المصور محمد الطاهري

القناص.. قصة "مصور صحفي" قُتل في تعز قنصا!

بينما كان المصور الصحفي محمد الطاهري، يحاول إسعاف أحد ضحايا المواجهات بين قوات الجيش ومسلحين تابعين لكتائب أبي العباس، إلى مستشفى المظفر بمدينة تعز (جنوب غرب اليمن)، مساء الأحد، أصيب برصاصة غادرة من قبل قناص مجهول، ليسقط مضرجاً بدمائه، ويفارق الحياة على الفور.
نجا الصحفي الطاهري من قناصة الحوثيين وقذائفهم التي تستهدف الأحياء السكنية بتعز، منذ أكثر من ثلاث سنوات، لكنه لم ينجُ من قناصة رفقاء السلاح المتقاتلين في المدينة الموجوعة، وبعد أن وثق بعدسته آلاف الصور التي تحكي معاناة أبناء الحالمة جراء الحرب والحصار.
ولم يكن أصدقاؤه الذين أطلقوا عليه، قبل سنوات، لقب “القناص”، لبراعته في التصوير، يتصورون أن نهايته ستكون على يد قناص من نوع آخر، لا يعير حياة المدنيين الأبرياء أي اهتمام، وكأنه خُلق فقط للقتل وسفك الدماء في مدينة صار أهلها يتلقون الموت من كل جانب.
وفي مفارقة عجيبة، نعى المصور الصحفي محمد الطاهري، قبل رحيله بساعات قليلة، على صفحته بموقع “فيسبوك”، صديقه أيمن العزي الذي قُتل خلال الاشتباكات الدائرة بين فصائل الجيش في مدينة تعز، ليلقى المصير ذاته بعد ساعات.
ويعمل الطاهري كمصور متعاون مع وسائل الإعلام، إضافة إلى عمله مسؤولاً للعلاقات العامة والإعلام في مستشفى المظفر للأمومة والطفولة،‏ وقائداً لفريق “أنت الخير” التطوعي، الذي ينشط في المجال الإنساني بمدينة تعز.

المصور محمد الطاهري مع مجموعة اطفال من المهمشين فى تعز

وأثار مقتل الصحفي والناشط الطاهري، غضب الناشطين المدنيين في مدينة تعز، والذين طالبوا الجهات الأمنية في المدينة بالقبض على القتلة وإنزال العقوبات الرادعة لمنع تكرار مثل هذه الجرائم بحق المدنيين الأبرياء.
ودعوا محافظ تعز، والسلطات الأمنية، إلى تشكيل لجنة للتحقيق في مقتل الطاهري، والكشف عن المسؤولين عنها، كما دعوا فصائل الجيش إلى التوقف عن الاقتتال داخل المدينة المزدحمة بالسكان، معتبرين ذلك جريمة حرب لا تسقط بالتقادم، ويجعلهم شركاء في تحمل المسؤولية عن كل جريمة قتل تستهدف المدنيين.
وتجددت الاشتباكات بين قوات الجيش ومسلحين يتبعون كتائب أبي العباس، السبت الماضي، في شارع 26 سبتمبر، وتوسعت لتصل إلى أحياء باب موسى وصينة وشارع المرور وسط المدينة، ما تسبب في إغلاق المحلات وخلق حالة من الرعب في أوساط السكان الذين لزموا منازلهم، وامتنعوا عن الخروج.
بدورها، حملت نقابة الصحفيين اليمنيين، قيادة الأجهزة الأمنية والإدارية والعسكرية في مدينة تعز، مسؤولية إزهاق أرواح المدنيين والصحافيين جراء عبثها بالأمن واستهتارها بحياة المواطنين.
واعتبر رئيس لجنة التدريب والتأهيل في نقابة الصحفيين اليمنيين نبيل الأسيدي، استهداف الطاهري، جريمة ضد الإنسانية يحاسب عليها القانون الدولي، داعياً إلى محاسبة مرتكبيها.
وكانت النقابة كشفت في تقارير سابقة لها، أن 27 صحفياً يمنياً قدموا حياتهم رخيصة من أجل حق المجتمع في الحصول على المعلومات، مشيرة إلى أن أصحاب الأقلام وحملة الرسالة الإعلامية، دفعوا ثمناً باهظاً عُمد بالدم، منذ نهاية العام 2014 حتى اليوم.

 

المشاهد