الانتقالي الجنوبي

"الانتقالي" يصعّد في الميدان ويتصلّب في المفاوضات.. هل ينتظر ما ستسفر عنه هجمات الحوثي على مارب؟

تقول مصادر سيايسة أن ما يعرف بالمجلس الانتقالي المدعوم من دولة الإمارات أصر على الاستئثار بحصة المحافظات الجنوبية في الحكومة المصغرة المقبلة، فتوقفت المشاورات في الرياض، الأسبوع الماضي.

 

 

ومع توقف التشاور، لتنفيذ الاتفاق الذي يوشك أن يكمل عامه الأول على الورق، بدأت لعبة شد الحبل على الأرض؛ تؤكد أطراف جنوبية ومكونات سياسية أن الانتقالي لا يمثل كل الجنوب، وأن نفوذه متركز في الضالع ولحج عدن، بينما لا يحظى بالنفوذ ذاته في المحافظات الشرقية الأكبر والأهم اقتصاديا، شبوة وحضرموت والمهرة وأبين.

 

 

شخصيات حضرمية صَعّدت اعتراضاً على تهميش حضرموت مما يجري في الرياض، وبعد أيام استقبلت الرياض وفداً حضرمياً يمثل أبرز مكوناتها، لإشراكهم في التشاور، إضافة إلى أنّ شبوة والمهرة، بشكل أساسي، لا يحضر فيهما الانتقالي مؤخرا.

 

 

في المقابل، سارع الانتقالي، الى الإعلان عن مسيرة في المكلا دعماً "للإدارة الذاتية" وحشد لها على مدى أسبوع، احتشد الآلاف، يوم أمس السبت، وتفرّغ بعدها قادة الانتقالي للتصريحات، لتأكيد إيصال الرسالة، "نحن هناك في حضرموت أيضا". 

 

 

بعد نجاحه في فرض سيطرته على عدن، من خلال إعلان "الادارة الذاتية"، أواخر إبريل الماضي، وتكراره الأمر، في أرخبيل سقطرى، بعد أسابيع؛ يمضي الانتقالي في التوسع "لتكريس الواقع السياسي" مستغلاً، مشاورات الرياض، كغطاء للمناورة واللعب على الوقت.

 

 

وربما - بحسب محللين ـ يأمل الانتقالي، أن يتقدم الحوثيون باتجاه مأرب لإحكام قبضته على الشمال، فيتحلل من التزامه مع الحكومة ويرث الشرعية كاملة.

 

 

لكن السؤال، لماذا لم تلجأ السعودية لإجبار الانتقالي على السير قدما في تنفيذ الاتفاق -الذي احتفت به كمؤشر على عمق حضورها في اليمن ونفوذها على كل الاطراف- برغم مقدرتها على ذلك؟

 

 

يشير البعض إلى أن الانتقالي يرى أن الرياض ليست في وضع يمكنها من خسارة العلاقة "الجيدة" معه كمكون رئيس في المناطق الخاضعة لسلطة الشرعية، وأن خسارتها للانتقالي بتشديد الضغط عليه سيعني انكشاف نفوذها في اليمن ويحرجها أمام المجتمع الدولي، في ظل خروج صنعاء وعدن عن سيطرتها وحليفتها "الحكومة اليمنية".

 

 

وبناء على هذه التقييم، يستمر الانتقالي مسلحاً بدعم اماراتي في مخططه فرض الامر الواقع، والتصلّب في مشاورات تنفيذ اتفاق الرياض وتشكيل الحكومة، وهو مطمئن الى هامش خيارات الرياض المحدودة. 

 

 

إلى جانب ذلك يستفيد "الانتقالي" من حالة التشرذم التي تعاني منها الشرعية، بل إن مصادر سياسية تحدثت بوضوح عن أن هناك شخصيات داخل الشرعية تعمل لمصلحة "الانتقالي" في تلك المفاوضات.

 

 

يملك الانتقالي قوات عسكرية كبيرة أعدتها الامارات منذ 2015 ولا زالت تتكفل بنفقاتها وإدارتها من الظل، ويستغل المجلس الحالة الهشة في معظم المحافظات الجنوبية التي رسختها الإمارات عبر تقويض عمل الحكومة خلال السنوات الماضية تمهيداً لهذه اللحظة. 

 

 

بالتوازي مع مسيرة المكلا، يحاصر الانتقالي مقر محافظ لحج ويبدأ تصعيداً في المهرة، التي تتواجد فيها القوات السعودية وتخوض صراعاً منذ عامين، مع مناوئين لها، يتهمون بتلقي دعم من عُمان وقطر، لينضم الانتقالي، مؤخراً، إلى إنعاش الصراع في المهرة، بعد أن شهدت هدوءًا ملحوظاً، خلال الاشهر الماضية، بعد تغيير المحافظ باكريت، وتعيين محمد علي ياسر، الذي يحظى بقدر من الاحترام، بين جميع المكونات في المهرة. 

 

 

رئيس ما سمي بـ"الإدارة الذاتية" للانتقالي اللواء أحمد بن بريك، قال في كلمة موجهة لأنصار المجلس في المكلا عصر السبت، إن المسيرة؛ لتأييد قيام الادارة الذاتية في حضرموت ساحلاً ووادياً، وأنّ المجلس ماضٍ قُدُماً في تنفيذها في عدد من المحافظات حتى في حال تشكلت الحكومة.

 

 

وفي ظل تصعيد الانتقالي نشط الرئيس هادي في التواصل مع المحافظين، اتصل بمحافظ حضرموت أمس السبت، وأكد الاهتمام بحضرموت ومطالب أبناءها بما يؤسس للدولة الاتحادية التي ينشدها اليمنيون. 

 

 

كما هاتَفَ الرئيس هادي محافظ لحج أحمد التركي وشدد على ترسيخ الأمن في المحافظة، كما أجرى اتصالاً بمحافظ تعز التي بدأت تشهد توتراً ليس ببعيد عما يحدث في الجنوب واليمن ككل.

 

 

وبالتوازي مع جمود سير مشاورات تنفيذ الاتفاق، تنشط السعودية في حل أزمات تفصيلية ناتجة عن حالة الجمود ذاتها، إذ أعلن سفير السعودية لدى اليمن محمد آل جابر، قبل يومين، نجاح المملكة في إقناع الانتقالي بالإفراج عن حاويات النقود التي احتجزها المجلس للضغط من أجل تسليم مرتبات "القوات المسلحة الجنوبية". 

 

 

وكان المجلس قد أصدر نهاية الاسبوع الماضي، بيانا يمهل الحكومة يومين لتسليم مرتبات لقواته، مهددا بالتصعيد، وهو ما استدعى تدخلا سعوديا ناجحاً بحسب السفير آل جابر.

 

 

ووسط كل هذا التصعيد والتصلب في تنفيذ الاتفاق ومضي "خلية أبو ظبي" في تنفيذ خطط أخرى، يستمر المواطن اليمني في دفع الثمن.