رمان صعدة

"رمان صعدة".. سباق الإنتاج في زمن الحرب!

صنعاء – عصام صبري:

يحرص علي البحري (34 عاماً) على بيع الرمان ال

صعداوي لزبائنه في كل موسم، ومثله الكثير من الباعة الذين يعرضون حبات الرمان المرصوص فوق سياراتهم وعرباتهم المكشوفة كالمجوهرات المتلألئة، في أسواق العاصمة، وعلى قارعة الطرقات الطويلة بين صنعاء وعدد من المحافظات اليمنية.


وتتصدر محافظة صعدة التي تنسب إليها تسمية الرمان “الصعداوي”، المرتبة الأولى في زراعته وإنتاجيته على مستوى اليمن، إلى جانب زراعته في محافظات صنعاء وعمران وذمار، وفقاً لإحصائيات سابقة صدرت عن وزارة الزراعة اليمنية.

إنتاج في زمن الحرب

وعلى الرغم من التداعيات السلبية التي خلفتها الحرب على القطاع الزراعي في اليمن، إلا أن الرمان الصعداوي، ما زال يحظى بإقبال كبير داخل اليمن وخارجه، لجودته العالية وتفرده في المذاق.


وشهدت الأعوام الثلاثة التي سبقت فترة الحرب في اليمن، إنتاج 30 ألف طن من فاكهة الرمان المزروعة في 2574 هكتاراً، بحسب الإحصاء الزراعي التابع لوزارة الزراعة اليمنية، لكن الإنتاج تراجع خلال فترة الحرب، بسبب تعرض بعض المزارع لقصف الطيران، وارتفاع أسعار الأسمدة والمبيدات، وانعدام المشتقات النفطية بين الحين والآخر، بحسب مزارعين.


ويقول الباحث في جامعة صنعاء المهندس الزراعي حامد عبدالله، لـ”المشاهد”: “كثير من مزارع الرمان تعرضت للقصف من قبل طائرات التحالف العربي، وقتل العشرات من المزارعين الذين لا ناقة لهم في هذه الحرب ولا جمل”.


ويضيف المهندس عبدالله أن المزارع الصعدي يولي عناية فائقة بشجرة الرمان، كونها تحتاج إلى رعاية دائمة طوال العام، من حيث توفير الماء لها باستمرار، ومكافحة الآفات التي تضربها، من أجل ألا تتراجع سمعة الرمان الصعدي بنوعيه الشهيرين المسميين “الخازمي” الفاخر، و”الطائفي”، اللذين يتميزان بلونهما الأخضر المشرب بالحمرة، وهما من أجود أنواع الرمان في السوق، والمرغوب على مستوى الوطن العربي والعالم.


والرمان فاكهة صيفية من الفصيلة الآسية، أشجاره نوعان؛ نوع يزرع لثمار الفاكهة، ونوع آخر للزينة والأزهار، ويسمى “نانا”. وزهرة رمان الفاكهة حمراء رائعة الجمال، تسمى “جلنار”. يعمر شجره إلى ما يقارب الـ50 سنة، ويمكن للشجرة أن تعطي محصولاً بعد زراعتها بـ3 سنوات. ولكن أقصى محصول لها يكون بعد 8 سنوات.


ويعتبر الرمان من أكثر الفواكه الصحية التي لها فوائد متعددة، منها: تقليل خطر الإصابة بمرض السرطان، والتقليل من خطر الإصابة بأمراض القلب، وخفض ضغط الدم، وخفض مستويات السكر في الدم، والحد من التهابات الجسم.

استمرار تصدير الرمان

ويبدأ موسم جني ثمرة الرمان الصعداوي، في شهر أغسطس، وينتهي في ديسمبر من كل عام، ومن ثم بيعه في السوق المحلي من خلال شرائه من مالكي المزارع المنتشرة في أودية ومناطق محافظة صعدة، أو من قبل وكلاء عنهم يتواجدون في السوق المركزي بمنطقة ذهبان الواقعة في الاطراف الشمالية للعاصمة صنعاء، ويُصدر إلى السعودية ودول الخليج، عن طريق أبناء صعدة الذين تربطهم علاقات تجارية قديمة مع تجار سعوديين، بحسب تاجر الفاكهة علي البحري.


ويقول البحري لـ”المشاهد”: “منذ 13 عاماً وأنا أشتري الرمان من مزرعة الشيخ وهبان العجي الواقعة في منطقة “آل حميدان سحار” بصعدة، وأقوم بنفسي بنقل البضاعة إلى صنعاء، وأجني أرباحاً لا بأس بها، لكن هذا العام الأمر قد اختلف، فقد عانيت من صعوبات جمة، بسبب ارتفاع سعر بيع الرمان من قبل مالك المزرعة الذي يشكو من انعدام مادة الديزل، وارتفاع قيمة السماد والمبيدات المستخدمة في تحسين الرمان، إلى جانب ارتفاع أجور العمال والتخزين”، مضيفاً أنه عانى من ارتفاع أجور نقل الرمان من صعدة إلى صنعاء، بسبب أزمة انعدام المشتقات النفطية، الأمر الذي أدى إلى ارتفاع سعر الكيلو الواحد من الرمان إلى 800 ريال هذا العام.


تصدير محصول الرمان لم يتوقف إلى السعودية ودول الجوار، بل وصل العام الماضي إلى دول بعيدة عن اليمن كماليزيا، بحسب المهندس عبدالله.


وبحسب صالح جار الله، مسؤول في سوق الاتحاد التعاوني الزراعي بمدينة صعدة، فإن صعدة كانت تصدر الرمان كل يوم من أيام موسم الحصاد، بقيمة 25 مليون ريال، وبكمية 100 طن داخلياً وخارجياً إلى أسواق السعودية وعمان ودبي، وغيرها من الأسواق الخارجية التي ترفد المزارع والوطن بالعملات الصعبة، وكان ما يتم تصديره خارجياً يبلغ 70% من محصول الرمان، وداخلياً 30%. ويعمل على نقله يومياً من 150 إلى 800 شاحنة، تنقل تلك الصادرات الزراعية إلى المحافظات وبلدان دول الجوار.


وتباع سلة الرمان عبوة 32 حبة، في الأسواق اليمنية، بسعر يتراوح بين 12000 و29000 ريال يمني (الدولار بـ720ريالاً)، وتباع السلة في السعودية بـ100 ريال سعودي، بحسب البحري.

البحث عن الدعم

خبراء واقتصاديون يرون أن إنتاجية الرمان وتسويقه وتصديره لا يزال بحاجة إلى مزيد من الدعم والاهتمام من خلال تطوير أنشطة الخدمات الزراعية المختلفة، إلا أن الظروف الناتجة عن الحرب ماتزال تمثل حجر عثرة أمام عملية التطوير.


وفي هذا الصدد، يؤكد المهندس فهد الجنيد، مدير الإرشاد والإعلام بوزارة الزراعة، “أن الرمان الصعدي يمثل الواجهة المشرفة لمحافظة صعدة ولليمن عموماً”.


ويقول الجنيد لـ”المشاهد”: “يجب على وسائل الإعلام المحلية الترويج للمنتجات الزراعية اليمنية، والاهتمام بنشر وبث الرسائل الهادفة الداعمة للبرامج الإرشادية والتعريفية المعنية بالقطاع الزراعي في اليمن”.

 

المشاهد