تراجعت ميليشيا الحوثي المدعومة من ايران عن وعود خطية بالسماح للفريق الأممي بتفقد ناقلة نفط "صافر" المهجورة قبالة ساحل رأس عيسى في البحر الأحمر.
وكانت ميليشيا الحوثي قد وافقت منتصف الشهر الجاري على منح مفتشين أممين الضوء الأخضر لتفقد سفينة صافر قبالة السواحل اليمنية، المحملة بأكثر من مليون برميل من النفط الخام، والتي تواجه خطر الانفجار في أي وقت.
وحينها قال وكيل الأمين العام للشؤون الإنسانية ومنسق الإغاثة في حالات الطوارئ، مارك لوكوك، في إحاطته خلال جلسة لمجلس الأمن الدولي، إن من وصفها بـ"سلطات أنصار الله" بعثت بعدة رسائل إلى الأمم المتحدة وإلى مجلس الأمن تؤكد فيها موافقتها.
واليوم أعلنت الميليشيا، أن الأمم المتحدة خالفت اتفاق تقييم خزان صافر النفطي، وطالبت "بتدخل طرف دولي ثالث لحل الأزمة".
وقال محمد علي الحوثي، عضو ما يُسمى بالمجلس السياسي الذي يدير البلاد: "أبلغتنا وزارة الخارجية (التابعة لسلطتهم في صنعاء) عن أسفها لمخالفة الأمم المتحدة ما تم الاتفاق عليه بخصوص خزان صافر".
وأضاف في تغريدة على تويتر "مع أن مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن طالب بالملاحظات خطياً إلا أننا نحملهم المسؤولية، فقد كنا نترقب المراوغة".
وتابع "حتى لا نستمر في جدل عقيم. فإننا نطالب بتدخل طرف ثالث دولي غير مشارك بالعدوان تداركاً لأي كارثة أو إعاقة".
وحتى نشر الخبر لم يرد مكتب المبعوث الأممي الى اليمن مارتن غريفيث على الاتهامات الحوثية.
ويأتي هذا التراجع الحوثي مطابقاً لتوقعات الكثير من المتابعين والمهتمين بالقضية، وتعزيز لتحذيرات مسؤولين يمنيين من أن تكون موافقتهم مجرد "مراوغة" لا سيما قبيل جلسة مجلس الأمن الدولي التي ناقشت القضية.
وكان المسؤول الأممي لوكوك قال في إحاطته لمجلس الأمن إن تسرب النفط من سفينة صافر لا تقتصر مخارطه على الكارثة البيئة بل سيكون له، تأثير سيئ على الشعب اليمني خاصة المجتمعات الساحلية في تعز والحديدة وحجة، إضافة إلى مخاطر توقف ميناء الحديدة لعدة أشهر بسبب تلوثه بالنفط، وتضرر مجتمعات الصيد بشكل كبير.
وأشار إلى موافقة حكومة اليمن (المعترف بها دولياً) على التقييم وقال إنها "سعت بنشاط إلى تيسير الوصول إلى صافر". وفي حين أشار إلى موافقة الحوثيين وإرسالهم عدة رسائل تؤكد تلك الموافقة لكن قال إن جماعة الحوثي " لم تكن راغبة في قبول المهمة عمليا . وبدلا من ذلك، فرضت شروطا مسبقة وربطت صافر بقضايا أخرى".
وتحدث لولكوك عن تسرب المياه إلى غرفة المحرك التي حدثت في 27 مايو/أيار الماضي، وقال إنه كان من الممكن أن يزعزع استقرار السفينة ويحتمل أن يغرق هيكلها بأكمله ويؤدي إلى تسرب حاد للنفط الذي يصل لأكثر من مليون برميل، وهذا حوالي 4 أضعاف كمية النفط التي تم تصريفها في كارثة إكسون فالديز، وهو تسرب لا يزال العالم يتحدث عنه بعد ثلاثين عاما من حدوثه.
وحين اعلن الحوثين بالسماح للفريق الأممي قال وزير الخارجية اليمني محمد الحضرمي، إن إعلان ميليشيا الحوثي السماح لفريق أممي بالوصول الى خزان صافر، غربي اليمن، "مراوغة" للتخفيف من الضغط الدولي.
وأكد الحضرمي خلال لقائه السفير الأمريكي لدى اليمن كريستوفر هنزل، على ضرورة إلزام المليشيا الحوثية بالانصياع والموافقة ليس فقط على السماح بوصول الفريق الفني التابع للأمم المتحدة لتقييم الوضع في الخزان بل ايضا — وهو الأهم — إلزام الحوثيين بالموافقة على وضع حل حاسم لهذه الكارثة وتفريغ الناقلة من النفط.
وأشار الوزير إلى أن الحكومة ومنذ سنوات طالبت بالسماح للفريق الأممي بالوصول وتقييم الخزان العائم وان المليشيات الحوثية قابلت ذلك بالتعنت والرفض في محاولة لاختطاف الخزان لتحقيق مكاسب سياسية.
ويوم الأربعاء الماضي، عقد مجلس الأمن جلسة خاصة بشأن اليمن، وناقش فيها المخاطر المحتملة لتسرب النفط من الناقلة.
وخلال الجلسة، أعرب أعضاء مجلس الأمن الدولي عن انزعاجهم الشديد من تزايد خطر تفكك أو انفجار ناقلة النفط "صافر"، وقال منسق الإغاثة بالأمم المتحدة مارك لوكوك إن "الخطر الذي تمثله صافر ليس مجرد خطر بيئي، رغم أن الخطر البيئي سيكون مروعا، لكنها تمثل أيضا خطرا مباشرا وقويا على سلامة وربما على حياة ملايين اليمنيين".
والخميس الماضي، دعا وزير الخارجية الأمريكية مايك بومبيو، ميليشيا الحوثي إلى الوفاء بالتزاماتها وتسهيل مهمة الأمم المتحدة بشأن تقييمات ناقلة النفط "صافر" الراسية قبالة ميناء رأس عيسى.
وكانت الأمم المتحدة قالت إنها تشعر بقلق بالغ بعد أن تسربت المياه إلى غرفة المحركات بالناقلة صافر، العالقة في مرفأ رأس عيسى النفطي بالبحر الأحمر منذ أكثر من خمس سنوات.
وبين الحين والآخر تُحذر الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من أن "صافر" قد تنفجر وتتسبب في "أكبر كارثة بيئية على المستويين الإقليمي والعالمي".
وأثارت هذه القضية اهتماماً كبيراً من قبل المجتمع الدولي والحكومة اليمنية والمنظمات الدولية ووسائل الإعلام وشخصيات مهتمة بالبيئة، نظراً لخطورة القضية على البيئة البحرية.
ورفض الحوثيون طوال السنوات الماضية السماح لفريق تابع للأمم المتحدة لصيانتها واتخاذ التدابير للحيلولة دون حدوث أكبر كارثة بيئية للحياة البحرية في البحر الأحمر، ومصانع تحلية المياه وطرق الشحن الدولية.