يزالون "مهمشين" رغم حركة مناهضة العنصرية في العالم.

وسلطت الوكالة في تقرير لها الضوء على وضع حال المهمشين في اليمن وما يواجهون من تصنيفات جعلتهم أكثر عرضة للتمييز القائم على النسب.

واضافت الوكالة الفرنسية أن المهمشين في اليمن من سود البشرة لا يعولون على تغيير ظروفهم السيئة المستمرة منذ مئات السنوات، على الرغم من زخم حركة "حياة السود مهمة" المناهضة للعنصرية في العالم.

وأشار التقرير إلى أن وفاة جورج فلويد الأمريكي الأسود خلال توقيفه بأيدي الشرطة في مينيابوليس أثارت تظاهرات حاشدة وموجة من الاحتجاجات المناهضة للعنصرية في أنحاء العالم، لكن في صنعاء، يقول اليمني هيثم حسن إنه لا يزال يسمع الآخرين ينعتونه بكلمات مثل "خادم" أو "عبد" بسبب لون بشرته الداكن.

وقال التقرير "في منطقة دار سلم في جنوب العاصمة اليمنية صنعاء، يعيش المهمشون، وهو الاسم الذي يعرفون به، في حي عشوائي يسمى محوى في ظروف صعبة للغاية وفي فقر مدقع".

ويضيف "في شوارع المحوى الضيقة، بيوت مصنوعة من ألواح كرتونية وخيم وأخرى مبنية بالحجارة، ويمكن رؤية نساء يطبخن في الشارع".

ونقلت الوكالة عن أحد المهمشين ويدعى حسن، قوله "كأننا شريحة منفصلة من اليمنيين مع أننا نحمل البطاقة الشخصية اليمنية".

ويتابع حسن "تلتقي بأشخاص يقومون بالتأفف ويهربون منك ويقولون هذا (خادم) ومثل هذه الألفاظ، وفي المدارس يعاملون أطفالنا بشكل مختلف عن الأولاد الآخرين، وكذلك في الأسواق، نلفت أنظارهم وأول شيء يقولونه :انظروا هذا لونه (أسود)، هذا (خادم)".

ويعمل "المهمشون" في وظائف مثل كنس الشوارع وجمع القمامة، ويعيشون في مناطق مختلفة في اليمن من صنعاء وصولا إلى عدن في الجنوب، وخصوصا في منطقة تهامة التي تمتد من مضيق باب المندب حتى مدينة الحديدة غربي البلاد.

ويشير التقرير إلى أنه وبحسب المجموعة الدولية لحقوق الأقليات ومقرها لندن، "يوجد جدل حول الأصول العرقية.. يعتقد البعض أنهم يتحدرون من عبيد أفارقة أو جنود إثيوبيين من القرن السادس، بينما يعتقد آخرون أنهم من أصول يمنية".

وتقول المنظمة إنهم يعانون "من نسب عالية من البطالة ويعيشون في العادة في الفقر، ولا يملكون الوصول إلى الخدمات الأساسية مثل المياه أو الصرف الصحي أو التعليم أو حتى الفرص الاقتصادية".

ويشكل المهمشون ما بين 2 إلى 5 بالمئة من السكان البالغ عددهم نحو 27 مليونا، بينما تشير تقديرات أخرى الى أنهم يشكلون 10 في المئة من السكان.

وفي اليمن الذي يغلب على مجتمعه الطابع القبلي، أدّى وجود المهمشين خارج تصنيف القبائل إلى جعلهم أكثر عرضة للتمييز القائم على النسب، تقول "فرانس برس".

ونقلت الوكالة عن شيخ المهمشين في منطقة دار سلم في صنعاء مجاهد عزام قوله: "نحن نعاني من التفرقة العنصرية. لا ندري هل حكموا علينا لأن بشرتنا سوداء؟ لم يعطونا أي حقوق. لكن الآن جاء الوقت لنحصل على حقوقنا".

وتطرق تقرير الوكالة الفرنسية، إلى دعوة عبد الملك الحوثي، زعيم المتمردين الحوثيين الذين يسيطرون على صنعاء، الشهر الماضي إلى إدماج "المهمشين" في المجتمع.

لكن رئيس الاتحاد الوطني للمهمشين نعمان الحذيفي يرى أن دعوة الحوثي "مبطنة" بهدف تجنيدهم للقتال في صفوف المتمردين.

ويؤكد الحذيفي لفرانس برس أن المبادرة تهدف الى "إثارة مشاعر المهمشين و اقتيادهم إلى الجبهات للقتال معهم".

وتقول الباحثة في "هيومن رايتس ووتش" أفراح ناصر لوكالة فرانس برس إنه حتى قبل اندلاع الحرب "وضع النظام الطبقي اليمني المهمشين في أسفل الهرم الاجتماعي"، مشيرة الى أن وضعهم ازداد سوءا بعد النزاع خصوصا في المناطق التابعة لسيطرة الحوثيين.

ووفقا لناصر، تشبه حياة المهمشين "الجحيم على الأرض"، مشيرة إلى تعرضهم لتمييز ممنهج وحرمانهم من حقوق أساسية وتمييز حتى في الحصول على مساعدات إنسانية.

وبالتزامن مع حركة "حياة السود مهمة" المناهضة للعنصرية في العالم، لا يعول الحذيفي كثيرا على تغير الوضع في اليمن.

ويوضح "هناك عنصرية سائدة على أساس العرق وعلى أساس اللون. كل أسود في اليمن ينظر إليه كأنه خادم".

ويشير الحذيفي إلى أنه عندما بدأت احتجاجات شعبية في 2011 طالبت برحيل الرئيس علي عبد الله صالح، شارك "المهمشون" في التظاهرات على أمل تغيّر الوضع. وشارك الحذيفي في مؤتمر الحوار الوطني اليمني كممثل وحيد عن "المهمشين".

ويتابع "كنا نتمنى أن نكون جزءا من الحراك العالمي (ضد العنصرية)، لو كان الوضع مستقرا في اليمن لكننا جزءا من الحراك العالمي وكنا سنخرج إلى الشوارع ونشارك في هذه اللحظة التاريخية، لكن الحرب حالت دون ذلك".

ويقول "للأسف، سيبقى الوضع على ما هو عليه في اليمن، لأن التركيبة الاجتماعية والقبلية معقدة جدا، هناك تمييز على أساس القبيلة والمنطقة والمذهب".