أ ف ب

يموهون على أهاليهم بمسمى «الكشافة».. كيف يغري الحوثيون الأطفال للتجنيد من المدارس؟

يمن شباب نت

تعمل "أم مصطفى" على إيقاظ ابنها كل صباح للذهاب إلى المدرسة مثل كل الأمهات وتعد له الفطور والملابس ومن ثم ترافقه إلى المدرسة الحكومية الأقرب إلى الحي الذي تسكنه وسط العاصمة صنعاء، لكن ابنها منذ بدء السنة الدراسية الحالية بدأ يتغيب بشكل متكرر ويتأخر عن الاستيقاظ وبالتالي لا يذهب إلى المدرسة إلا متأخراً مما لفت انتباه الأم وأثار شكوكها بابنها المجتهد.
 
تعيش الأم الثلاثينية مع ابنها الوحيد "مصطفى" الذي يبلغ من العمر «12عام» واثنتين من بناتها منذ سنوات بعد موت أبوهم نتيجة مرض مزمن، وتطور تأخر ابنها عن المدرسة إلى الغياب بشكل متكرر سألته: لماذا أصبحت تغيب عن المدرسة وتتأخر؟ فكان رده لها أنه أصبح من «فريق الكشافة في المدرسة»، وهي كذبة تم تلقينه إياها من قبل المدرسين الحوثيين الذين استقطبوا ليحضر معهم فيما يسمونها دورات ثقافية والتي تتضمن تدريبات عسكرية أيضاً.
 
ويعمل الحوثيون في مناطق سيطرتهم على استقطاب الطلاب من المدارس لتجنيدهم في صفوفها، مستغلة بذلك عدم انتظام العملية التعليمية وسيطرتهم المطلقة على المدارس الحكومية، وتستهدف بشكل أكبر الأطفال والمراهقون حيث تقدم لهم الميلشيات إغراءات كثيرة تتناسب مع تفكيرهم وحالتهم التي يعيشونها، معتمدة بذلك على مئات من المدرسين الموالين لها ويعملون في مهمة التجنيد في صفوف الجماعة.
 
كيف تم استقطاب "مصطفى" للتجنيد؟

قالت "ام مصطفى" ان ابنها منذ بداية العام الدراسي الحالي بدأ يتغير بشكل مخيف وأنها فتشت تلفونه ذات نهار، فرأت أنه أصبح ممتلئ بصور لقتلى حوثيين ولقيادات حوثية أبرزهم زعيمهم عبد الملك الحوثي والذي أصبح يتحدث عنه بلغة الإجلال والتقدير والعظمة وهو ما أثار حالة الرعب في نفسي أكثر.
 
وأضافت في حديث لـ"يمن شباب نت" ذهبت إلى المدرسة لأعرف أكثر ما الذي يحدث؟ وفاجأتني إحدى معلمات مصطفى بالعتاب قائلة: كيف تسمحين لابنك الصغير والوحيد أن يذهب للتجنيد مع الحوثيين والتدريب على القتال؟ وهو ما صدمني أكثر وزاد من خوفي.
 
وكشفت المعلمة لـ "أم مصطفى" أن ابنها يذهب بشكل يومي للتدرب لدى الحوثيين على السلاح ويتم تلقيتهم دروس ضمن ما يسمى بـ "الدورات الثقافية" ومن ثم تجهيزهم للقتال في الوقت والعمر المناسب بعد عملية غسل لدماغهم وتعبئتهم بالثقافة الحوثية حتى يضمنوا ولائه المطلق لهم.
 
وقالت المعلمة أن مسمى «الكشافة المدرسية» تم تعميمه من قبل الحوثيين على الطلاب والأطفال الذيم يتم استقطابهم للتجنيد والتدريب، حتى لا يعرف أهاليهم أنهم يذهبون مع الحوثيين فيمنعوهم، ويتم تحذيرهم من عدم كشف الأمر لذويهم ويشددون عليهم بضرورة السرية والكتمان.
???????¬?© ?¨?­?« ?§???µ???± ?¹?? â??Recruit children in Yemenâ?¬â??
 
إغراءات حوثية

لا تخلو عمليات استقطاب الطلاب والأطفال للانضمام إلى صفوف الحوثيين من الإغراءات الكبيرة، حيث يعمدون على معرفة ميول الطفل أو الشاب الذي يتم استقطابه، ومن ثم تبدأ عملية الإقناع التي تتدرج في عدة مراحل، وسهل سيطرتهم على مؤسسات الدولة من العمل بحرية مطلقة على التجنيد واستخدام سلطتهم في ذلك.
 
وقالت أم مصطفى لـ "يمن شباب نت" إن الحوثيين في المدرسة وعدوا ابنها بدرجات عالية دون أن يحتاج للحضور إلى المدرسة أو المذاكرة والاجتهاد، بالإضافة إلى أنهم يقدموا لهم وجبات إفطار يومية في مقرات تدريبهم بعد أن يأخذوهم بباصات نقل من المدرسة ويعيدونهم في نهاية الدوام المدرسي.
 
وتتركز الدورات الثقافية للأطفال وطلاب المدارس على مواضيع تشيد بقدرات الحوثيين العسكرية، وذكرت أم مصطفى "أن ابنها اعترف لها بما يجرى تلقيتهم في الدورات حيث قال ان الحوثيين يعلمونهم كيف انهم أصبحوا يصنعوا صواريخ وأنهم قوة كبيرة يهددون العالم، بالإضافة إلى محاضرات تمجد أقوال عبد الملك الحوثي وشقيقة حسين وانهم "عظماء الأمة" على حد تعبيره.
 
ويغري الحوثيين الطلاب الآخرين في المراحل الدراسية المتقدمة (تاسع، ثالث ثانوي) بنسب درجات عالية في الامتحانات الوزارية الأساسية والثانوية، إذا هم انضموا لصفوفهم سواء بالعمل ضمن أنشطة الجماعة، او التدريب ومن ثم الانضمام إلى جبهات القتال، وكل ذلك يجري دون أن يعرف أهاليهم.
 
توظيف معلمين حوثيين طائفيين

وخلال العاميين الماضيين كثف الحوثيون من نشاطهم في المدارس الحكومية في استقطاب أنصار ومقاتلين، بالتزامن مع انقطاع رواتب الموظفين حيث استغلوا تعطل العملية التعليمية وعدم حضور المعلمين للتدريس للاستعانة بمدرسين وخريجين موالين لهم، وتحميلهم مهمة التجنيد للطلاب.

وقالت مصادر تربوية "أن الحوثيين منذ تعيين يحيى الحوثي وزيرا للتربية في حكومة الانقلابيين بصنعاء عمل على تغيير كل كادر الوزارة وصولاً إلى مدراء المدارس بمواليين لهم ومن ثم فرض عدد من المعلمين في كل مدرسة للعمل كخلية تجنيد واستقطاب للطلاب".
 ???????¬?© ?¨?­?« ?§???µ???± ?¹?? â??Recruit children in Yemenâ?¬â??
أفادت المصادر لـ "يمن شباب نت" أن الحوثيين يعملون على استقطاب الطلاب بعميلة سرية دون أن يعرف أهاليهم الذين يغضبون ان عرفوا بذلك، حيث وسبق أن حدث عراك في إحدى المدارس بين أم طالب وإحدى المعلمات الحوثيات بعدما عرفت الأولى ان ابنها يتدرب مقرات الحوثيين.
 
وأفادت المصادر "أن تلك الواقعة بعد ان وصلت إلى مدير المدرسة عمل على طرد الطالب من المدرسة ولصق ملفة بالختم الأحمر حيث لا تقبله أي مدرسة للدراسة، في تعسف يضاف إلى سلسلة الانتهاكات التي تمارسها الميلشيات في مناطق سيطرتها".
 
الحوثيين وجريمة تجنيد الأطفال
 
وفقا لتقارير حقوقية أممية فقد تصدرت ميليشيات الحوثي قائمة الجهات المنتهكة لتجنيد الأطفال وبحسب الإحصائيات فإن «6172طفل» تم تجنيدهم والزج بهم في جبهات القتال، وتؤكد التقارير الدولية أن 67% من الأطفال المجندين في الحروب في العالم موجودون ضمن صفوف ميليشيات الحوثي في اليمن، التي تجبر العائلات على تسليم أطفالهم مقابل الغذاء والمساعدات الإنسانية.
 
ووجهت الحكومة بتشكيل لجنة فنية حكومية وأممية مشتركة لإنهاء ظاهرة تجنيد الأطفال في اليمن، وإعادة تفعيل العمل بالخطة بالشراكة بين كل من وزارة حقوق الإنسان ووزارة الخارجية ومنظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة "اليونيسيف"، وتعمل الحكومة بدعم من التحالف على تأهيل الأطفال الأسرى من جبهات القتال ضمن مراكز خاصة في محافظة مأرب.
 
وتعد جريمة تجنيد الأطفال في اليمن من الانتهاكات الجسمية التي تستهدف المستقبل بدرجه أولى حيث تستغل الميلشيات حالة الفقر المنتشرة في أوساط المجتمع، والذي أسفر عن تفكك الأسر مما جعل الأطفال أسهل للاستقطاب ضمن صفوف الميلشيات، حيث يتم غسل ادمغتهم بمحاضرات طائفية مكثفة ومن ثم تدريبهم على السلاح وارسالهم للجبهات.