مدرهة الحجاج في اليمن

«مدرهة الحج» باليمن.. تأرجح بين السياسة والموروث الديني

حول «مدرهة» في صنعاء القديمة، يلتف مئات اليمنيين للمشاركة في تقليد شعبي متوارث ومرتبط بالركن الأعظم من الإسلام، راجين السلامة لحجاج بيت الله الحرام.

 

هذا المشهد يتكرر سنوياً في صنعاء ومحافظات أخرى منذ سنوات طويلة، لكن طقوس هذا العام لـ«مدرهة الحج» التي بدأ نصبها منذ أيام، أخذت طابعا غلب عليه البعد السياسي.

 

و«المدرهة» (الأرجوحة) من أشهر العادات والتقاليد اليمنية المرتبطة بموسم الحج، ويتم نصبها في الحدائق العامة والمتنزهات وأحواش المنازل والبساتين المنتشرة في العاصمة صنعاء.

 

**لأغراض سياسية

لكن التقليد الذي ارتبط بالموروث الزيدي (نسبة إلى الإمام زيد ابن علي) في شمالي اليمن والعاصمة صنعاء (يسيطر عليها الحوثي)، وُظفت هذا الموسم سياسياً، ما تسبب بعزوف قطاع كبير من اليمنيين عن المشاركة في فعالية نصبها.

 

وبحسب مذكرة رسمية أصدرها وزير الشباب والرياضة في حكومة الحوثيين (غير معترف بها دوليا)، حسن زيد، الأسبوع الماضي، فقد وجّه بنصب «المدرهة وتوظيفها ضد التحالف العربي».

 

وتربط فعاليات «المدرهة» بإلقاء الخطب والمواعظ القصيرة التي تُذكّر بفضل الحج والحجاج، وقيم التكافل والتراحم في عيد الأضحى، ويرافقها تأدية موشحات دينية من الموروث الديني الشعبي.

 

كما تحظى تلك الفعاليات بحضور كثيف من النساء والأطفال، الذين يحرصون على تزيين حبال الأرجوحة بالزهور المحلية، لكن ذلك تراجع هذا الموسم.

 

ويقول عدد من أشخاص للأناضول إن المتحدثين الذين استندوا إلى توجيهات جماعة الحوثي، أفرغوا الطقوس الموسمية الروحانية للمدرهة من قيمتها.

 

وأشاروا دون ذكر أسمائهم، إلى أن كلمات المتحدثين تركزّت في مهاجمة التحالف العربي بقيادة السعودية، ودعوة الناس للحرب التي تشهدها البلاد منذ أكثر من 3 أعوام.

 

**طقوس الموروث الشعبي

وقال أحدهم «إن الحرب لم تمنع اليمنيين من إحياء هذا الموروث الشعبي، خصوصاً أن تلك العادة مرتبطة بذكريات الطفولة والفرح والأمنيات للحجاج بالعودة من الحج بالسلامة».

 

وأضاف: «كان الناس يتحلقون (يلتفون) حول المدرهة بجرسها الذي يتردد رنينه في وسط صنعاء القديمة، وبالمشاقر والحلوى التي يوزعها الأطفال والنساء على الحاضرين، لكن اليوم لم نعد نسمع إلا أصوات الحرب والعدوان».

 

وتقام «المدرهة» عن طريق نصب عمودين خشبيين أو حديديين، ثم توضع فوقهما خشبة ثالثة، يتدلى منها حبل توضع في وسطه خشبة صلبة، في انتظار استقبال من يتطلّع إلى ممارسة هذا الموروث اليمني.

 

وما إن تبدأ أفواج الحجاج اليمنيين بالتوجّه إلى بيت الله الحرام في مكة المكرمة، حتى يبدأ الأطفال، ومن خلفهم كبار السن، بنصب أعمدة الأرجوحة، وترديد أهازيج وأغانٍ، متمنّين للحجاج أن يتقبل الله منهم ويعيدهم سالمين.

 

وليحصل كل شخص على دوره، يخضع الجميع لنظام خاص توارثه اليمنيون عبر الأجيال؛ حيث يخصص الصباح والعصر للأطفال ومن رافقهم من النساء، فيما يحصل الشباب والرجال مساء على نصيبهم.

 

ويردّد اليمنيون أثناء اللعب أدعية تكون في أغلبها للحجاج من أجل أن يحفظهم الله، وأن يتقبل منهم حجهم، وأن يعيدهم إلى ذويهم سالمين.

 

وأمس الأحد، قال وزير الأوقاف والإرشاد اليمني أحمد عطية، إن عدد الحجاج اليمنيين الذين وصلوا السعودية من مناطق سيطرة جماعة «الحوثي» بلغ 7 آلاف حاج، من أصل 24 الفاً يعتزمون أداء مناسك الحج هذا العام.

 

ومنذ أكثر من ثلاثة أعوام يشهد اليمن حرباً بين القوات الحكومية، مدعومة بتحالف عربي تقوده الجارة السعودية، وبين المسلحين الحوثيين، المتهمين بتلقي دعم إيراني، والذين يسيطرون على عدة محافظات، بينها العاصمة صنعاء منذ 2014.