السفير البريطاني يدعو الحوثي وصالح للترحيب بنجاحات التحالف ويوجه صفعة قوية لمطالبي الانفصال

قال إدموند براون، السفير البريطاني في اليمن، إن الحوثيين فشلوا باستمرار في الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي، واستمروا في استخدام القوة لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك الهجمات ضد الحدود السعودية.


وعبر براون في حوار مع صحيفة «الشرق الأوسط» قبيل مغادرته لقضاء إجازته في بريطانيا، عن قلق المملكة المتحدة من تقارير تفيد بأن إيران قامت بنقل أسلحة إلى اليمن، مطالًبا إياها بأن تكون جزًءا بّناء من الحل، من خلال تعزيز الاستقرار، وإظهار الالتزام بوحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه.

 

وشدد السفير البريطاني على أن تقويض الحوثيين وصالح لمؤسسات الدولة اليمنية هو المسؤول الأول عن انتشار العنف المتطرف. متهًما إياهم بتعمد خلق عدم الاستقرار عن طريق الإفراج عن السجناء الخطرين من السجون. مشيًرا إلى أنهم إذا كانوا صادقين يجب أن يرحبوا بالنجاحات التي حققها التحالف العربي والحكومة اليمنية ضد الإرهاب.


وقال: على الرئيس السابق علي عبد الله صالح التوقف عن الإدلاء بتصريحات تهاجم المجتمع الدولي وتقوض فرص السلام في اليمن، مبيًنا أن سلوكه وألفاظه العامة طوال فترة الصراع مقوضة للسلام.


وحذر السفير من أن عمليات البنك المركزي قد تأثرت بشدة من جراء الصراع الحالي وما نتج عنها من نقص في الإيرادات، لافًتا إلى أن سعر صرف الريال الرسمي شهد أكبر انخفاض في مرة واحدة، حيث انخفض بمقدار 16 في المائة قبل شهرين، وسوف يشهد المزيد من الانخفاض.. وتطرق السفير لعمليات تجنيد الأطفال من قبل الميليشيات، ودور لجنة حقوق الإنسان المستقلة في مسألة المجرمين وغيرها من القضايا.


وفيما يلي تفاصيل الحوار..
* كيف تنظر بريطانيا إلى الانقلاب الحوثي في 21 سبتمبر (أيلول) 2014 والاستيلاء على صنعاء؟
­ عارضت المملكة المتحدة استخدام العنف من قبل الحوثيين للاستيلاء على صنعاء وأجزاء أخرى كثيرة من البلاد، لهذا السبب أيدنا قرار مجلس الأمن رقم 2216 الذي يمثل الإطار الدولي لتحقيق وقف إطلاق نار فوري ودائم في اليمن، بما في ذلك آلية سحب القوات، والإفراج عن السجناء السياسيين واستئناف عملية سياسية شاملة.


* لعبت المملكة المتحدة دوًرا مهًما في محاولة التوصل إلى تسوية سياسية سلمية بين الأطراف اليمنية، ما تعليقكم على رفض الحوثيين التوقيع على خارطة طريق للأمم المتحدة بعد أن وّقع وفد الحكومة اليمنية ذلك؟
­ المملكة المتحدة تعرب عن أسفها لفشل الأطراف في التوصل إلى اتفاق في الكويت، ونحثهم على العثور على الحلول التوفيقية التي من شأنها وضع حد للصراع الحالي. الحوثيون يجب أن يبدوا التزامهم بالسلام، ونحن لا نزال نؤيد بشدة عمل المبعوث الخاص للأمم المتحدة، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، وجهوده الدؤوبة في العمل مع جميع الأطراف لتحقيق السلام في اليمن، ومن الأهمية بمكان الآن أن تجدد جميع أطراف الصراع الالتزام بوقف الأعمال العدائية من أجل شعب اليمن، بما في ذلك المشاركة الفعالة من قبل الحوثيين في لجنة التهدئة والتنسيق. الوضع الإنساني والاقتصادي المتردي في البلاد يعني أنه من الضروري للغاية أن تستمر المحادثات، ويتم العثور على طريق نحو السلام.


* هل تعتقد أن الحوثيين قّللوا من شأن الدول الراعية والأمم المتحدة لعدم إيفائهم بوعودهم للالتزام
بالقرارات الدولية وتنفيذها؟

لقد فشل الحوثيون باستمرار في الالتزام بقرارات مجلس الأمن الدولي وتنفيذ الالتزامات الواردة في اتفاق السلم والشراكة الوطنية في سبتمبر 2014 ،واستمروا في استخدام القوة لتحقيق أهدافهم، بما في ذلك الهجمات ضد الحدود السعودية. المملكة المتحدة على اتصال مع الحوثيين لتشجيعهم على الانخراط بشكل بناء في العملية السياسية التي تقودها الأمم المتحدة، ووقف الأعمال العدائية، والعودة إلى عملية الانتقال السياسي. نحن أيًضا قلقون بشأن الانتهاكات المزعومة لحقوق الإنسان، وأهمية الامتثال للقانون الدولي الإنساني.


* منذ البداية كان واضًحا أن الدور الخفي للرئيس السابق صالح لعب دوًرا في استيلاء الحوثيين على صنعاء، ومؤخًرا تم الإعلان عن ذلك بشكل واضح. ما هي وجهة نظرك من الدور الذي لعبه صالح في اليمن منذ أن غادر السلطة؟
­ من الواضح أن صالح وأولئك المتحالفين معه قد لعبوا دوًرا في زعزعة الاستقرار في اليمن. وقد اتخذ صالح قراًرا بالقيام بأعمال تهدف إلى تهديد السلام والأمن والاستقرار في اليمن. صالح مثل جميع من هم في اليمن يجب أن يحترموا قيم الديمقراطية وإرادة الشعب اليمني. ونظًرا لدوره في تقويض السلام في اليمن أقر قرار مجلس الأمن 2140(2014) فرض عقوبات، بما في ذلك تجميد الأصول العامة، وحظر السفر، وحظر توريد الأسلحة إلى صالح.


* في آخر خطاب لصالح قال إن المبادرة الخليجية ماتت ودفنت، وهي التي وفرت له الحصانة من الملاحقة القضائية. في رأيك هل تعتقد أن صالح أخذ في الاعتبار رفع الحصانة عنه، وأنه سيكون عرضة للملاحقة نظًرا للدور السلبي الذي لعبه في البلاد؟
­ نحن نحث صالح على احترام قرار مجلس الأمن رقم 2216 ،ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي،
ومخرجات الحوار الوطني لعام 2014 .وهذا هو أفضل وسيلة لتحقيق السلام والاستقرار على المدى الطويل في اليمن. وكان سلوك صالح وألفاظه العامة طوال فترة الصراع مقوضة للسلام. يجب عليه التوقف عن الإدلاء بتصريحات تهاجم المجتمع الدولي وتقوض فرص السلام في اليمن.


* بعد إعلان الحوثيين وصالح عن «المجلس السياسي الأعلى»، ورفض الشرعية الدولية (بما في ذلك بريطانيا) اعتماد إجراءات أحادية الجانب، بما في ذلك وجود نية لتشكيل حكومة جديدة وإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية، كيف تنظرون إلى تأثير هذا في عملية السلام؟
­ ليس هناك شك في أن الإعلان عن «المجلس السياسي الأعلى» كان علامة على سوء نية من جانب
الحوثيين وصالح، ويهدف إلى تقويض عملية السلام للأمم المتحدة. ودعا وزير الخارجية البريطاني جميع الأطراف على عدم اتخاذ أي إجراء من جانب واحد تقوض احتمالات السلام. ونفس الشيء قاله المبعوث الخاص للأمم المتحدة. الحوثيون وصالح يجب أن يشاركوا بشكل بناء في إجراءات الأمم المتحدة على أساس المرجعيات المعتمدة للمحادثات التي ترعاها الأمم المتحدة، وهي قرارات مجلس الأمن الدولي ذات الصلة، بما فيها القرار 2216 ،ومبادرة دول مجلس التعاون الخليجي، ونتائج مؤتمر الحوار الوطني.


* كيف تنظر المملكة المتحدة إلى قضية الجنوب وتقرير المصير؟
­ موقف المملكة المتحدة هو مجلس الأمن الدولي، وهو دعم وحدة وسيادة واستقلال اليمن. نحن نعلم أن هناك مشاعر انفصالية في أجزاء من الجنوب، ونحن ندعم المطالبات بهيكل جديد للدولة الذي من شأنه أن يعطي قدًرا أكبر من الحكم الذاتي للأقاليم في اليمن على النحو المتفق عليه في الحوار الوطني. ونحث جميع الفئات في الجنوب لتحقيق تطلعاتهم من خلال الحوار السلمي والامتناع عن العنف.


* وفًقا للجنة الوطنية لحقوق الإنسان المستقلة تم تجنيد أكثر من 378 طفلاً كجنود من قبل الحوثيين، وربما هذا العدد أكبر من ذلك. كيف يمكن ردع هذه الميليشيات من استخدام الجنود الأطفال؟
­ المملكة المتحدة تشعر بقلق بالغ إزاء استخدام الجنود الأطفال في اليمن، وندعو إلى وضع حد فوري لهذه الممارسة، ونرحب بالتقدم الذي أحرزته اللجنة الوطنية المستقلة لحقوق الإنسان. عمل اللجنة هو أمر حيوي في الحد من انتهاكات حقوق الإنسان وتقديم المسؤولين عنها للمساءلة. المملكة المتحدة دعمت قرار مجلس حقوق الإنسان في الأمم المتحدة في أكتوبر (تشرين الأول) 2015 والذي دعا الأمم المتحدة لمساعدة اللجنة في هذا الصدد.


* المملكة المتحدة تلعب دوًرا مهًما في دعم اليمن اقتصادًيا، وتقديم الدعم الإنساني، هل من الممكن أن تعطينا المزيد من التفاصيل حول هذه الجهود؟
­ المملكة المتحدة هي رابع أكبر دولة مانحة خلال هذه الأزمة وضاعفنا المساعدات الإنسانية إلى الضعف لليمن، والتي تصل إلى 85 مليون جنيه إسترليني للسنة المالية 2015 / 2016 .لقد ساعدنا حتى الآن أكثر من 3.1 مليون يمني بالمساعدات المنقذة للحياة، مثل الإمدادات الطبية والمياه والغذاء والمأوى في حالات الطوارئ، وكذلك دعمنا اللاجئين والمهاجرين. يتم تقديم دعمنا من خلال الأمم المتحدة (اليونيسيف، وبرنامج الأغذية العالمي، والمفوضية الدولية للاجئين، ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية)، ومن خلال المنظمات الدولية والمنظمات غير الحكومية (مثل أوكسفام ومنظمة إنقاذ الطفولة وكير والمنظمة الدولية للهجرة).

* حذر خبراء بريطانيون من الانهيار الاقتصادي والمالي الممكن في اليمن بعد تدخل الحوثيين في البنك المركزي. ما التدابير التي يمكن اتخاذها لتجنب ذلك؟
­ عمليات البنك المركزي قد تأثرت بشدة من جراء الصراع الحالي، وما نتج عنها من نقص في الإيرادات. اقتصاد اليمن آخذ في الانكماش مع نمو سلبي وزيادة للديون وسرعة تراجع الاحتياطات من العملة الأجنبية وأزمة السيولة. هناك خطر متزايد من انخفاض قيمة العملة، وانخفاض الواردات الحساسة، مثل المواد الغذائية والأدوية؛ لأن المستوردين غير قادرين على الحصول على التمويل، وعدم دفع ديون البلاد، وتوقف دفع رواتب القطاع العام سيدفع المزيد من الناس إلى طلب مساعدات إنسانية. شهد سعر صرف الريال الرسمي أكبر انخفاض في مرة واحدة، حيث انخفض بمقدار 16 في المائة قبل شهرين، وسوف يشهد المزيد من الانخفاض.

التدابير الممكنة: في نهاية المطاف الحل السياسي سوف يخلق بيئة ليبدأ الاقتصاد اليمني العمل مرة أخرى من أجل شعبه، وسيمكن البنك المركزي من أن يعمل بشكل طبيعي. ولعل من أهم ما يجب اتخاذه على الفور هو ضخ سيولة من الريال اليمني، وهذا يعني أن الرواتب سيمكن دفعها لجميع أنحاء البلاد. كما سيكون من المهم وضع النظام الذي يتيح إنتاج النفط والغاز في اليمن، وبدء تصديره لتتدفق الإيرادات ليتم استخدامها بصورة عادلة من أجل الصالح العام. وبالإضافة إلى ذلك، سوف نحتاج إلى الحفاظ على الدين الخارجي لليمن. لكن هناك حاجة إلى اتفاق سياسي لتمكن من تنفيذ هذه التدابير.


* كيف تنظر المملكة المتحدة إلى الدور الإيراني في اليمن، خاصة بعد البيان الرسمي الإيراني، مؤكًدا أن الحوثيين كانوا يستخدمون الصواريخ الإيرانية «زلزال» في ضرب بعض المدن السعودية الحدودية مثل نجران؟
­ نحن قلقون من تقارير تفيد بأن إيران قامت بنقل أسلحة إلى اليمن، ونشجع إيران لإظهار أنها يمكن أن تكون جزًءا بناء من الحل، من خلال تعزيز الاستقرار، وإظهار الالتزام بوحدة وسيادة واستقلال اليمن وسلامة أراضيه.


* تمكنت قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية بمساعدة التحالف العربي من تخليص معظم المناطق الجنوبية من المنظمات الإرهابية مثل «داعش» و«القاعدة»، وكان آخرها في محافظة أبين بعد العمليات السابقة في عدن وحضرموت، وهناك أيضا خطة لمحافظة شبوة. ما رأيك في هذه الانتصارات؟
­ نحن نرحب بتقارير الحكومة اليمنية ونجاح التحالف في معالجة التهديد الإرهابي في المنطقة. للأسف استطاعت منظمات مثل «داعش» و«القاعدة» في شبه جزيرة العرب من الاستفادة من الصراع وعدم الاستقرار في اليمن. الحوثيون وصالح قالوا إنهم ضد هذه المجموعات، ولكن تقويضهم لمؤسسات الدولة اليمنية هو المسؤول الأول عن انتشار العنف المتطرف. وأيًضا الحوثيون وصالح عمدوا إلى خلق عدم الاستقرار عن طريق الإفراج عن السجناء الخطرين من السجون. إذا كانوا صادقين يجب أن يرحبوا بالنجاحات التي حققها التحالف العربي والحكومة اليمنية ضد الإرهاب. في نهاية المطاف، من الأهمية بمكان أن تتفق جميع الأطراف على حل سياسي يحقق الاستقرار على المدى الطويل في اليمن والمنطقة.


* أخيًرا، من خلال تجربتك، كيف تنظرون إلى مستقبل هذا البلد والقلق المتنامي من استمرار الحرب على مدى سنوات كثيرة؟
­ يحدوني أمل صادق في أن اليمن يمكنه الخروج من هذا الصراع الحالي والمضي قدًما نحو مستقبل مزدهر وديمقراطي. والحكومة البريطانية تبذل كل ما في وسعها لدعم هذا الهدف، من خلال عملية السلام التي ترعاها الأمم المتحدة للسلام، ومن خلال المساهمة الإنسانية للمملكة المتحدة. اليمن هي الآن واحدة من أخطر الأزمات الإنسانية في العالم. يجب على أطراف النزاع الاتفاق على حل سلمي يضمن الاستقرار للشعب اليمني.