جنود الإمارات أسود المعارك وفرسان «السهم الذهبي»

سيتذكر أبناء «عدن ولحج وأبين»، وغيرها، باعتزاز كبير وفخر بالغ تضحيات رجال الإمارات الأشاوس الذين رووا بدمائهم الطاهرة التراب اليمنية، وقدموا أرواحهم ي سبيل نصرة الحق وإعلاء راياته، ودحض الباطل والتصدي ببسالة متناهية للمشروع الفارسي الذي أرادت أطراف خارجية غرسه في خاصرة اليمن والخليج، تحت شعارات ملونة، ومقولات زائفة، ظاهرها الدين وباطنها أحزمة طائفية مقيتة، هدفها ضرب الوطن والوطنية والخصوصية والعروبة.

 

وتزخر عملية «السهم الذهبي» لتحرير عدن بشهادات عدة عن بطولات هؤلاء الأشاوس التي ستبقى عبرة طيبة للأجيال.

 

يقول محمد حسن البعداني، لاعب المنتخب اليمني الأول لكرة القدم «سابقاً»، وأحد رجال المقاومة الشعبية في عدن: ما قدمه «أبناء زايد» في عدن لا يمكن اختزاله في عدد من الكلمات أو الأسطر، إذ إن أدوارهم البطولية وشجاعتهم الفريدة ستبقى خالدة في عقول وقلوب كل اليمنيين، خاصة أبناء عدن.

 

ويضيف البعداني: كنت قريباً جداً من بعض رجال الإمارات، خاصة في جبهة «الملاح والعصيمي» شرق محافظة عدن، ورأيت بأم عيني أعمالاً وأفعالاً لن أنساها ما حييت، حيث كانوا يقاسموننا الألم والمعاناة، شعرنا كأن عدن في عيونهم هي «أبوظبي ودبي والشارقة وعجمان ورأس الخيمة والفجيرة»، وغيرها، هناك حيث تدرجوا صغاراً، وتشكل وعيهم الطفولي الأول، وتهذبت مشاعرهم، وصيغت رجولتهم، كنا نشعر بأنهم منا وإلينا، افترشنا الأرض، وتوسدنا التراب، والتحفنا السماء معاً، وجلدت حرارة الشمس ظهورنا سوياً، ولم نلحظ عليهم تململاً ولا ضيقاً أو كدراً.


ويستطرد: تركوا حياة الدعة والرخاء التي كانوا عليها في أرضهم، وجاؤوا ليقاسمونا تفاصيل الوجع والألم حيث، المتارس ولعلعة الرصاص وقذائف الدبابات، في مواقف نادرة، سيكتبها التاريخ بأحرف من نور، وستخلدها الأيام في ذاكرة الأعمال العظام والمهام الجسام.


وعن ذكرياته مع إخوانه «أبناء زايد» في معركة تحرير عدن، قال البعداني: كانوا يتوقون شوقاً لساعة الصفر، وبدء معركة تحرير عدن، يشحذون هممنا ويرفعون من معنوياتنا، كانوا متحفزين للمعركة أكثر منا، يجهزون صواريخ «الكورنيت والعقرب» الخاصة بمدافع الهاون، وكنا نساعدهم، قبل ساعتين فقط من بدء المعركة، كانوا يقولوا لنا: «اليوم يومكم يا رجال» فلن تأتي صلاة الظهر إلا ونحن في المطار، وسنتناول الإفطار سوياً في شوارع خور مكسر، وسنرفع صوت الأذان «حي على الصلاة، حي على الفلاح»، في مساجد كريتر والمعلا، بإذن الله، بعد أن غاب طوال الأشهر الأربعة الماضية. وكان لكلماتهم وتحفيزهم بالغ الأثر في نفوسنا، حيث كان الكل يطالب بأن يكون في مقدمة الصفوف لينال الريادة، ويحظى بشرف الشهادة.

 

ويضيف البعداني: طلبنا من إخوتنا الإماراتيين أن يكونوا خلفنا ليحموا ظهورنا من أي التفاف ينفذه العدو علينا، لكنهم رفضوا وأصروا على أن يكونوا هم في المقدمة ونحن خلفهم، ويستطرد شهادة لله والتاريخ، والله على ما أقول شهيد، «رأيناهم أسوداً يدكون بفضل الله كل دفاعات العدو، وكانوا في مقدمة من اقتحموا سور مطار عدن الدولي».


ويواصل البعداني: انهمرت دموعنا ونحن نستمع لأذان العصر من أحد المساجد القريبة من المطار، كما وعدنا إخوتنا الإماراتيون، وقبلنا تراب خور مكسر والمعلا والقلوعة، وبقية المناطق المحررة، ولم يكتف الإماراتيون بذلك، بل انتقلوا معنا بعد تطهير كل مدن محافظة عدن إلى محافظتي لحج وأبين، وسقط منهم شهداء، واختلطت دماؤنا بدمائهم الزكية، ورسمنا معاً لوحة النصر العظيم، فكانوا نعم المدد والسند.


واختتم البعداني حديثه بالقول: أدرك أنني مهما تكلمت ومهما قلت، فلن أوفي إخواننا الإماراتيين حقهم، ولكني أكتفي وأختتم حديثي بالمثل الدارج: «من خلّف رجال ما مات».. رحم الله الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، والرحمة لكل الشهداء الأبطال.