ميناء الحديدة

مجلة أمريكية تكشف تفاصيل خُطّة "غريفيث" بشأن السلام في الحُديدة

تعتقد مجلة "ذا اتلانتك" الأمريكيّة أن هناك إمكانية لتحقيق انفراج في حرب اليمن، حالياً -في العام الرابع-، وقد تكون تلك الإمكانية في متناول اليد.

ففي الأسبوع الماضي قدم مارتن غريفيث، مبعوث الأمم المتحدة الجديد إلى اليمن، اقتراحا من شأنه أن يجنب الحديدة حرباً جديدة، وهي المدينة التي يصل عدد سكانها إلى 600 ألف شخص، ويعتبر ميناءها شريان الحياة الاقتصادي لملايين اليمنيين.

وتقول المجلة، "الآن، الأمر متروك لجماعة الحوثي التي تحتل الحديدة، جنبا إلى جنب مع حكومة عبد ربه منصور هادي المعترف بها دوليا والتحالف الذي تقوده السعودية الذي يدعمه، لتقديم ردودهم على مبادرة "غريفيث".

إذا رفض أي من هذه الأطراف خطة جريفيث - أو إذا أخفقت القوى الغربية في ممارسة الضغط الكافي على حلفائها في الخليج لقبولها - فإنها سوف تكون متواطئة في المأساة التي ستتبع ذلك وإدامة الحرب التي تسببت في أزمة إنسانية باهظة هي الأكثر سوءاً في العالم.

ولفتت المجلة إلى أنه ومع وجود القوات المدعومة من الإمارات العربية المتحدة على مشارف الحديدة والحوثيين الذين يقومون بالتحضير لمعركة طويلة، فإن هذه الإجابات لا يمكن أن تأتي بسرعة كافية.

في حين أن خطة غريفيث لم يتم نشرها بعد، فقد تم تسريب جزء كبير منها؛ وتشمل التفاصيل انسحاب الحوثي على مراحل من ميناء ومدينة الحديدة، إلى جانب ميناءين آخرين قريبين. وستساعد الأمم المتحدة الموظفين اليمنيين على إدارة مرفق الميناء، كما ستساعد الحكومة المحلية والشرطة في إدارة المدينة. ولأن هؤلاء الموظفين المحليين ظلوا محايدين إلى حد كبير أثناء الحرب في اليمن، فإنهم يجب أن يكونوا مقبولين من جميع الأطراف.

 وفي المقابل، ستنسحب القوات المدعومة من الإمارات من المدينة تدريجيا. سوف ترتبط الصفقة بوقف إطلاق نار في معظم البلاد بشكل أوسع، والعودة إلى محادثات السلام بعد توقف دام عامين.

ولفتت المجلة إلى أن معظم الأطراف تتحوط الآن. على الرغم من ذلك فقد أظهر الحوثيون بعض المرونة. لقد وافقوا على تسليم الميناء رغم اشتراطهم التحكم في السيطرة على المدينة. من جانبها، كانت حكومة هادي إيجابية إلى حد ما بشأن مقترح الأمم المتحدة - وإن كان ذلك أساساً لأنها تعتقد أن الحوثيين سيرفضونها ، لا لأنهم يشعرون بالحاجة إلى التوسط في تسوية معهم. في الواقع، حتى مع إقرارهم بكون ضغطهم العسكري هو ما سيجبر الحوثيين على الجلوس في المفاوضات. إلا أنَّ الحكومة والتحالف يجادلان بأن الحوثيين لا يفاوضون بحسن نية. ويشيرون إلى أن الحوثيين عززوا دفاعاتهم في الحديدة وحولها، ويلفتون إلى حالات سابقة عندما كان الحوثيون يتراجعون عن كلمتهم.

ولفتت المجلة إلى أن مخاوف الحكومة المعترف بها دولياً والتحالف مشروعة، لكن اقتراح الأمم المتحدة يستحق فرصة. وقد جادل المسؤولون الإماراتيون مرارًا وتكرارًا بأن تهديد بلاستيلاء بالقوة على الحديدة كان يهدف إلى زيادة مرونة الحوثي. إذا لم يستطع التحالف التقاط الفرصة الآن والقول "نعم"، فما هو الهدف من ذلك التهديد؟

وكما يقول التحالف العربي، أنه وحتى لو تم إقرار "أفكار غريفيث" من قِبل الجميع، فإن الأمم المتحدة تفتقر للقدرة على تنفيذها. لكن من المؤكد أن هذا لا ينبغي أن يقف في طريق التوصل إلى اتفاق يمكن أن يجنب آلاف الأرواح الموت. هناك علاج مباشر: إذا احتاجت الأمم المتحدة إلى دعم، فمن المنطقي أن تقدم الدول الأعضاء في الأمم المتحدة هذا الدعم.

وتقول المجلة: "في بعض الأحيان، تتصرف الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية كما لو كان يجب مكافأتهما بصفقة أفضل لمجرد كبح نفسها من تنفيذ اعتداءهم. لكن تجنب معركة في الميناء لا يقدم للعالم خِدمات - إنه يفي بالتزام أخلاقي وسياسي ويمنح التحالف طريقة لحفظ ماء الوجه لتحقيق أهدافه دون خوض معركة قد لا يفوز بها.

وتنتقل المجلة إلى ما قد يحتاج إليه "غريفيث" من أجل "صفقة السلام" ووضعها في الطريق الصحيح، وتقول إنه يحتاج إلى الكثير من الدعم الخطابي الذي كان معظمه خلال الفترات الماضية "خالياً وحذراً" من قِبل عواصم الدول الغبي وأعضاء مجلس الأمن.

وأشارت إلى أن "البلدان ذات النفوذ على الأطراف المتحاربة تواجه خياراً: إما أن تستمر في القيام بالألعاب البهلوانية اللفظية (التلاعب بالألفاظ) وتُتهم بالتواطؤ أو أن تضع قوتها السياسية وراء دعوتهم للتوصل إلى تسوية تفاوضية.

 في حالة إيران -التي زعمت باستمرار أنها قادرة على المساعدة في حل النزاع- يمكنها أن تضع أقدام الحوثيين على النار في الوقت الذي تضغط عليهم للقبول بمقترحات الأمم لإدارة الميناء والمدينة وليس الميناء فقط.

لكن المسؤولية عن التوصل إلى نهاية تفاوضية للحرب تقع بشكل رئيسي على عاتق الولايات المتحدة وفرنسا وبريطانيا. كلهم لديهم نفوذ ملموس على التحالف العربي الذي يأتي من مبيعاتهم للأسلحة للسعوديين والإماراتيين. بشكل فردي، يمكن أن يكون كل شيء قوياً في قلقهم من هجوم على الحديدة، لكن علانية، هم أكثر خفوتاً بكثير. يتحدث المسؤولون الأميركيون وراء الأبواب المغلقة، ويخشون من أن القتال من أجل الميناء والمدينة قد يكون كارثياً. في المقابل، تعهدت تصريحات وزير الخارجية مايك بومبو العلني بأن الولايات المتحدة "تراقب" الوضع في الحديدة. يجب أن يتغير هذا، وبالضغط من الكونغرس على الإدارة يمكن أن يحدث ذلك.

ولفتت المجلة إلى أن هناك بالتأكيد أسباب تجعل التحالف المناهض للحوثيين يرفض وقف حملته للسيطرة على الحديدة. لقد حققت تقدما عسكريا بشكل لا يمكن إنكاره في الأشهر الأخيرة، مما منحها حافزا أقل لقبول خطة غريفيث.

واستدركت بالقول: "لكن التحالف واجه مقاومة غير متوقعة في جهوده للاستيلاء على الميناء وكافح للحفاظ على خطوط الإمداد". وبينما يدعي أن الوقف الحالي في حملتها يهدف إلى تسهيل الدبلوماسية، فمن الواضح أنه يواجه مشاكل تشغيلية على الأرض.

واختتمت المجلة بالقول: أنه لا يمكن أن يكون هناك نصر عسكري نظيف بمجرد وصول المعركة إلى مدينة الحديدة. وحتى لو نجحت قوات التحالف هناك، فمن غير المحتمل أن يتلاشى الحوثيون. الأولويات اليوم واضحة: أولاً، إقناع الأطراف بقبول حل وسط في الحديدة، ثم استئناف المفاوضات لإنهاء الصراع الأوسع. توجد فرصة حقيقية، وحتى إنَّ كانت ضعيفة، لتحقيق كليهما. لكنها ستكون فرصة ضائعة وفشل أخلاقي إذا تم تبديدها.

كتب التحليل للمجلة روبرت مالي الرئيس والمدير التنفيذي لمجموعة الأزمة الدولية، وبيتر ساليسبري، الصحافي والمحلل السياسي المختص في شؤون اليمن ومحلل أول في معهد تشاتام هاوس.

ترجمة: يمن مونيتور