أظهرت وثائق اطلعت عليها وكالة "رويترز"، أن كبار تجار اليمن أوقفوا واردات القمح الجديدة بسبب أزمة في البنك المركزي، في انتكاسة أخرى للبلد الذي مزقته الحرب حيث يعاني الملايين من نقص شديد في التغذية.
ويواجه أكثر من نصف سكان اليمن البالغ عددهم 28 مليون نسمة "انعدام الأمن الغذائي" مع معاناة سبعة ملايين منهم من جوع دائم، وفقا للأمم المتحدة.
في غضون ذلك، تحذر وكالات الإغاثة من أن اليمن على حافة المجاعة.
وقالت الحكومة اليمنية الشرعية إن الحوثيين أهدروا نحو أربعة ملايين دولار على المجهود الحربي من احتياطيات البنك المركزي، بينما يزعم الحوثيون أن هذه المبالغ مولت واردات الأغذية والأدوية.
وقالت مجموعة فاهم، إحدى أكبر شركات التجارة بالبلاد، في خطاب إلى وزارة التجارة اليمنية بصنعاء في 30 نوفمبر/تشرين الثاني، والتي كانت الشركة تتعامل معها قبل مرسوم هادي القاضي بنقل البنك المركزي إلى عدن، إنها تود أن تخطر الوزارة بأنها غير قادرة على تنفيذ أي عقود للقمح، لأن المصارف المحلية عاجزة عن تحويل قيمة النقد الأجنبي لإتمام عملية شراء أي شحنات.
وقالت المجموعة، في الخطاب الذي اطلعت عليه "رويترز"، إنها ترغب في مواصلة استيراد القمح لتغطية احتياجات السكان، لكنها لم تعد قادرة على فتح خطابات اعتماد. والخبز غذاء رئيسي في اليمن.
وحتى قبل انتقاله إلى عدن وبهدف دعم الاحتياطيات المتناقصة، توقف البنك المركزي عن تقديم الضمانات للمستوردين، ما اضطرهم إلى تمويل الشحنات بأنفسهم.
واستوردت مجموعة فاهم ما يقدر بنحو 1.2 مليون طن من القمح إلى ميناء الصليف الواقع على البحر الأحمر في الفترة بين إبريل/ نيسان 2015 وإبريل/ نيسان 2016، بما يعادل 30% إلى 40% من إجمالي واردات اليمن من القمح، وفقا لتقديرات تجارية.
نقل البنك المركزي
قال مصدر في البنك المركزي بالعاصمة صنعاء التي يسيطر عليها الحوثيون، إن البنك لا يستطيع الوصول إلى احتياطيات النقد الأجنبي على الإطلاق. وأضاف: "سيكون على المستوردين التحول إلى البنك المركزي في عدن للحصول على النقد الأجنبي. هذا أمر خارج عن سيطرتنا".
وتابع: "واردات القمح متوقفة منذ أقل قليلاً من شهر (مضى) والاحتياطيات تكفي قرابة شهرين حاليا مع وصول بعض الصفقات السابقة".
ولم ترد وزارة التجارة في صنعاء على طلبات للتعليق. ولم يتسن الوصول إلى منصر القعيطي، محافظ البنك المركزي في عدن، ووزير التجارة في عدن للتعقيب.
وكان القعيطي الذي عينه هادي، قال في السابق إن البنك ليست لديه أموال. ونقلت "رويترز" عن جيمي مكجولدريك، منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في اليمن، قوله: "في ضوء هذه الإخطارات من مستوردي الأغذية هؤلاء، فإن جلب القمح سينطوي على تحديات وصعوبات لبعض الوقت، بل وقد يكون مستحيلا".
أزمة غذاء
ما زالت الإمدادات تصل إلى أجزاء عديدة من اليمن بما في ذلك الحديدة وعدن، لكن مناطق أخرى، لا سيما تعز في الجنوب وصعدة في الشمال وشبوة في الوسط والمهرة في الشرق، تعاني للحصول على الشحنات بسبب القتال، وفقا لما تظهره بيانات الوكالات الأممية.
وفي الآونة الأخيرة، بات هناك نقص في الزيوت النباتية ودقيق القمح (الطحين) والسكر في تلك المناطق، لكن التفاصيل الدقيقة ليست متاحة حتى الساعة.
وأظهرت بيانات أن أسعار الدقيق والسكر ارتفعت في المتوسط نحو 25% في نوفمبر/تشرين الثاني في عموم اليمن عن أسعارهما قبل الحرب. وبلغت أحجام واردات الوقود في نوفمبر/ تشرين الثاني 40% فقط من متطلبات اليمن الشهرية.
وقالت منظمة الأمم المتحدة للطفولة (يونيسيف)، إن سوء التغذية بين الأطفال بلغ أعلى مستوى على الإطلاق، حيث يوجد نحو 2.2 مليون طفل يحتاجون إلى رعاية عاجلة، بزيادة نحو 200% منذ 2014.
وحذرت مؤسسة الإغاثة العالمية أوكسفام هذا الشهر من أنه بناء على واردات الغذاء الحالية، فإن اليمن سيخلو من الغذاء في غضون أشهر قليلة. وقال مارك جولدرنغ، الرئيس التنفيذي لأوكسفام، إن "اليمن يتضور جوعا ببطء حتى الموت".