الوحدة اليمنية

ذكرى الوحدة لم تجد من يحتفل بها في ظل تصاعد الخلافات السياسية

تمر الذكرى الـ 26 للوحدة اليمنية التي تصادف يوم غد الاحد دون أن تجد من يحتفى بها او يتغنى بقوتها كما كان الوضع خلال العقدين الماضيين منذ قيامها في22 أيار (مايو) 1990، لما يمر به اليمن من صراع دموي دام، وتصاعد النزعة الانفصالية ليس فقط في الجنوب ولكن أيضا في جنوب الشمال.


وبدلا من الاحتفاء أو الاحتفال بذكرى الوحدى اليمنية، رسميا وشعبيا، ذكرت بعض المصادر أن فصائل انفصالية في جنوب اليمن تسعى إلى إعلان مفاجأة كبيرة اليوم السبت عشية ذكرى الوحدة، لم تكشف عن طبيعة هذه المفاجأة، لكن مصادر موثوقة أوضحت لـ(القدس العربي) أنها ستعلن خطوات إجرائية وعملية نحو انفصال المحافظات الجنوبية التي توحدت مع المحافظات الشمالية في العام 1990، رغم أن هذه الفصائل ليس لها أي سيطرة سياسية أو عسكرية على المحافظات التي يسعون إلى الانفصال التدريجي لها وتقع بالكامل تحت سيطرة السلطة الشرعية بقيادة الرئيس عبدربه منصور هادي.


وذكرت مصادر سياسية لـ(القدس العربي) أن هذه الدعوات الانفصالية او المحاولات اليائسة لم يعد لها مبرر في الجنوب، بحكم أن أغلب قيادات السلطة الراهنة ينتمون إلى محافظات الجنوب وفي مقدمتهم رئيس الجمهورية عبدربه منصور هادي وكذا رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر، ولم يعد هناك أي تهميش لأبناء المحافظات الجنوبية كما كان الوضع في عهد الرئيس السابق علي عبدالله صالح، الذي شهد عهده تهميشا كبيرا لأبناء المحافظات الجنوبية وهو الذي كان دافعا لنشوء الحركة الانفصالية في 2007 للمطالبة بفك الارتباط بالوحدة اليمنية، بذريعة التهميش السياسي والاقتصادي والعسكري وغيره.

 

وأشارت إلى أن هذه المبررات والذرائع لم تعد قائمة وإنما اصبح وضع البلد كله في مهب الريح إثر الحرب الدامية التي فرضها المتمردون الحوثيون ومن يقف وراءهم من أتباع نظام صالح وأغلب وحدات جيش الدولة السابق الذي كشفت الأحداث الراهنة ولاءه الكامل للمخلوع علي صالح، والذي سخرهم لخدمة الانقلابيين الحوثيين في الانقضاض على السلطة الشرعية بقيادة هادي لنزعة انتقامية من خصومه السياسيين ومحاولة استعادة السلطة إلى عائلته عبر مظلة المتمردين الحوثيين بعد أن فقدها في 2012 كنتيجة للثورة الشعبية التي أطاحت به ضمن موجة ثورات الربيع العربي.


وأكدت مصادر سياسية أن النزعة الانفصالية الراهنة في الجنوب اليمني، لم تعد نابعة من مبررات (التهميش) الذي طغى على المزاج الشعبي في العهد السابق وإنما نابع من مبررات جديدة، أبرزها حالة الاجتياح الحوثي المسلح للمحافظات الجنوبية، ضمن الانقلاب الحوثي على السلطة الشرعية وأن هذا الاجتياح شمالي ضد الجنوب، بينما الاجتياح العسكري الحوثي للمحافظات بدأ من أقصى محافظات الشمال حتى وصل إلى المحافظات الجنوبية.


وأشارت إلى أن المحافظات اليمنية الوسطى ومحافظات جنوب الشمال أصبحت تتجه هي الأخرى بقوة نحو الرغبة في الانفصال عن الشمال القبلي الذي يهيمن عليه اتباع المذهب الزيدي الذين أعطى المتمردون الحوثيون أسوأ صورة جمعية عنهم، على الرغم أن الغالبية العظمى من أبناء المحافظات الشمالية القبلية يعارضون التوجه الحوثي وتضرروا أكثر من غيرهم جراء التمدد الحوثي جنوبا، وتشردوا من قراهم ومساكنهم وسلبت ممتلكاتهم.


وأوضحت أن المزاج الشعبي في المحافظات الجنوبية والشرقية التي كانت تشكل دولة اليمن الجنوبي السابق قبل الوحدة، أصبح يرفض استمرار الوحدة بشكلها الراهن الذي سيطرت عقلية رجل القبيلة المستبد وفقا لما ساد في عهد المخلوع صالح، كما أن هذا التوجه لم يقتصر على محافظات دولة الجنوب سابقا، بل بدأ ينمو ويتسع في محافظات جنوب دولة الشمال السابق مثل تعز والحديدة وإب وغيرها على خلفية الاجتياح العسكري الدموي لهذه المحافظات من قبل أمراء الانقلاب العسكري الحوثي على السلطة الشرعية ومن يقف وراءهم من أركان نظام المخلوع علي صالح. 


وذكرت العديد من المصادر السياسية أن هذه النزعة الانفصالية، لا تعني العودة إلى مرحلة ما قبل الوحدة اليمنية التي أقيمت في العام 1990 بين الشطرين والجنوبي، بل ستتجاوز ذلك إلى ما هو أبعد من ذلك لتشمل محافظات الشمال، نفسها لما طالها من اجتياحات دموية ومجازر مؤسفة، خلفت جراحا غائرة وشروخا اجتماعية يصعب اندمالها في المدى المنظور. 


وفي هذا الصدد قال الكاتب الصحافي سمير رشاد اليوسفي «ليس في اليمن ديانات ولا لغات، ومع ذلك فيها ساسة ومشائخ وعسكر أسهموا في تمزيق النسيج الوطني والاجتماعي بتسلطهم وسوء إدارتهم». 
وقال «اختزلوا الوحدة لفترة في التقاسم ولاحقاً في ترفيع النائب الجنوبي إلى رئيس ولم يقتربوا من أُس المشكلة المتمثّلة في انعدام الفُرص المتساوية للتمكين حتى تحولت قضية الوحدة عند قيادات الشماليين والجنوبيين معاًإلى ورقة للمساومة والابتزاز».


وأضاف اليوسفي «لو تعامل قادة اليمن مع قضية الوحدة بمسئولية لماوصل حالنا إلى هذا المآل ولما صارت بلادنا رهن الوصاية والتدخل العربي والأجنبي».