"لاي فاي" والثورة التقنية.. اتصل بالإنترنت عبر مصباحك!

إذا نظرنا إلى روتين حياتنا اليومي، في العمل وفي البيت وفي المرافق العامة، نلاحظ أن سؤالاً واحداً أخذ يتكرر بشكل كبير في السنوات الأخيرة؛ وهو: "هل لديك واي فاي؟"، "هل من الممكن أن تعطيني كلمة مرور الواي فاي؟" وما إلى ذلك من أسئلة شبيهة لطلب الاتصال بالإنترنت في كل مكان.

 

"الإنترنت في كل مكان"، هو تماماً ما اجتمعت كبرى الشركات التقنية في العالم لمناقشته في المؤتمر العالمي للموبايل في مدينة برشلونة الإسبانية، والذي بدأ جدوله الثلاثاء الماضي واستمر حتى يوم الخميس من الأسبوع المنصرم. وتعرض خلاله أحدث التقنيات والمشاريع الريادية التي ستدخل حيز التنفيذ قريباً، لتجعل العالم كله متصلاً بالإنترنت في كل وقت.

 

قريباً جداً، ستصبح أضواء بيتك هي ذاتها مصدر اتصالك بالإنترنت، بدلاً من أن تعتمد في اتصالك على أجهزة وتوصيلات كثيرة. فبحسب ما قال المتحدث باسم المشروع الريادي الفرنسي "Oledcomm"، خلال المؤتمر، فإن تقنية "لا فاي" ستكون متوفرة في يد المستخدمين خلال عامين من اليوم، وخلال عرضه استخدم مصباحاً مكتبياً بسيطاً من أجل تشغيل لعبة على جهاز هاتف ذكي، مستعرضاً قدرات التقنية الجديدة التي وصفت بـ"الثورية".

 

مميزات التقنية الجديدة كثيرة؛ فكون الضوء هو ناقل هذه الموجات سيجعل سرعتها من سرعة الضوء؛ أي 100 ضعف سرعة "الواي فاي"، كما أن عدم اختراق الضوء للجدران سيجعل هذه الطريقة أكثر أماناً، فمن غير الممكن أن يتم استخدام شبكتك والوصول إلى بياناتك الشخصية من جهة خارج المكان.

 

فبحسب مؤسس شركة "Oledcomm" المسؤولة عن تطوير هذه التقنية، سوات توبسو، فإنه تم تجربة تقنية "لاي فاي" في المختبرات وأثبتت أن سرعتها بلغت 200 غيغابايت، وهو ما يكفي لتحميل 23 دي في دي في ثانية واحدة، وهو أسرع 100 مرة من الواي فاي الذي يستخدم موجات الراديو لنقل البيانات.

 

ولم تبقَ هذه التقنية حبيسة المختبرات التكنولوجية، فقد خرجت عام 2015 لتجربتها في ظروف الحياة اليومية في عدة أماكن في فرنسا، بما في ذلك المتاحف والمجمعات التجارية. كما تم فحص فاعليتها في عدة دول بالعالم مثل بلجيكا وأستونيا والهند.

 

وفي هذا السياق ذكرت صحيفة "ذا ديلي ميل" الأمريكية أن محللين يتوقعون أن هناك مليون جهاز إلكتروني إضافي سيتصل بالإنترنت خلال 4 سنوات، وأن ذلك سيشكل ضغطاً على نظام الواي فاي. فبحسب توبسو، مستقبلاً لن تكون الحواسيب والهواتف الذكية هي فقط ما يتصل بالإنترنت، فالسعي هو لربط كل شيء بالإنترنت، مثل جهاز تحضير القهوة، وغسالة الملابس أو حتى فرشاة الأسنان، وهذا يشكل ضغطاً على نظام واي فاي الذي يسمح لــ10 أجهزة تقريباً بالاتصال به دون عراقيل.

 

لكن السؤال المطروح هو إن كانت التقنية الجديدة سوف تستبدل بالقديمة أم أن الواي فاي سيحافظ على وجوده. كما أن استخدام الضوء للاتصال بالإنترنت يثير التساؤلات حول نوع المصابيح التي يتحدثون عنها، وإن كان ذلك يشمل مصابيح الشوارع والمركبات فقد يكون لذلك إسقاطات اجتماعية كثيرة يمكننا توقع جزء منها. فالاتصال بالإنترنت على مدار الساعة وفي كل مكان قد يزيد من تعلق الناس بالتواصل الافتراضي، ويجلب معه سلوكيات جديدة لم نعهدها.