صورة تعبيرية

ريف تعز الشمالي.. "الرصاص الراجع" الموت القادم من المناسبات (إنفوجرافيك)

تعز – مجاهد حمود:

لم يكن يدرك الطفل زكريا طه عبد الرحمن ذو الـ13 عاماً، وهو في طريقه إلى سوق مديرية شرعب الرونة بمحافظة تعز (جنوب غرب اليمن)، أنه سيكون ضحية رصاصة راجعة من الجو، اخترقت إحدى قدميه.


زكريا كان ذاهباً لشراء بدلة عيد الأضحى الفائت، لكنه نقل إلى أحد مستشفيات المديرية، لسرعة إخراج الرصاصة التي استقرت في ركبته، حتى لا تتسبب في إعاقته، وهو ما حدث مع الطفلة زهور (اسم مستعار)، في 9 أكتوبر الجاري، بحسب قريبها ياسين الهلالي، الذي أكد لـ”المشاهد” أنها كانت على سطح منزلها عندما أصيبت برصاصة راجعة من أحد الأعراس في قرية المزغاف عزلة الإشراف بالرونة، اخترقت كتفها اليمنى، واستقرت الرصاصة بجوار العمود الفقري.


وتم نقل زهور إلى مستشفى المديرية، لكن حالتها كانت خطرة، فتم نقلها إلى أحد المستشفيات في محافظة إب، ومازالت ترقد فيه حتى اللحظة.
وتشير الإحصائيات التي حصل عليها “المشاهد” من مكتب الصحة بمركز مديرية شرعب الرونة، إلى أن عدد المصابين بالرصاص الراجع خلال الفترة من يناير حتى شهر أكتوبر الجاري، 8 حالات، اثنتان منها خطرتان.


ويقول الهلالي: طالما أن إطلاق الأعيرة النارية مستمر في الأعراس والمناسبات، لن تنتهي حوادث الإصابات بالراجع، ما لم يتم تدارك الأمور من قبل الجهات الأمنية وعقلاء وأعيان المنطقة، داعياً كل من له ضمير وشعور بالمسؤولية أن يعمل قدر الإمكان للحد من هذه الظاهرة السيئة بكل الطرق والوسائل، كما يدعو الجهات الإعلامية إلى تفعيل دورها في التوعية بمخاطر هذه الظاهرة الكارثية.


وناشد جهة الاختصاص سرعة إنقاذ أرواح الأبرياء، والحد من هذه الظاهرة الخطرة، مطالباً بتفعيل القانون لمنع هذه الظاهرة للحفاظ على أرواح وسلامة البشر والممتلكات.


ويتباهى الكثير من اليمنيين بإعطاء أطفالهم أسلحة نارية في الأعراس، بحسب أمين أحمد عبدالواحد، أحد أبناء مديرية الرونة، والذي أوضح أن كثيراً من ضحايا الأعراس يقتلون بيد الأطفال والمراهقين الذين يطلقون الأعيرة النارية في الأعراس.


وتطلق في الأعراس الأعيرة النارية بمختلف الأسلحة، حتى القنابل، الأمر الذي ضاعف من ضحايا الأعراس، بحسب أمين.


ويرتبط إطلاق النار في الأعراس بحجم الذخيرة المعتمدة، فكلما استمر دوي أصوات الرصاص مدة أطول وبذخائر  اكثر ، زاد العرس قيمة، حسب اعتقاد البعض، كما يقول، مضيفاً أن هذه الظاهرة تنتشر في المجتمعات المتخلفة، ظناً منهم أن فرحة العرس لا تكتمل إلا بإطلاق النار، لكنها في الواقع تحول الأعراس إلى مأتم.


ويقول الدكتور محمد دائل لـ”المشاهد” عن الظاهرة: “هي إحدى مشاكل مجتمعنا في المديرية، ولم يلتفت إليها إلا القليل، وهي ظاهرة سيئة بكل المقاييس وبكل الأحوال، وباتت تهدد حياة الناس وصحتهم، وتقلق الناس في الطرقات والمنازل.


ويضيف: “هناك ضحايا كثر، منهم من توفي، ومنهم من تسببت لهم بإعاقة دائمة وما زالوا رقوداً في المستشفيات. إنها ظاهرة لا يبيحها شرع ولا قانون ولا عرف، وسلوك غير متحضر وغير مدني، يدل على تخلف وعدم وعي المجتمع”.


ويؤكد مصدر في مديرية أمن مديرية شرعب الرونة لـ”المشاهد” أن هذه الظاهرة مقيتة وسيئة، وأن الجهات الأمنية ستعمل بكل جهدها للحد من الظاهرة، مشيراً إلى أن الظاهرة لن تنتهي بجهد إدارة الأمن ما لم يكن هناك وعي من قبل أفراد المجتمع أنفسهم، وتعاون مع الجهات الأمنية، خاصة في ظل الوضع الحالي المتردي على كل المستويات، كما يقول.


وعمل أهالي المنطقة على إطلاق مبادرة والتوقيع على عريضة تتضمن منع إطلاق النار في أية مناسبة، وتشكيل جهة رقابية في حال المخالفة يتم إبلاغ الجهات الأمنية من خلالها، وضبط العريس في حالة المخالفة، بحسب التربوي حميد ناجي.


لكنها فشلت بسبب عدم جدية البعض في حزم الأمر والتنفيذ، الأمر الذي دفع ناشطين من أبناء المديرية إلى إطلاق “هاشتاج” على “فيسبوك”، في أبريل الماضي، مفاده “لا تقتلني بفرحتك”، تعبيراً عن رفضهم لهذه الظاهرة التي أصبحت ترعب الكثيرين، وتهدد حياتهم.

المشاهد