ضحايا الانفلات الأمني في تعز

"نجم " فوضى الإتاوات المسلحة ..غليان شعبي ضد الإنفلات في تعز (تقرير)

الحرف 28:

تحتاج الطفلة فاطمة أحمد (١٠ أعوام) لعملية إنقاذ سريعة لحياتها المهددة حيث تنام في العناية بأحد مستشفيات تعز عقب إصابتها في إشتباكات لعصابات مسلحة وسط مدينة تعز أثناء عودتها من المدرسة.

 

الإشتباكات المسلحة اندلعت الخميس الماضي بين عصابتين تحاولان السيطرة على عائدات سوق لبيع القات إحداها بقيادة غزوان المخلافي، إسم شهير في عالم فوضى تعز ويحضر اسمه الى جانب شقيقه صهيب.

 

وأصيبت فاطمة برصاص وشظايا الاشتباكات في سوق الوليد للقات وسط مدينة تعز عند ما كانت عائدة من المدرسة.

ونفذ "شباب فوق السلطة" بالامس وقفة إحتجاجية للمطالبة بالقبض على غزوان وإنهاء حالة الانفلات الامني، وحمل طفل لافتة معبرة تضامنا مع فاطمة اذا كتب عليها بأنه يخاف من الذهاب الى المدرسة بسبب الإنفلات الامني واطلاق ايدي عصابات البلطجة فوق الناس.

 

غزوان .. نجم الفوضى والإتاوات

وخلال السنوات الماضية منذ بداية الحرب برز إسم غزوان كقائد مجاميع تمارس ما يوصف بالبلطجة وفرض الإتاوات على الاسواق وتنازعت النفوذ مع مجاميع تابعة للقيادي السلفي المدعوم من الإمارات ابو العباس..

 

وخاض الطرفان مواجهات دامية في المدينة أدت الى سقوط جرحى وقتلى من المدنيين وفي مرات محدودة تم القبض على المخلافي وسرعان ما يتم اطلاق سراحه بحجة غياب ادعاء او شكاوى رسمية بحقه.

 

وبعد خروج كتائب ابو العباس من المدينة على إثر حملة أمنية واسعة ضد من يوصفون بالخارجين على القانون، ظل إسم غزوان يتردد في اكثر من واقعة حيث يقوم بفرض اتاوات ويسيطر مع آخرين على عقارات واملاك مواطنين مع ضعف الأجهزة الامنية واتهامات لها ولقيادات عسكرية في المحافظة بالتواطوء.

 

وأعادت حادثة الطفلة فاطمة احمد التذكير بمشكلة من يوصفون بالبلاطجة في المدينة ليصبح غزوان المطلوب رقم واحد لغضب شعبي واحتقان يتراكم على وقع إنفلات مستمر في ظل غياب تحرك حازم من السلطات.

 

وبينما تنام " فاطمة" في غرفة العمليات، بنصف حظ في النجاة ، يطالب الكثيرون من أبناء مدينة تعز السلطات الرسمية باتخاذ الإجراءات الأمنية اللازمة ومحاسبة المتسببين في الاختلالات والانتهاكات الأمنية والقبض على غزوان المخلافي وعصابته.

 

ويقول مصدر طبي للحرف 28 إن حالة فاطمة حرجة وأنها تعاني من نزيف في الدماغ بسبب الإصابة.

 

واعلنت السلطات الأمنية فور وقوع الحادثة القبض على غزوان وإيداعه "الحجز" قابله تكذيب كثير من الناشطين الذين  تحدثوا عن حادث صدام وقع في اليوم التالي " أحد باصات النقل تسبب به غزوان المخلافي.

 

لكن مدير عام شرطة تعز، العميد منصور الأكحلي، يؤكد عقب حدوث الاشتباكات تم متابعة غزوان، وتم أيضا تسليمه من قبل الدكتور عبدالقوي المخلافي وكيل أول للمحافظة، إلى قيادة المحور ممثل بالأركان العميد عبدالعزيز المجيدي، فيما تم تحرك قوة من الامن العام للقبض على مكرم الحاتمي (الطرف الآخر في الحادثة) وهو موقف في شرطة المحافظة".

 

وأشار الأكحلي في تصريح لـ " الحرف 28" إلى أن لجنة تحقيق من البحث الجنائي تقوم حالياً بالتحقيق وأخذ أقوال الشهود وأقوال الطرفين.

 

وأضاف: "غزوان مطلوب أمنياً ومن الخارجين عن القانون وبما أنه تم تسليمه الى قيادة المحور يعد هذا الاجراء قانوني باعتباره أحد جنود اللواء 22 ميكا".

 

وحول حقيقة خروج (غزوان) من مقر الاحتجاز يقول الأكحلي "اذا ثبت أنه خرج من الاحتجاز يتحمل المحور مسؤولية ذلك".

 

وتابع الأكحلي قائلاً: " في نظري كعسكري مش معقول أنه يخرج شخص محتجز مهما كانت قوته من قيادة الجيش ( أعلى سلطة عسكرية في المحافظة) الا اذا كان هناك تواطؤ وفي كل الأحوال يتحمل المسؤولية الكاملة أركان حرب المحور".

 

ويعتبر غزوان مطلوب أمنيا بعديد جرائم لكنه لم يتم القبص عليه وسلم نفسه للسلطات مرة وتم الإفراج عليه.

يقول مدير شرطة تعز : "نحن نتابعه من زمان ولم نصدق الآن ونحن نؤكد أنه في المحور ولنفترض أنه هرب لن نتركه يفلت وسنلاحقه".

 

ويُتهم غزوان المخلافي، بالاعتداء على التجار وممتلكات المواطنين وسبق له أ ن خاض مواجهات مسلحة مع كتائب أبو العباس في العام الفائت.

 

من جهته، أفاد الناطق باسم محور تعز، العقيد عبدالباسط البحر، في حديث لـ " الحرف 28" عن عقد اجتماع أمني صباح امس السبت ، اتخذ العديد من الإجراءات والتدابير.

 

وقال إن السلطات "ستُخضع الجميع للنظام والقانون، وسواء لايزال غزوان أوغيره من مثيري الانفلات الأمني في المعتقل او هرب سيتم القبض عليه".

 

وأشار البحر، إلى أن اللجنة الأمنية والقيادات العسكرية "التزمت بضبط الاختلالات الأمنية ولن تتهاون في ذلك مهما كان الأمر".

 

وأضاف البحر": سيتم تسيير أطقم ودوريات لمطاردة "المفصعين" وهؤلاء هم شلة قليلة وسيعاملون بنفس الطريقة التي واجهتهم تعز خلال الفترة الماضية.

 

وقال إن مصيرهم سيكون "كالجماعات الخارجة عن القانون وتم الانتصار عليهم ومطارتهم والقبض على عدد منهم".

 

وحول صحة الأخبار المتداولة عن هروب المدعو، غزوان من " حجز " قيادة المحور، يقول ناطق الجيش: "بحسب تواصلاتي الى مساء أمس الجمعة، مع قيادة المحور فهو لايزال محتجزا لديهم وإذا ثبت أنه فرَّ سيتم مطاردته وتسليمة لجهات الضبط المختصة".

ويتساءل "البحر": لماذا يتم توقيفه بالمحور؟، معتبراً ذلك غير قانوني.

 

وأوضح أنه "يجب توقيفة بالشرطة العسكرية كونه عسكري وتنطبق عليه إجراءات النيابة ويحال للقضاء العسكري سواء كان هو أو غيره وكل الخارجين عن القانون .. يجب التعامل معهم بذات الطريقة".

 

وتُتهم قيادة اللواء 22 ميكا بالوقوف خلف غزوان والتساهل حيال جرائمه.

وحاول موقع "الحرف 28" التواصل مع قيادة اللواء للتعليق على ذلك لكن هواتفهم لا ترد.

 

 

تطهير المدينة من "المفصعين"

وأثارت عودة الانفلات الأمني إلى المدينة، ردود أفعال في أوساط الكثير من الناشطين والاعلامين في تعز على مواقع التواصل الاجتماعي، محملين الأجهزة الأمنية مسؤولية تلك الاختلالات.

 

وفي هذا الجانب؛ علقت الأكاديمية ألفت الدبعي في منشور على صفحتها بالفيس بوك بالقول: إذا أفرجت قيادة المحور وإدارة أمن تعز عن المدعو غزوان المخلافي هذه المرة فاعلموا أن قيادة المحور و

وإدارة أمن تعز هي شريك رئيسي في إدارة أساليب البلطجة والجرائم التي يمارسها غزوان تجاه المواطنين.

 

وأضافت: هنا ينبغي الخروج والمطالبة بإقالة قيادة المحور وقيادة أمن تعز التي تتغاضى عن إدارة الفوضى والعبث التي يمارسها غزوان والقيادات المستفيدة ماديا من توظيف اعماله – حد تعبيرها.

 

وتتساءل الدبعي: ما مبرر عدم وجود مواطنين يقدمون شكاوي ضد غزوان إلا دليل أكبر على تواطؤ متعمد لأن قيادة المحور وإدارة الأمن تدرك تماما أن الإرهاب الممارس تجاه المواطنين من قبل هؤلاء المسلحين هو أحد أهم الأسباب الرئيسية التي سببت الخوف والقلق لدى المواطنين.

 

ويرى الصحفي فيصل علي، أن تطهير تعز من ما وصفه بـ "الوسخ" بات أمراً لا مفر منه.

وقال علي، في منشور على صفحته بالفيس بوك: " يا إما دولة أو عصابات. شوية سرابيت عاملين زحمة والخط فاضي حملة أمنية بسيطة تصفيهم كلهم.. المدينة ليست بحاجة مسلحي الشوارع ومتقطعين ومفصعين"، مطالباً اللجنة الرئاسية بتطهير تعز من المفصعين كما طهرتها من الإرهابيين – حد تعبيره.

 

وأضاف: "لازم يأكلوا تفاح كلهم مافيش فرق بينهم.. أسواق القات لتذهب هناك خارج المدينة في التماس مع الحوثيين واللي يشتي يفصع ويخزن يضحي.. مش تمولعي وقرحي بالشوارع".

 

أما الناشط بلال الحكيمي، فقد حمّل إدارة الأمن واجهزتها، مسؤولية الاشتباكات المسلحة وسط الأسواق المكتظة بالنساء والرجال.

 

وكتب في صفحته على فيسبوك: "غزوان عصابة كـ غيره من عصابات القتل والنهب التي سحقتها اللجنة الأمنية في احياء المدينة ! ولايمثل الجيش الوطني من قريب ولا من بعيد !".

 

مطالب بإقالة الفاسدين

في ذات السياق، تظاهر العشرات من الناشطين والحقوقيين بمحافظة تعز، اليوم السبت؛ تنديدا بأعمال الانفلات الأمني الذي شهدته المدينة في الأيام الأخيرة.

 

ورفع المشاركون في التظاهرة التي نظمها "شباب فوق السلطة" شعارات ولافتات تطالب السلطة المحلية والاجهزة الامنية بإيقاف حالة الانفلات الأمني في المدينة، وإقالة الفاسدين في الأجهزة الأمنية.

 

ودعا البيان الصادر عن الوقفة، جميع أبناء تعز لمواصلة النزول للشوارع والتظاهر والاحتجاج رفضا لهذه الممارسات والجرائم والمطالبة بإقالة ومحاسبة القادة العسكريين المتسترين على المطلوبين والمسؤولين الأمنيين المتقاعسين عن ضبط العصابات الخارجة عن القانون.

 

وطالب البيان نقابة المحامين والقانونيين والناشطين الحقوقيين بتبني قضايا الانتهاكات والضحايا المدنيين الذين سقطوا بالمدينة وتقديم ملفاتهم للنيابة لإثبات تلك الجرائم و مرتكبيها كي لا يفلتوا من العقاب.

 

كما طالب المحتجون رئاسة الجمهورية و الحكومة ووزارة الداخلية باتخاذ اجراءات صارمة تجاه القيادات والمسؤولين المتسترين على المجرمين والمطلوبين أمنياً.