وجد العالم النفسي، ميريل إلياس، أدلة تشير إلى أنه من الأرجح أن يكون عشاق تناول الشكولاتة عباقرة.
ففي منتصف السبعينات من القرن الماضي، بدأ عالم النفس ميريل إلياس تتبع القدرات المعرفية لأكثر من 1000 شخص بولاية نيويورك. وكان الهدف محدداً للغاية: مراقبة العلاقة بين ضغط الدم والأداء العقلي لهؤلاء الأشخاص.
إلياس استمر في القيام بذلك على مدار عقود، ما أدى إلى التوسع في دراسة مين-سيراكوز الطولية إلى تناول عوامل الخطورة على القلب والأوعية الدموية.
ولم يكن هناك أي إدراك بعد انقضاء 40 عاماً بأن تؤدي بحوثه إلى أي اكتشاف بشأن الشيكولاتة، بحسب تقرير نشرته صحيفة الإندبندنت البريطانية، الثلاثاء 8 مارس/أذار 2016.
وفي مرحلة لاحقة من الدراسة، خطر ببال إلياس وفريقه فكرة ما. لماذا لا نسأل المشاركين عما يأكلونه أيضاً؟ واتضح أن النظام الغذائي بصفة عامة يؤثر على العوامل التي يرصدونها بالفعل، وعلاوة على ذلك، كان المشاركون الخاضعون للدراسة تحت سيطرتهم، وهي فرصة جيدة للتعرف بمزيد من التفاصيل على القرارات التي يتخذها الأشخاص بشأن الطعام.
وأضاف الباحثون استبياناً جديداً – يجمع كافة المعلومات المتعلقة بالعادات الغذائية – إلى المرحلة السادسة لجمع البيانات فيما بين عامي 2001 و2006 (كان مجموع مراحل جمع البيانات 7، وتم إجراء كل مرحلة منها على مدار 5 سنوات).
تناول الشيكولاتة مرة أسبوعياً
وقد كشفت تلك المراحل عن نمطاً مثيراً، وقال إلياس "وجدنا أن الأداء المعرفي يتحسن لدى هؤلاء الذين يتناولون الشيكولاتة مرة أسبوعياً على الأقل، وهو أمر هام ويتناول عدد من المجالات المعرفية".
وتأتي النتائج، التي تم توثيقها ضمن دراسة حديثة صدرت خلال الشهر الماضي، بفضل اهتمام باحثة التغذية بجامعة جنوب أستراليا، "جورجينا كريشتون"، التي قادت عملية التحليل.
وأوضحت الدراسات السابقة أن تناول الشيكولاتة يرتبط بالعديد من النتائج الصحية الإيجابية؛ ومع ذلك، لم يستكشف تأثيرها على المخ والسلوك العام سوى عدد قليل من الدراسات، وكانت تلك فرصة فريدة على حد قول كريشتون، ولم يكن حجم العينة كبيراً فحسب، بل ربما كانت البيانات المعرفية أكثر شمولاً من أي دراسة أخرى.
ففي التحليل الأول، قارنت كريشتون، بالتعاون مع إلياس وعلاء الكروي أخصائي علم الأوبئة بمعهد لوكسمبورغ للصحة، متوسط النقاط خلال الاختبارات المعرفية للمشاركين الذين يتناولون الشيكولاتة مرة واحدة أسبوعياً على الأقل بنظيره لدى هؤلاء الذين يتناولونها بكميات أقل.
وقد وجدوا "علاقات إيجابية كبيرة" بين تناول الشيكولاتة والأداء المعرفي؛ وهي علاقات ظلت قائمة حتى بعد تعديل بعض المتغيرات، مثل العمر والتعليم وعوامل الخطر على القلب والأوعية الدموية والعادات الغذائية.
الذاكرة البصرية والعملية
ومن الناحية العلمية، أصبح تناول الشيكولاتة يرتبط إلى حد كبير بالذاكرة البصرية المكانية والتنظيم والذاكرة العملية والمسح والتتبع والمنطق المجرد وفحص الحالة الذهنية. "ووفقا لما أوضحته كريشتون، يتم ترجمة هذه الوظائف إلى مهام يومية مثل تذكر أرقام الهاتف أو قائمة المشتريات أو القدرة على القيام بأمرين في ذات الآونة، مثل التحدث والقيادة معا".
وفي التحليل الثاني، اختبر الباحثون ما إذا كان تناول الشيكولاتة يساعد على التنبؤ بالقدرات المعرفية أو ما إذا كان الأشخاص ذوو الأداء العقلي الأفضل ينجذبون نحو الشيكولاتة. ولذا اهتموا بدراسة مجموعة تتألف من أكثر من 300 شخصاً شاركوا في المراحل الأربعة الأولى بالإضافة إلى المرحلة السادسة من الدراسة، التي تضمنت استبيان النظام الغذائي.
فإذا كان تحسن القدرات المعرفية يتنبأ بتناول المزيد من الشيكولاتة، فلابد أن يكون هناك ارتباط بين الأداء المعرفي للأشخاص قبل الإجابة على الاستبيان وبين تناول الشيكولاتة. ومع ذلك، لم يكن هناك أي ارتباط.
وقال إلياس "من المستحيل أن تتحدث عن السببية فيما يتعلق بتصميمنا. وبذلك، تشير دراستنا بالتأكيد إلى أن تناول الشيكولاتة يؤثر على القدرة المعرفية".
ولا تستطيع أي من كريشتون أو إلياس التعرف على السبب وراء ذلك بالتحديد. وقد اعترف إلياس بأنه توقع ما هو نقيض ذلك، نظراً لمحتوى السكر الذي تتضمنه الشيكولاتة.
رفع مستويات التركيز
ومع ذلك، خطر ببالهما بعض الأفكار. فهما يعرفان على سبيل المثال أن العناصر الغذائية المعروفة باسم فلافونات الكاكاو لها تأثير إيجابي على عقول الأشخاص (ففي عام 2014، توصل أحد الباحثين إلى أنه يمكن أن تحد من بعض أعراض الاختلال الوظيفي المعرفي المرتبط بالشيخوخة).
وقد وجدت دراسة تم إجراؤها عام 2011 أنها تؤثر تأثيراً إيجابياً على العمليات السيكولوجية". إن تناول العناصر الغذائية يزيد من تدفق الدم إلى المخ، الذي يؤدي بدوره إلى تحسين عدد من وظائفه. وتحتوي الشيكولاتة أيضاً على ميثيلاكساثين، وهو مركب نباتي يحفز العديد من الوظائف البدنية، بما في ذلك مستوىات التركيز.
وأكدت العديد من الدراسات ذلك، بما في ذلك دراسة أجريت عام 2004 وأخرى عام 2005. ومع ذلك، لا تتمثل الرسالة في ضرورة أن يسارع الجميع إلى تناول الشيكولاتة، وقال إلياس "اعتقد أن ما يمكننا قوله الآن هو أنك تستطيع تناول كميات ضئيلة من الشيكولاتة دون الشعور بالذنب".