صورة تعبيرية

"الأسرى" ملف مفتوح في كل المفاوضات.. هل يرى النور هذه المرة؟

صنعاء – حسان محمد :

شعاع أمل جديد يلوح من السويد، لآلاف الأسر اليمنية التي تحلم بعودة أبناء وأزواج غيبتهم السجون والمعتقلات سنوات، في ظل انتكاسات متواصلة شهدها ملف الأسرى والمعتقلين في مفاوضات عدة، وهو ينتقل من دولة إلى أخرى.


وفيما تتبادل الأطراف الاتهامات عن إفشال ملف الأسرى، تقف فاطمة، من سكان محافظة تعز، متشبثة بخيوط الأمل، عل زوجها الأسير بمحافظة الجوف، منذ عامين، يعود.


تقول فاطمة لـ”المشاهد” إنها تعيش كابوساً حقيقياً منذ أسر زوجها، وتذوق المرارة كلما سمعت عن أخبار المعتقلين في سجون الحوثي، وما يتعرضون له من تعذيب، يموت بعضهم تحت وطأة التعذيب، مضيفة: “لا نعرف أين يتواجد؟ وهل ما يزال يعيش أو تم إعدامه بالقتل، أو التعذيب؟”.

التشبث بالأمل

أم محمد، ستينية من محافظة عمران، انتظرت طويلاً إطلاق سراح ابنها الذي تم أسره وهو يقاتل مع الحوثيين في مأرب، ووصلت إلى مرحلة أنها لم تعد قادرة على الصبر، فسافرت إلى مأرب وحدها، وبقيت قرابة الشهر بمنزل المحافظ سلطان العرادة، كما يقول أحد أقاربها لـ”المشاهد”، موضحاً أن أم محمد استقبلت بحفاوة في منزل المحافظ، وتلقت تطمينات منه ومن عدد من القيادات العسكرية التابعة للحكومة اليمينة، أن ابنها بخير، ووعوداً بأنه سيتم إطلاق سراحه، لكنها لم ترَ ابنها، وأخبروها أنه تم نقله من مأرب.


آلاف المعتقلين والمختطفين والمخفيين قسرياً، يتعرض أهاليهم لآلام لا توصف منذ 3 سنوات، مما دفع الحكومة إلى أن تكون هذه القضية في مقدمة قضايا المشاورات والحل، قبل أن تذهب إلى مشاورات «بييل» في 15 ديسمبر 2015، وأصروا على ضرورة الاتفاق عليها قبل أي حديث سياسي، بينما كان وفد جماعة الحوثيين لا يرى لهذه المواضيع أهمية، وأحياناً يقولون إنهم غير مخولين لنقاشها، كما صرح لوسائل الإعلام، وزير الخارجية السابق عبدالملك المخلافي، الذي يقول: قدمنا كشوفات بهم حسب ذلك الزمن، وقد توسعت الكشوفات بعد ذلك وما زالت، حتى إن سؤالاً كبيراً يرتسم حتى الآن دون إجابة كاملة:

“كم عددهم بالضبط؟ فما قد نكون نعلمه أقل مما لا نعلم”.


وفي مايو 2016، تقدم وفد الحوثيين في مفاوضات الكويت، بكشوف ضمت أكثر من 3760 اسماً، بينهم أشخاص قتلوا في المواجهات، فيما شمل الكشف المقدم من جانب الوفد الحكومي 2630 اسماً، أغلبهم مختطفون لدى جماعة الحوثي. كما أكدت الأطراف، وتوالت العديد من التصريحات الإعلامية للأمم المتحدة ومبعوثها والدول الراعية، أن مفاوضات الكويت حققت اختراقاً كبيراً في ملف الأسرى، وزفت البشائر بقرب إغلاق الملف، وبعد أشهر من المفاوضات عاد الملف كما بدأ.

مساواة بين الأسرى والمخطوفين

شكلت لجنة مشتركة، وتم تبادل الأسماء، وقدم مكتب المبعوث مشروع اتفاق تفصيلي، تم تعديله مرات من الحوثيين، وقدم الوفد الحكومي مقترحات كثيرة لتحقيق اختراق فعلي أمام تهرب ورفض الحوثيين الإفراج عن القادة الأربعة (ينص قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216 تحت الفصل السابع على الإفراج الفوري والآمن وغير المشروط عنهم)، حتى انتهت مشاورات الكويت بعد أكثر من 100 يوم دون شيء، واستمرت المعاناة، وارتفع عدد المعتقلين، بحسب تصريحات المخلافي.


سياسيون وناشطون حقوقيون أكدوا أن الملف يساوي بين الأسير والمختطف، وليس عدلاً إطلاق سراح أسرى حرب حوثيين مقابل مختطفين مدنيين، مما قد يدفع الحوثيين إلى اختطاف معارضين أكثر من الذين يعيشون بالمحافظات الخاضعة لسيطرتهم، كلما تطلب الأمر ذلك، معبرين عن تشكيكهم في نوايا الحوثيين الذين أفشلوا إبرام هذا الملف في كل المفاوضات السابقة.


لكن وزير الخارجية السابق يرى أن الوفد الحكومي وافق بأن يشمل الأمر خلط الأسرى بالمعتقلين والمختطفين والمخفيين قسريّاً، لتسهيل الحل، ولأنهم جميعاً بشر ويمنيون، ويستحقون العودة لأهاليهم.


مراقبون لملف تبادل الأسرى يعتبرون تضمين الحوثيين لأسماء أشخاص قتلوا وبقيت أجسادهم في أماكن المواجهات، أو تناثرت في الضربات الجوية، أحد أسباب فشل المحادثات. وهذا ما يؤكده نائب مدير مؤسسة الأسرى والمفقودين التابعة للحوثيين، في حوار مع صحيفة “26 سبتمبر”، حيث يقول: ليس لدينا مفقودون، وكل مفقود هو أسير عند الطرف الآخر.


ملف الأسرى والمعتقلين مر بعدد من المشاورات الخارجية والمحلية التي انتهت جميعها بالفشل، ومن هذه المشاورات اتفاق شهر أبريل الماضي، الذي تم التوقيع عليه من اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين ومؤسسة الأسرى والمحتجزين التابعة للحكومة، في شهر أبريل من العام الجاري.

ملف إنساني لا يرى النور

ويؤكد محضر الاتفاق الذي حصل “المشاهد” على نسخة منه، على إطلاق جميع الأسرى والمعتقلين، بمن فيهم القادة الأربعة المشمولين بقرار مجلس الأمن.
واعتبر ملف الأسرى والمعتقلين ملفاً إنسانياً يهدف إلى لم شمل الأسر، ولا يخضع لأمور أخرى.


وشدد الاتفاق على كل طرف تسليم كشوفات أسراه خلال 15 يوماً من التوقيع، وتقديم الأطراف ملاحظاتها خلال أسبوع، وبعد أسبوع آخر يتم الرد على الملاحظات، ويبدأ تنفيذ القرار خلال مدة لا تزيد عن 10 أيام، على أن تكون عملية التبادل بمحافظة الجوف.


عبدالقادر المرتضى، رئيس اللجنة الوطنية لشؤون الأسرى التابعة للحوثيين، يشير إلى أن مفاوضات الأسرى بالسويد هي تلافٍ لفشل مشاورات داخلية، حيث أكد في صفحته على “فيسبوك”، أن مشاورات السويد ستتابع ملف الأسرى الذي كانت وقعت عليه اللجنة بتاريخ 28 نوفمبر الماضي، بهدف حل ملف الأسرى، والكشف عن مصير المفقودين بشكل كامل وشامل، موضحاً أن الاتفاق أفشلته المملكة العربية السعودية حينها بعد محادثات شهرين متواصلين بإشراف من الأمم المتحدة.


وتبقى الصفقات الميدانية الأكثر نجاحاً وواقعية، حيث رصد “المشاهد” إبرام 22 عملية تبادل أسرى بين الجيش ومليشيات الحوثي، منذ بداية 2017 حتى نوفمبر 2018، سرح فيها 508 أسرى حوثيين، ولا توجد أعداد دقيقة عن المفرج عنهم من أفراد الجيش الوطني.

المشاهد نت