الجيش والتحالف يعكفان على تحرير المكلا من أزماتها

تعود الحياة تدريجيا إلى مدينة المكلا اليمنية الساحلية بعد مرور أقل من أسبوعين على تحريرها من قبضة تنظيم القاعدة، إذ يجري العمل على قدم وساق لضبط الأمن وتوفير الخدمات الأساسية، وإعادة فتح المدارس والمصالح الحكومية واستقبال أطنان من المساعدات الإنسانية.وقالت مصادر محلية في المكلا لـ”العرب” إن مؤسسات رسمية بدأت في مزاولة عملها.

وخلت المدينة من وجود عناصر مسلحة كانت تجوب في السابق شوارع المدينة، وتقيم حواجز تفتيش. وانتشرت قوات الجيش الوطني التابع للرئيس عبدربه منصور هادي، والمدعوم من قوات التحالف العربي، في محاولة لتثبيت الأمن.

وأواخر الشهر الماضي، تمكنت قوات الجيش الوطني بقيادة عبدالرحمن الحليلي، من طرد تنظيم القاعدة من مناطق في حضرموت، أبرزها مركزها مدينة المكلا والمطار، ومناطق في ساحل المحافظة. وقتل 800 عنصر في صفوف الجهاديين.

ولعبت القوات الخاصة الإماراتية دورا أساسيا في استعادة المدينة.

ويقول مايكل نايتس، الخبير في معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى إن “الإمارات كان لها دور حاسم في إجبار الحوثيين على التراجع عبر اللجوء إلى قدرات عسكرية متطورة في مقدمتها كتائب مشاة ميكانيكية أثبتت فاعلية حاسمة”.

وأضاف “كانت الإمارات اللاعب المركزي الرئيسي في القتال البري”. وتعززت قدرات القوات الإماراتية في مواجهة تنظيم القاعدة عبر سلسلة واسعة من القبائل التي تتعاون معها على الأرض.

وتوعد التنظيم باستهداف الضباط الذين شاركوا في تحرير المكلا. والأربعاء، نجا الحليلي من تفجير انتحاري استهدف موكبه في جنوب شرق اليمن، وأدى إلى مقتل ثمانية من مرافقيه، بحسب مصدر عسكري.

وقال الصحافي أحمد الحاج من صنعاء لـ”العرب” إن القوات اليمنية عملت تحت قيادة إماراتية خلال الأيام الثلاثة الماضية على “مداهمة عدة منازل يعتقد أنها تستخدم كأوكار من قبل خلايا نائمة تابعة للقاعدة”.

وأضاف “يبدو أن هناك إصرارا من السلطات المحلية على ترتيب الأوضاع الأمنية بحسم”.

وقال مطيع بامزاحم، الصحافي المقيم في المكلا لـ”العرب”، إن “قوات الجيش تسيطر بشكل واضح على الوضع في المدينة غير أن مديريات الأمن لم تباشر عملها حتى الآن، نظرا لعدم ترتيب قوات الشرطة والأمن الداخلي”.

وإلى جانب التحديات الأمنية، يعكف محافظ حضرموت أحمد بن بريك ومسؤولون محليون آخرون على إعادة فتح فرع البنك المركزي بعد أن تعرض في أبريل من العام الماضي لنهب واسع على أيدي مسلحي القاعدة.

كما تحاول السلطات إعادة توفير الخدمات الأساسية مرة أخرى رغم استقرار المدينة الهش.

ويقول بامزاحم إن “الخدمات الأساسية متوفرة ومستقرة إلى حد ما، باستثناء الكهرباء التي تكرر انقطاعها بالتزامن مع دخول فصل الصيف، واستمراريتها من أبرز التحديات المطروحة أمام السلطات المحلية”.

وعاد مطار الريان الرئيسي في المكلا إلى العمل مجددا، إذ استقبل طائرات تحمل مساعدات، بعدما وصلت الأحد أول طائرة إماراتية محملة باثني عشر طنا من الأدوية والمواد الطبية.

ويقول بن بريك إن المطار سيكون جاهزا لاستقبال الرحلات المدنية خلال فترة ما بين ثلاثة وخمسة أشهر.

وقال بامزاحم لـ”العرب” إن “ميناء المكلا يعمل بشكل طبيعي وقد استقبل الكثير من المساعدات التي تدفقت منذ تحرير المدينة خصوصا مساعدات الهلال الأحمر الإماراتي”.

ووفقا للسلطات المحلية، من المقرر أن تصل 17 باخرة محملة بالمواد الغذائية ومولدات الكهرباء وسيارات الإسعاف لميناء المكلا خلال أيام.

ومازال ميناء الضبة النفطي الاستراتيجي متوقفا عن العمل، إذ لا يزال الطريق الرابط بين مدينتي المكلا والشحر (68 كيلومترا شرقي المكلا) مغلقا إثر انتشار ألغام زرعها الجهاديون. وتقع منشأة الضبة النفطية الحيوية في المنتصف بين المدينتين.

واستفاد جهاديو القاعدة وداعش، من النزاع المستمر في اليمن منذ أكثر من عام بين قوات الرئيس هادي المدعوم من التحالف، والانقلابيين الحوثيين وحلفائهم الموالين للرئيس السابق علي عبدالله صالح، لتعزيز نفوذهم خصوصا في الجنوب.

وسعى الحوثيون مرارا إلى استغلال وجود القاعدة في بعض مناطق اليمن المحررة في سعيهم لإثبات أنهم الطرف اليمني الوحيد القادر على التصدي للإرهاب. كما شكل تحرير ساحل حضرموت من قبضة القاعدة نجاحا جيوسياسيا مهما نظرا للأهمية الاستراتيجية للمحافظة الأكبر في اليمن.