أرشيفية

يُعاملنَّ معاملة المطلوبين أمنياً.. نساءٌ "بلا محرم" ممنوعاتٌ من فنادق عدن!

عدن -بديع سلطان:


فوجئت (ف، أ) العاملة في منظمة دولية كبيرة من موظف الاستقبال في أحد فنادق ثلاثة نجوم بعدن بضرورة أن يكون معها (محرم) لتتمكن من الصعود إلى الغرفة.


كان هذا الطلب بالنسبة لها صادماً وكافياً لأن تشعر بالغضب والانتهاك الذي تعرضت له.


الموظفة التي تزور الكثير من دول العالم وتعمل جاهدة للتخفيف من العنف القائم على النوع الاجتماعي، لم يسبق لها التعرض لموقف كهذا، الأمر الذي دفعها لسؤال موظف الاستقبال: “بأي حق تطلب مني ذلك؟، وهل أنا قاصرة حتى لا أستطيع استئجار غرفةً في فندق لأنام فيها”؟، فأجاب الموظف: “نحن لدينا توجيهات من الأمن. لا نستطيع أن نحجز لأي امرأة في الفندق بدون (محرم).


وتقول (ف، أ): “أشعر بالقهر مما يحدث، هذا تمييز واضح تجاه النساء، ولا يوجد ما يبرره، وتتذكر ”ن، ر” التي تعمل في منظمة محلية معروفة شعورها بالمذلة بعد أن أجبرت على السكن لدى إحدى زميلاتها في مدينة عدن، قائلة:” لا يوجد أي مبرر لهذه الاجراءات التمييزية تجاه النساء، “يطلب مني وأنا راشدة أن يكون لدي طفل لكي يتم السماح لي بالمبيت في الفندق، إنه شيء لا يصدق”.

حرمان النساء من المبيت


أصحاب الفنادق والعاملون فيها بعدن يؤكدون أنهم يتلقون توجيهاتٍ من المباحث بعدم تسكين أي امرأة في الفنادق دون محرم.

وهذا ليس جديداً إذ يتم العمل بها منذ سنوات طويلة بحسب تأكيد عبدالإله الشعيبي، العامل في أحد الفنادق المنتشرة حول جولة السفينة بالمنصورة، مضيفا لـ”المشاهد”: “نعمل منذ أكثر من عقدين في عدة فنادق بمدينة عدن، والتوجيهات لم تتغير منذ ذلك الوقت، حيث تخضع الفنادق كل ليلة لتفتيشٍ دقيق لسجلاتها، من قبل جهات أمنية، وأي تسكين لمطلوبين أمنياً، أو نساء بلا محارم يتم تقييد مخالفات ضد الفندق.


ويقول الشعيبي: “يتم استدعاء النساء اللواتي بدون محارم إلى الاستقبال والتحقيق معهن والتثبت من هوياتهن، ونادراً ما يتم اصطحابهن إلى أقسام الشرطة، ويتم أخذ تعهد عليهن بضرورة مغادرة الفندق صباح اليوم التالي، ومنعهن من المبيت ليلةً إضافية.


ويشير الشعيبي إلى أن المتضرر هو العامل، أو مالك الفندق الذي يتم حبسه بسبب تجاوزات ومخالفات كهذه، وغالباً ما يكونوا من حديثي الخبرة في العمل الفندقي، بعدها يكتسبون خبراتهم ويدركون قوانين الأمن والبحث الجنائي.


وفي فندقٍ صغير بقلب جولة القاهرة بالشيخ عثمان، يرفض سمير الأسودي، العامل العشريني، استقبال النساء بلا محرم، ويعلل تصرفه ذلك بالقبضة الأمنية التي تزور الفنادق ليل نهار للتأكد والتثبت من التزامه بالتوجيهات.


و يقول الأسودي لـ”المشاهد”: “الأمن والبحث الجنائي يفرض على الفنادق عدم استقبال النساء بمفردهن، وشهدت منذ فترة قيام رجال من الأمن باستدعاء إحدى النزيلات في أحد الفنادق المجاورة والتحقيق معها، وتم الصراخ عليها وتوبيخها، واتهامها، وكانوا مصرين على إخراجها ليلاً من الفندق، إلا أنها أكدت لهم أنها مسافرة صباح اليوم التالي، ولم يشفع لبقائها في الفندق سوى دموعها وتوسلاتها، علما بأن مطاري عدن وسيئون هما المنفذين الوحيدين لكافة المسافرين إلي الخارج من اليمنيين وتضطر الكثير من الطالبات أو من يردن السفر إلى الخارج من المبيت في المدينتين.

توجيهات مخالفة لقانون السياحة


التوجيهات الأمنية التي أوردها موظفو ومالكو الفنادق تتقاطع بشكل واضح مع قوانين وزارة السياحة، المسئولة عن تنظيم العمل الفندقي بحسب تأكيد مستشار وزارة السياحة، فتحي الأحمدي، لـ”المشاهد” والذي قال إن الوزارة ليس لديها أي إجراءات، أو توجيهات بمنع تسكين النساء في الفنادق بدون محرم”، مؤكداً أن قوانين الوزارة تتيح للمرأة المبيت في الفنادق بمفردها، ولكنها تمنع الزيارات إلى غرف النزيلات فقط.


وأكد الأحمدي أن وزارة السياحة تعدت هذه المرحلة، خاصةً في وجود نساء عاملات وناشطات ومؤثرات في المجتمع، يعملن في العديد من الوزارات والمنظمات المحلية والدولية، ويقمن بخدمة القضايا الإنسانية والاقتصادية والاجتماعية.


ولفت مستشار وزير السياحة إلى أن النساء يعانين الكثير من الإقصاء والانتهاك، ليس فقط في عدن، بل في مدن يمنية عديدة كصنعاء وتعز والمكلا، حيث ظهر فيها هذه المعاناة، مجدداً تأكيده على عدم وجود قانون سياح يمنع تواجد المرأة بمفردها في الفنادق.


وتواصل “المشاهد” مع المسئول الإعلامي في إدارة أمن محافظة عدن، عبدالرحمن النقيب، وطلب الانتظار حتى يتم إرسال الموضوع إلى القيادات الأمنية للإجابة عن استفساراته، لكن الرد استغرق وقتا دون جدوى، غير أن مصدراً إعلامياً خاصاً في مكتب أمن عدن قال لـ”المشاهد” إن التوجيهات التي تصدرها إدارة البحث الجنائي التابعة للإدارة العامة لأمن محافظة عدن إلى الفنادق نابعة من حالة الخوف التي تعيشها البلاد.

غزو الأفكار المتطرفة للأمن


ويفسر الناشط الاجتماعي مروان السقاف الوضع الإقصائي الذي تعاني منه النساء في فنادق عدن، ومساواتها بالمجرمين والمطلوبين أمنياً، بأنه أمرٌ (دخيل)، على عدن، حد وصفه.


ويقول السقاف لـ”المشاهد” إن ما وصلت السلطات الأمنية من التشدد في هذا الجانب يعود إلى سيطرة الأفكار المتطرفة على قطاعات من المؤسسة الأمنية، ليس من اليوم، أو منذ بداية الحرب فقط، بل منذ نحو ثلاثة عقود تقريباً، مضيفا أن أن مدينة عدن معروفة بانفتاحها ومدنيتها وتقبلها لكل الأفكار، لكن الأفكار المتطرفة بدأت تغزو المؤسسة الأمنية، وهو ما انعكس بشكل جلي على كل مناحي الحياة في المدينة، بما فيها الفنادق.


ويقترح السقاف أن يتم التنسيق بين الجهات الأمنية ووزارة السياحة لتنظيم عمل الفنادق وكافة المرافق السياحية في عدن، حتى لا تُظلم المرأة، وحتى لا تُعامل معاملة المجرمين والمطلوبين أمنيا.

 

المشاهد نت