قد تكون واحداً من الأشخاص الذين يضطرون لتغيير التاريخ في ساعاتهم الأوتوماتيكية بداية كل شهر، لكن هل تعلم أن ساعات اليد الأوتوماتيكية من طراز التقويم الدائم Perpetual Calendar قادرة على حساب عدد الأيام في كل شهر وتغيير التاريخ أوتوماتيكياً لكافة شهور السنة، بما في ذلك شهر فبراير/شباط في السنة الكبيسة ذو الـ 29 يوماً؟
تتعرف الساعة بفضل ميكانيكيتها وتصميمها على شهر فبراير/شباط وكذلك الأشهر ذات الـ 30 يوماً والأشهر ذات الـ 31 يوماً، وتقوم بتغيير التاريخ بنفسها دون حاجة إلى تعديل التاريخ يدوياً بداية كل شهر.
وتسمى هذه الساعات ساعات التقويم الدائم أو Perpetual Calendar، وتعتبر من الساعات ذات درجة التعقيد العالية وفقاً لتصنيف التعقيدات الميكانيكية في الساعات الأوتوماتيكية، وتحتاج هذه وفقاً لحسابات علم الفلك إلى الضبط مرةً واحدةً كل 100 عام لتبقى دقيقة في حساب التاريخ، كما تقوم بحساب وإظهار التقويم كاملاً - أي اليوم والتاريخ والشهر -.
على سبيل المثال: الثلاثاء الأول من شهر مارس/آذار، بالإضافة بطبيعة الحال إلى الوقت وأحياناً المرحلة القمرية وتعقيدات أخرى.
وعادة ما يحتفي صناع الساعات السويسريون بهذه الساعات ذات التقويم الدائم، ويقدمونها على أنها أيقونات وتحف فنية ميكانيكية قيمة لما يتطلب إنتاجها من مهارة عالية وساعات عمل طويلة جداً وجهد وصبر لتركيب مئات القطع الشديدة الصغر من مكونات حركة الساعة، الأمر الذي يتم على أيدي حرفيين تراكمت لديهم سنوات الخبرة في هذا المجال، كما يتطلب إنتاجها اجتياز اختبارات الجودة والأداء وتشغيلها عبر جهاز الدوران والمحاكاة لساعات، وربما شهور لضمان جودتها وأدائها قبل الانتهاء منها وتسليمها لمن يستطيع دفع ثمنها من عشاق الساعات.
ويعتبر تعقيد التقويم الدائم من أبرز وأغلى تعقيدات الساعات في العالم اليوم، حيث يتم إنتاجه داخل الدار ولا يتم تصنيعه من قبل طرف ثالث كما هي الحال مع بعض التعقيدات الأخرى، مثل الساعة القافزة أو الكرونوغراف، أو التقويم السنوي والذي يقترب في درجة التعقيد إلى التقويم الدائم لكنه يحتاج إلى الضبط مرة واحدة فقط في السنة، حيث يقوم المستخدم بتغيير التاريخ من 28 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار، قافزا على الأرقام 29 و30 و31 في خانة التاريخ في السنوات البسيطة ومن 29 فبراير/شباط إلى 1 مارس/آذار في السنة الكبيسة.
وورغم أن عملية تغيير التاريخ في الساعة اليدوية كل شهر ليست بتلك العملية الصعبة أو المعقدة في الساعات العادية، فإن صناع الساعات الرواد يقومون بمحاولة التغلب على العقبات بطريقة ميكانيكية خلاقة في تحد واضح لقدرة الإنسان على الابتكار والتطوير، لتتمكن أنت من معرفة الوقت بدقة وكذلك اليوم والتاريخ والشهر وحجم القمر وحساب التوقيت بدقة في المناطق الزمنية المختلفة، كل ذلك يتولد من حركة أوتوماتيكية ميكانيكية داخل الساعة دون استخدام أي عناصر خارجية، ما يجعل الساعة في نهاية الأمر تحفةً فنيةً حقيقيةً بالفعل.
التصميم والميكانيكية
السنة الحالية 2016 هي سنة التقويم الدائم بامتياز باعتبارها سنة كبيسة أو Leap Year، ما يدفع هواة وجامعي الساعات للاهتمام بعرض ساعاتهم ذات التقويم السنوي التي صممت لتميز السنة الكبيسة وتغير التاريخ من تلقاء نفسها، وكذلك يتم التركيز عليها في المعارض العالمية والمتخصصة كمعرض بازل السويسري السنوي والذي يعتبر من أكبر معارض الساعات في العالم، وسنحاول هنا شرح آلية عمل التقويم الدائم.
المسألة ببساطة تكمن في وجود تروس دقيقة مسننة حول دائرة محرك السنوات تتحرك بعد ضبطها للمرة الأولى فتمكن مؤشر التاريخ في الساعة من القفز عن التاريخ وفقاً للشهر محققة دورة كاملة “سنة”، وتتكرر هذه المسألة لثلاث سنوات، وفي السنة الرابعة تتحرك الدائرة على السن ذو الشكل المختلف لتميز السنة الكبيسة فتغير التاريخ مانحة فبراير/شباط يوماً إضافياً، ثم تتكرر المسألة كذلك كل أربعة أعوام لمدة 100 عام تقريباً.
ولأن المسألة مرتبطة بعلم بالفلك والحساب وبعدد أيام السنة على وجه الدقة، فإن المرة القادمة التي سيحتاج صاحب الساعة ذات التقويم الدائم إلى تعديلها يدوياً هي عام 2100 ثم بعدها بمئة سنة في 2200 ثم بعدها بقرن 2300 ولن تحتاج الساعة إلى التغيير في عام 2400.
تنتج العديد من الشركات السويسرية العريقة ساعات التقويم السنوي، لكن إنتاج الساعات ذات التقويم الدائم تتطلب خبرات ومهارات لا تتوفر لكل الشركات، فيقتصر إنتاجها على الشركات العريقة والكبيرة فقط.
ومن أبرز الساعات ذات التقويم السنوي الجديدة ساعة اوديمار بيجيه الأخيرة التي أضيف لها عداد مؤشر الأسابيع الجديد ليحسب 52 أسبوعاً في السنة، وكذلك المرحلة القمرية لتتميز بذلك عن بقية الساعات في هذه الفئة.
كما توجد ساعة باتيك فيليب ذات التقويم الدائم المميزة، وكذلك ساعة فاشرون كونستانتين ذات التقويم الدائم، وساعة جيجر لاكوتر، وساعة بلانبين، وساعة كارتييه، وساعة آلونج أن شون، وساعة جلاشوته، وساعة روجر ديبوس، وجابريل فورسيه، وغيرها الكثير من الساعات المتوفرة من صانعين مختلفين.
وكما أشرنا سابقاً، فإن الساعة تتميز بإضافة تعقيدات على التعقيد الأساسي هنا وهو التقويم الدائم فالبعض يزيد عليه تعقيد الكرونوغراف كساعة آلونج أند شونه، والبعض يزيد عليه عداد الأسابيع مثل اوديمار بيجيه والبعض يزيد عليه عداد السنوات كما في ساعة آي دبليو سي بورتوجيز.
في النهاية، يشار إلى أن الساعات ذات التقويم الدائم من الساعات التي يزيد ثمنها مع مرور الوقت وتعتبر من الساعات التي يحرص جامعوا الساعات على اقتنائها، كما أنها لا تتوفر دائماً في بوتيكات الساعات نظراً لندرة إنتاجها مقارنة بالساعات الأخرى، كما أنها مرتفعة الثمن نظراً لما تمثله صناعتها من تحد ولما تتطلبه من معرفة عميقة في موضوع الحركات الأوتوماتيكية والتعقيدات الميكانيكية.
وتتراوح أسعار هذه الساعات بين 30 ألف دولار إلى 100 ألف دولار فأكثر، وفقاً لتفاصيل الساعة والحركة والدار المصنعة لها.