عيد أضحى آخر قادم على اليمن، بينما لا تريد الحرب أن تحط أوزارها بعد، والمعاناة تتضاعف كلما مرت الأيام دون حل يلوح في الأفق.ومع استمرار الحرب، تزيد معاناة اليمنيين مع أضاحي العيد.ويشتكي مواطنون لـ”المشاهد” من ارتفاع أسعار الأضاحي بشكل جنوني، بحيث لا يستطيع الموظفون الحكوميون شراءها، نظراً لمحدودية دخلهم، ناهيك عمن فقدوا مصادر دخلهم، أو من تقطعت بهم السبل دون الحصول على وظائف وأعمال.يحتاج المواطن في اليمن قرابة 80 ألف ريال يمني (أكثر من 100 دولار امريكي) للحصول على أضحية مُسنة تجزئ كذبيحة للعيد، وهذا المبلغ الذي هو متوسط لسعر الضأن أو سواه، يوازي أكثر من راتب لموظف حكومي، على سبيل المثال وليس الحصر.وشهدت أسعار الأضاحي في اليمن ارتفاعاً بشكل غير مسبوق، خلال العامين الماضيين تحديداً، بنسبة تصل 200%.
الراتب لا يغطي
محمد سعيد، معلم، يقول إن راتبه الحكومي لا يكفي لشراء أضحية مُسنة لذبحها في العيد، وهذا الراتب ذاته الذي لا يكفي أصلاً لتلبية متطلبات البيت.ويضيف سعيد لـ”المشاهد” أنه كان قبل عامين يشتري الأضحية بأقل من نصف راتبه، نظراً لأسعارها النسبية بما يوازي الدخل والقدرة الشرائية للمواطنين.حافظ، معلم أيضاً، يقول إنه وزملاءه ينتظرون، على أية حال، رواتبهم لشراء أية أضحية “جيز الناس”، حسب قوله، فيما لم يتبقَّ الكثير من الوقت مع اقتراب العيد.ويضيف: “تجار المواشي حدوا سكاكينهم على المواطنين، وضاعفوا أسعار الأضاحي أضعافاً خلال السنتين الماضيتين، في ظل عدم وجود رقابة على الأسواق”.
لن أبيع بأقل من هذا السعر
محمد رسام، تاجر مواشٍ، قال لـ”المشاهد”، أثناء عودته بالمواشي من السوق، إنه لن يبيع خروفه بأقل من 150 ألف ريال.عاد محمد وعدد من التجار، الخميس الماضي، بمواشيهم من السوق، معللين ذلك بعدم مناسبة السعر الذي طرحه المواطنون.خروف محمد أتى بـ107 آلاف ريال، وهذا المبلغ، بحسبه، غير كافٍ نظراً لما قاساه خلال الفترة الماضية في تربيته وأقرانه.وأشار إلى أن ارتفاع الأسعار لم يكن سوى نتاج لانهيار العملة وارتفاع سعر المعيشة والمواد الغذائية والاستهلاكية.وتابع: “أنا أيضاً أشتري “الهريش” للمواشي، وسعرها تضاعف خلال العامين الأخيرين، كما أني أعتمد وعائلتي على هذا الدخل كمصدر أساسي، والبيع بهذه المبالغ البسيطة لا يلبي متطلباتي المعيشية في ظل هذا الغلاء”.
قلة العرض وكثرة الطلب
مراقبون يرون أن سبب هذا الغلاء هو قلة العرض في الأسواق خلال السنوات الأخيرة، خصوصاً بعد توقف استيراد المواشي بشكل كبير من القرن الأفريقي، كنتاج للوضع الذي تشهده البلاد.وكانت بواخر التجار تضخ آلاف الرؤوس من الضأن والبقر والماعز من دول أفريقيا بأسعار مخفضة، حيث يكثر العرض، وبالتالي يقل الطلب، والذي يؤدي بطبيعة الحال إلى انخفاض الأسعار للصنفين المحلي والمستورد.فضلاً عن ذلك، كانت معظم الشركات التجارية الخاصة تجلب الكثير من تلك المواشي الخارجية، وتوزعها كأضحيات لمنتسبيها، أو بأسعار رمزية ضمن أقساط شهرية.يذكر أنه يتم استيراد هذه المواشي الخارجية بشكل محدود عبر موانئ حضرموت، ونظراً لكلفة المواصلات وبعد المسافة، تصل أسعارها لتوازي أسعار المواشي البلدي، وبالتالي لا يحدث أي تنافس يذكر.
المصدر: المشاهد