قبالة سواحل شاطئ مدينة مارتيل شمالي المغرب، ظهر قبل أسبوعين قارب مطاطي من النوع السريع أو كما سماه المغاربة » القارب الشبح «، وهو يقوم بتحميل مجموعة من الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة ، قبل أن ينطلق بسرعة لم تستطع معها وحدات البحرية الملكية المغربية اللحاق به.
لكن السلطات المغربية، أعلنت مساء الثلاثاء 25 سبتمبر/أيلول 2018، أنها تمكنت من إيقاف قارب مطاطي كان على متنه مجموعة من المهاجرين غير الشرعيين المغاربة، ويقوده شاب إسباني، وهي العملية التي أدت إلى مقتل امرأة مغربية وإصابة ثلاثة آخرين.
قارب «الفونتوم» الشبح يُحير البرحية الملكية المغربية
إذ حيَّر القارب الشبح «الفونتوم»، كما سمَّاه المغاربة على شبكات التواصل الاجتماعي، السلطات المغربية والإسبانية على السواء، خاصة أنه يقوم بنقل الشباب المغاربة الراغبين في الهجرة إلى السواحل الأوروبية بالمجان.
وقد دفع انتشار مقاطع فيديو للقارب «الشبح» على صفحات شبكات التواصل الاجتماعي، مجموعةً العاطلين من الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة إلى التوجه صوب السواحل الشمالية للمملكة، في انتظار فرصتهم لامتطاء «الشبح» لوصول الضفة الشمالية من المتوسط.
وتحوّل هذا القارب إلى لغزٍ حيَّر البحرية الملكية المغربية ، ما صعَّب عليها إعطاء تفسير لما يحصل. واكتفت الرباط ببلاغ للقيادة العامة للقوات المسلحة الملكية، قالت فيه إنها تمكنت بالتعاون مع الدرك الملكي، من «إحباط محاولة للهجرة السرية انطلاقاً من شاطئ مارتيل».
وجاء البلاغ بعد هذه العملية، وهي الخامسة في ظرف شهر واحد، التي نفَّذها القارب الشبح ، السبت 22 سبتمبر/أيلول، على السواحل المغربية. وأفاد البلاغ أن هذا التدخل «أجبر القارب على الفرار إلى عرض البحر»، دون أن ينجح أي من المرشحين للهجرة السرية في ركوبه.
«الشعب يريد الهجرة فابور»
وخرج مئات من الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة ، السبت 22 سبتمبر/أيلول 2018، في مظاهرة في مدينة مارتيل الساحلية، بمجرد فرار القارب الشبح بعد مطاردته من قبل قوات البحرية، رفعوا خلالها شعارات مطالبة بالهجرة: «الشعب يريد الحريك»، «الشعب يريد الهجرة فابور»، أي «الشعب يريد الهجرة بالمجان».
وشهدت الشواطئ المغربية خمس عمليات تهريب الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة بواسطة القارب الشبح في ظرف لا يتعدَّى الشهر الواحد، في كل من سيدي قنقوش، إقليم طنجة، وفي بليونش، الفنيدق، ومارتيل ووادي لو في إقليم تطوان، ونجح المهربون في ثلاثة منها في نقل شباب مغاربة للضفة الأخرى.
إعلانات على الفيسبوك تشجع الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة
وعرفت هذه المناطق توافد أعداد كبيرة من الشباب، سواء من شمال المغرب أو المناطق الداخلية، أملاً في ركوب «الشبح». وانتشرت بعض الإعلانات على فيسبوك، تخبر الراغبين في الهجرة بالانتقال لهذه النقاط، في انتظار عودة «الفونتوم». «هي دعوات مفبركة، وليس لها علاقة بالمهرِّبين»، يقول محمد بن عيسى رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان في مارتيل.
وأصبح هذا التدفقالكبير الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة يقلق السلطات المغربية التي تقوم في الوقت الحالي بحملات وسط هذه المناطق، لتوقيف الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة المنحدرين من مناطق أخرى، قبل نقلهم إلى مدنهم. «لقد تم نقل أكثر من 150 شاباً إلى المدن الداخلية» انطلاقاً من مارتيل، يفيد بن عيسى. ويؤكد بن عيسى أن هذه التوقيفات «غير قانونية، وقد يتخلَّلها العنف من قبل القوات العمومية».
وذكر موقع «اليوم 24» المغربي، أن مدينتي تطوان والحسيمة تعرفان حالة تأهب من قبل بعض الشباب المغاربة الراغبين بالهجرة ، والذين يرابطون قرب الشاطئ من أجل الاستفادة من الهجرة السرية بالمجان، التي أطلقتها جهات مجهولة وغير معروفة الأهداف، من أيام على شبكات التواصل الاجتماعي.
وتزامناً مع ذلك، تقوم الأجهزة الأمنية بحملة أمنية تمشيطية لشواطئ مدينتي الحسيمة وتطوان، من أجل مطاردة بعض المهربين الذين يحثون الشباب على الهجرة السرية، لأسباب لم يستطع الأمن إلى حدود الساعة فكّ شفراتها.
رغم تأكيد الحكومة فتحها تحقيقات في هذه القضية. كما يقوم الأمن بنصب حواجز أمنية، من أجل التحقق من هوية الأشخاص الذين يلجون المدينة، لاسيما بعد ترحيل المهاجرين الأفارقة في الأيام الماضية إلى وسط وجنوب المملكة، خوفاً من عودتهم إلى الشمال.
مَن يقف وراء هذه العمليات؟
وتعليقاً على هذه الحملة المجهولة وغير المعروفة الأهداف، رجَّح محمد بنعيسى، رئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، لموقع «اليوم 24″، إمكانية أن يكون أباطرة ترهيب المخدرات بين شمالي المملكة والجنوب الإسباني وراء حملة الهجرة السرية وبالمجان، أحياناً، على متن قوارب الموت في محاولة لاستفزاز الدولة المغربية والاتحاد الأوروبي والحكومة الإسبانية.
وأوضح أن ذلك يهدف إلى ممارسة الضغط بعد تفكيك الأجهزة الأمنية المغربية بتنسيق مع الأوربيين منذ 2017 منظمات إجرامية دولية قوية متخصصة في تهريب الحشيش والكوكايين، وحجز أطنان من المخدرين، واعتقال مهربين كما حدث مثلاً في سواحل الداخلة أقصى جنوب المغرب قبل شهور، وفي إحدى الضيعات الفلاحية بين الصخيرات وتمارة جنوب العاصمة الرباط، في أكبر عملية حجز من هذا النوع في المغرب.
وبالنسبة لرئيس مرصد الشمال لحقوق الإنسان، فإن ما يقوم به القارب الشبح «يؤكد قدرة أباطرة تهريب المخدرات بين الضفتين على تهديد استقرار البلد»، وفي تحد واضح لدولة تمتلك سيادة.
والسلطات تُعلن أخيراً عن إيقاف » القارب الشبح «
أطلقت البحرية الملكية المغربية النار، الثلاثاء 25 سبتمبر/أيلول، على زورق يُقلّ مهاجرين غير قانونيين في البحر المتوسط، بعد أن رفض الاستجابة للتحذيرات، ما أسفر عن مقتل شخص وإصابة ثلاثة، بحسب السلطات المحلية.
وذكر بلاغ للسلطات المحلية لمدينة المضيق، أن وحدة قتالية تابعة للبحرية الملكية، تعمل بالبحر الأبيض المتوسط، أقدمت الثلاثاء، على إطلاق النار على قارب مطاطي سريع يرجح أن يكون هو القارب الشبح (Go fast)، يقوده مواطن من جنسية إسبانية.
وقال بلاغ لعمالة المضيق-الفنيدق، إن القارب كان موجوداً بصفة مشبوهة بالمياه المغربية، بعد عدم امتثاله للتحذيرات الموجهة إليه من طرف البحرية الملكية المغربية . ونجم عن عملية إطلاق النار، بحسب المصدر ذاته، إصابة 4 أشخاص بجروح متفاوتة الخطورة، تم نقلهم للمستشفى الإقليمي بعمالة المضيق الفنيدق لتلقي العلاجات الضرورية.
عربي بوست