نشرت صحيفة "فزغلياد" الروسية تقريرا تحدثت فيه عن الخلاف القائم بين دول حلف شمال الأطلسي والولايات المتحدة الأمريكية، وهو ما أكده الأمين العام للحلف، ينس ستولتنبرغ، الذي دعا بدوره إلى توخي الحذر من أجل ضمان استمرارية ووحدة هذه المنظمة.
وقالت الصحيفة، في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إن هذه أول مرة يقع فيها الإعلان بشكل صريح عن وجود خطر يهدد وحدة منظمة حلف شمال الأطلسي، منذ ما يقارب 70 سنة من تاريخ تأسيسها. وعقب مغادرته لقمة مجموعة الدول السبع المنعقدة في كندا، تم تداول بعض الشائعات التي تفيد بأن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، صرح بأن توقيع اتفاقية التجارة الحرة لأمريكا الشمالية، ومعاهدة إنشاء منظمة حلف شمال الأطلسي من ضمن الأعمال غير المدروسة والخطوات الغبية، التي اتخذت من جانب الولايات المتحدة.
وذكرت الصحيفة أن تصرفات دونالد ترامب تؤكد صحة هذه الشائعات، لا سيما بعد انتقاده الحلف خلال حملته الانتخابية، وتشكيكه في الهدف من وجوده، معتبرا أن جميع المهام تقع على عاتق الأمريكيين نظرا لضعف المساهمة المالية لبقية أعضاء الحلف.
وبينت الصحيفة أن دونالد ترامب استمر في انتقاد الحلف حتى بعد دخوله البيت الأبيض، وتوليه الإدارة الأمريكية، معتبرا إياه منظمة قد عفى عليها الزمن. ولكن سرعان ما تراجع ترامب عن هذه الفكرة إثر الاجتماع الأول الذي جمع بينه وبين الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ في الربيع الماضي.
وفي الواقع، يرغب رئيس البيت الأبيض في تعزيز النفوذ الأمريكي عن طريق تعظيم القوة المحلية، بما في ذلك الاقتصاد الأمريكي، وهو يعتقد أن جميع التحالفات الخارجية، فضلا عن الدور الأمريكي في انتشار العولمة، لا يعود بفائدة تذكر على البلاد ولا يخدم المصالح الأمريكية.
وأوضحت الصحيفة أن نمو الاتحاد الأوروبي لا يصاحبه تفاقم الاختلافات الداخلية فحسب، بل يحمل معه بعض الاختلافات إلى داخل منظمة حلف شمال الأطلسي، التي تعتبر المثال الرئيسي والوحيد للوحدة الغربية. وتعد قمة مجموعة الدول السبع ذات طابع استشاري، بينما يعتبر حلف الناتو، الذي تأسس سنة 1949، بمثابة آلية للسيطرة على النخب المتجاوزة لحدود السلطة الوطنية في أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية.
وذكرت الصحيفة أن الأمين العام لحلف شمال الأطلسي، ينس ستولتنبرغ، نشر عشية زيارته إلى لندن مقالا في صحيفة "الغارديان"، أعلن فيه عن وجود خلافات حقيقة بين الولايات المتحدة والحلفاء الآخرين؛ ما يهدد نظام العلاقات عبر الأطلسي، والتحالف العسكري، ويفرض بعض الخلافات السياسية، التي أحدثت شرخا في العلاقات بين الحلفاء.
ونقلت الصحيفة تصريح ستولتنبرغ الذي قال: "لطالما انحصرت اهتماماتنا في التمسك بوحدتنا من أجل ضمان الحماية. وفي الوقت الراهن، نحن في وضع لا يمكن التنبؤ بتبعاته الأمنية، لا سيما في ظل انتشار الإرهاب الدولي والأسلحة النووية والهجمات الإلكترونية، فضلا عن روسيا التي تستخدم القوة ضد جيرانها وتحاول التدخل في شؤوننا الداخلية".
وفي جل تصريحاته، ركز ستولتنبرغ على الخلافات القائمة بين الولايات المتحدة وأوروبا، في الوقت الذي يعاني فيه الناتو من سلسلة من التوترات السياسية بشأن علاقات بلدان أوروبا الغربية مع تركيا، واختلاف المواقف تجاه مسألة اللاجئين.
وأفادت الصحيفة بأن تفاقم التناقضات الأمريكية الأوروبية يؤدي إلى تعميق الأزمة داخل الاتحاد الأوروبي، نظرا لاختلاف المصالح والأولويات الجيوسياسية. وبات واضحا أن أعضاء حلف شمال الأطلسي، في ظل غياب الولايات المتحدة، غير قادرين على التقدم خطوة إلى الأمام. كما أن تسليط ترامب الضوء على حجم التناقضات الأوروبية الأمريكية لا يخدم مصالح الحلف، ويهدد وحدته ونشاطه.
وأشارت الصحيفة إلى أن مناقشة المسائل الخلافية داخل منابر الناتو على غرار، الملف الإيراني ورهاناته الأمنية وقواعد التجارة العالمية، يغير من طبيعة الناتو، الذي لم يكن الهدف من تأسيسه إجراء محادثات وتوضيح العلاقات. وعند انعقاد قمة حلف شمال الأطلسي ببروكسل السنة الماضية، ضغط ترامب على الأوروبيين حاثا إياهم على الالتزام بتعهداتهم حول زيادة الإنفاق على متطلبات الحلف، بنسبة 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي.
وفي مقالته، ذكر ستولتنبرغ أن الولايات المتحدة وكندا تعملان على زيادة نسبة مشاركتهما في تعزيز الأمن الأوروبي، ويظهر ذلك من خلال ترفيع إدارة ترامب في الإنفاق على نشر القوات الأمريكية في أوروبا بنسبة 40 في المائة.
وفي الختام، أشارت الصحيفة إلى الصعوبات التي ستعترض قمة حلف شمال الأطلسي التي ستعقد بتاريخ 11 تموز/ يوليو، التي كان من المقرر عقدها في تركيا، إلا أنه على خلفية توتر العلاقات الأمريكية التركية، تم تغيير المكان لتنعقد في بروكسل هذه السنة.