غالباً ما يضفي اقتراب عيد الفطر فرحة في نفوس الأطفالالذين ينتظرونه على أحرّ من الجمر، ليظهروا في أول أيامه بأجمل حلّة. أما في العراق، فيأتي العيد والأطفال الأيتام، يبكون حزناً على أبٍ فقدوه، أو غياب من يصحبهم إلى السوق ليشتري لهم ما يريدون.
من أحد مخيمات النازحين الواقع في بلدة عامرية الفلوجة بمحافظة الأنبار (غرب العراق)، يطلق الطفل أنس (12 عاما) دموعه سائلاً عن العيد، ويقول: "منذ ثلاث سنوات والعيد لا قيمة له عندي بعد أن فقدت والدي بقصف طائرة أميركية أثناء محاولة هروبنا من مدينة الفلوجة، التي كانت تشهد قتالا ضد تنظيم داعش".
ويضيف "الجميع يفرح في أيام العيد إلا أنا، أقضيه بالبكاء على والدي الذي كان يصحبني إلى المحال الراقية ليشتري لي أجمل الملابس"، مؤكدا لـ"العربي الجديد"، أنه يعيش اليوم مع أمه وأخيه الصغير مأساة لا يمكن أن توصف.
ويتابع "لا أحد يقدر أننا أيتام، وأن أمي أرملة"، مؤكدا أن "مسؤولي المخيم يطلبون منا بين الحين والآخر المغادرة، لكننا لا نستطيع لأننا عاجزون عن توفير الإيجار للسكن مجددا في الفلوجة".
أما آية عماد (9 سنوات) التي تسكن حيّ العدل في بغداد، فتقول إن والدتها اشترت لها كل ما يتعلق بالعيد، إلا أنها لم تكتف بذلك لأنها تريد والدها الضابط في الجيش العراقي الذي قتل مطلع عام 2017 خلال المعارك مع تنظيم "داعش" الإرهابي.
وتضيف "كل شيء يذكرني بأبي الذي لا يعوضه شيء"، مبينة لـ"العربي الجديد" أنها مستعدة للتنازل عن كل شيء مقابل أن يحضنها أبوها.
وتقول أم علاء إن طفليها التوأم علاء وصفاء (8 سنوات) فقدا والدهما بتفجير سيارة مفخخة في حي الكرادة وسط بغداد عام 2016، وإنها تعاني كثيرا من إلحاح طفليها، وتكرار سؤالهم عن سبب غياب والدهم طوال هذه المدة التي قاربت العامين.
وتؤكد "في بادئ الأمر أخفيت خبر مقتل زوجي عن الطفلين وأبعدتهما عن مراسم العزاء، وبعد كثرة سؤالهم بدأت أخبرهم أن والدهما مات، وهو الآن في الجنة، لكنهم لم يقتنعوا بهذه الفكرة".
وتتابع حديثها لـ"العربي الجديد" قائلة: "أكثر ما يؤلمهما ويؤلمني هو العيد الذي كان يجمعنا بوالدهما الذي كان يأخذنا بجولة للتبضع ثم زيارة المتنزهات والأهل والأقارب". وأوضحت أنها تتمنى لو أن العيد لا يأتي كي لا تشاهد لوعة طفليها المحرومين من الأبوة.
يشار إلى أن عدد الأيتام في العراق ازداد كثيراً بعد اجتياح تنظيم "داعش" للموصل ومدن عراقية أخرى منتصف عام 2014، وما تلا ذلك من حروب وصراعات. وأوضح تقرير لمنظمة "يونيسف" العام الماضي أن عدد الأيتام في العراق يصل إلى خمسة ملايين طفل فقدوا أحد الأبوين أو كليهما.