الطفل اليمني غازي أحمد، 10 سنوات، في مستشفى في تعز (رويترز 30 أكتوبر 2018)

حرب اليمن: كيف حرم سوء التغذية "الطفل غازي" حتى من القدرة على البكاء؟

يبلغ غازي صالح من العمر عشرة أعوام، لكن وزنه لا يتجاوز ثمانية كيلوغرامات بسبب سوء التغذية الحاد الذي يحرمه حتى من البكاء كما يصعب عليه التنفس وهو مستلق على سرير في مستشفى في مدينة تعز، جنوب غرب اليمن.

ويبدو غازي عاجزا عن الحركة، وحتى عن البكاء، وهو يحاول بصعوبة أن يبقي عينيه مفتوحتين وموجّهتين نحو أسفل جسده النحيل الذي أصبح عبارة عن جلد وعظام.

والطفل اليمني هذا واحد بين 14 مليون شخص يواجهون بحسب الأمم المتحدة خطر المجاعة في ظل حرب مدمّرة تمزق أفقر دول شبه الجزيرة العربية، الغنية بالنفط، منذ أكثر من أربع سنوات.

في مستشفى المظفر للأمومة والطفولة في تعز، حيث يعالج غازي، تنتقل الممرضات من غرفة إلى غرفة ومن سرير إلى سرير لتفقد الأطفال الآخرين الذين يعانون كذلك من سوء التغذية، وبينهم رضّع.

وتقول الممرضة إيمان علي أن غازي يعاني من سوء التغذية الحاد الوخيم، مشيرة إلى أن الطفل "لم يحصل على الغذاء الصحيح منذ فترة، ولذا فقد وصل إلى هذه المرحلة".

حالات جديدة كل يوم

على مدار الساعة، تقوم طبيبات وممرضات بتفقد أوزان الأطفال، أو بمحاولة إطعامهم عبر الحقن على اعتبار انهم باتوا عاجزين عن المضغ والابتلاع.

وتعكس حالة هؤلاء الأطفال الوضع الصحي في اليمن حيث يدفع المدنيون ثمن الحرب والنزاع على السلطة بين حكومة معترف بها ومدعومة من تحالف عسكري بقيادة السعودية، ومتمرّدين مقرّبين من إيران يسيطرون على صنعاء ومناطق أخرى منذ 2014.

وتخضع مدينة تعز لسيطرة قوات موالية للحكومة، لكنها محاصرة منذ سنوات من قبل المتمردين. ويخوض الطرفان مواجهات عند أطراف المدينة، ويتبادلان القصف، ما يؤدي غالبا إلى مقتل مدنيين.

وفي وقت تأمل الأمم المتحدة بعقد محادثات سلام في السويد قبل أواخر العام لإنهاء النزاع، فإن الوضع على الأرض يتحول إلى الأسوأ يوما بعد يوما.

وتشرح سنا عثمان مدير قسم التغذية في مستشفى المظفر "كل يوم تظهر حالات جديدة، نكتشف بينها حالة سيئة جدا".

وتابعت "حالة غازي كانت سيئة جدا وهي تعكس الوضع الحالي المتدهور في البلاد".

لا يملك شيئا

بحسب منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف"، فإن نحو سبعة ملايين طفل يمني يعانون من سوء التغذية، بين 14 مليون يشخص يواجهون خطر المجاعة في هذا البلد.

وتقول فاطمة سلمان التي يعاني طفلها من سوء التغذية، أنها تفقد الأمل بانتهاء النزاع مع مرور الوقت واستمرار الحرب.

وتشير وهي تحمل طفلها فوق سرير صغير في المستشفى في تعز إلى أن زوجها كان يعمل قبل الحرب "وكان يحصّل ما يكفي من المال لإطعامنا، لكن حاليا لا يملك شيئا".

ويعتمد نحو 22 مليون يمني بين 27 مليونا على المساعدات الغذائية للبقاء على قيد الحياة، وسط انهيار اقتصادي، وعجز حكومي عن دفع رواتب الموظفين وبينهم أساتذة المدارس.

وتقول اليونيسف إن 2500 مدرسة من أصل نحو 16 ألفا باتت خارج إطار الخدمة حاليا بسبب النزاع. ويحرم توقّف هذه المدارس عن التعليم 1,84 مليون طفل من الدراسة لينضموا إلى نحو 1,6 مليون طفل آخر لا يرتادون المدرسة منذ ما قبل النزاع (بحسب أرقام 2017).

والى جانب هؤلاء، حذّرت اليونيسف من أن أربعة ملايين طالب آخر يواجهون خطر الحرمان من التعليم، خصوصا في المحافظات الشمالية الخاضعة في غالبيتها لسيطرة المتمردين، بسبب عدم تلقي الأساتذة رواتبهم منذ عامين.

وأدت الحرب منذ بدء عمليات التحالف العسكري بقيادة السعودية في آذار/مارس 2015 إلى مقتل نحو عشرة آلاف شخص معظمهم من المدنيين وبينهم أكثر 2200 طفل. كما أصيب عشرات آلاف بجروح من بينهم نحو أربعة آلاف طفل.

وتؤكد فاطمة "نريد لهذه الحرب أن تنتهي، لكننا نراها آخذة في التصاعد".