نازحو الحديدة في صنعاء

نازحو الحديدة في صنعاء.. أوضاع صعبة وشتاء قارس وسط الخيام!

صنعاء – حسان محمد : 

يعيش نازحو الحديدة شتاء استثنائياً بلا مأوى ولا غطاء يقون به أنفسهم من لسعات البرد، في مساء صنعاء الملبد بالصقيع، كما هو حال أسرة النازح حامد سعيد، المكونة من 5 أطفال، والتي تعيش تحت خيمة صغيرة في منطقة عصر غرب العاصمة صنعاء، وإلى جوارها عدد من المخيمات الصغيرة لأقرانه من نازحي مدينة الحديدة.


أسرة حامد واحدة من 7740 أسرة نازحة من الحديدة، لم تتعود على العيش في مناطق باردة، وهم الذين تعودوا على أجواء حارة صيفاً ومعتدلة شتاءً، في مدينتهم التي داهمتها المواجهات منتصف العام الجاري، قبل أن تصل الأطراف المتصارعة إلى اتفاق يقضي بوقف إطلاق النار.

اسرة نازحة من محافظة الحديدة في صنعاء

نازحون في ظروف غير إنسانية

اضطرت الكثير من الأسر النازحة إلى السكن في مخيمات نزوح، نتيجة لوجود 3 مراكز إيواء في مدارس حكومية بصنعاء فقط، تستوعب نحو 120 أسرة نازحة فقط، بحسب إحصائيات غير شاملة للهيئة الوطنية لإدارة وتنسيق الشؤون الإنسانية الخاضعة لسيطرة الحوثيين، فيما تسكن بعض الأسر لدى أقاربها.


“برد شديد لم نتعود عليه لأننا قادمون من محافظة حارة، يخلف زكاماً وحمى، وخاصة لدى الأطفال، وأمراضاً تنتشر بسرعة بسبب الازدحام الشديد، وتقاسم أكثر من أسرة لفصل واحد”، بحسب وصف سالم، وهو نازح في إحدى المدارس لـ”المشاهد”، مضيفاً أن النازحين يعانون من الإهمال والنقص في وسائل التدفئة والأغطية والغذاء، وليس لهم حتى حق الاعتراض أو النقد، مما جعل الكثيرين يتمنون العودة إلى منازلهم بالحديدة مهما كانت العواقب.


زينب أرملة وأم لطفلين، رفضت العيش في مركز إيواء بسبب الازدحام وعدم وجود الخصوصية، واضطرت أن تعيش بمنزل أختها وزوجها عدة أشهر، حتى عثرت على مسكن صغير في حي الروضة، لكنها غير قادرة على الالتزام بدفع الإيجار وتوفير الاحتياجات الأساسية لها ولأبنائها، كما تقول لـ”المشاهد”.


وتشكو زينب من ارتفاع الإيجارات وجشع المؤجرين، لكن المعاناة الحقيقية بنظرها هي برد الشتاء، لأنها لا تمتلك الأثاث الكافي، ولم تتلقَّ مساعدات من الفرش والأغطية اللازمة، كما تقول.

مساعدات بجهود ذاتية

وضع نازحي الحديدة بصنعاء صعب جداً، كونهم يعيشون في ظروف مأساوية، ولا يحصلون على حاجتهم من الغذاء والدواء ومراكز الإيواء المناسبة والكافية، خاصة مع دخول فصل الشتاء وبرودة الجو بصنعاء، كما توضح الناشطة الحقوقية الدكتورة أشواق محرم لـ”المشاهد”، مؤكدة أن عدد النازحين كبير، وما يزال مستمراً، لكن لا توجد ترتيبات لاستقبالهم ولا مراكز إيواء تكفي لاستيعابهم، وتتوفر فيها أساسيات العيش.


وتقول محرم إن المنظمات الدولية والمحلية لا تقوم بواجبها بشكل كافٍ، ولم تلبِّ احتياجاتهم، وغياب التنسيق بين المنظمات أهدر الإمكانيات، وصارت عئاً على النازحين، مضيفة أن النازحين يعانون من سوء التعامل في مراكز الإيواء من بعض الجهات المشرفة، والتي تتعامل معهم كالمسجونين، وتقيد حرياتهم وحركتهم.


ينفذ الشباب والناشطون مبادرات إنسانية لمساعدة النازحين، منها المبادرة الشبابية (فينا الخير) التي أطلقها مجموعة من شباب أمانة العاصمة على مواقع التواصل الاجتماعي، لمساعدة نازحي الحديدة بصنعاء بالبطانيات.


يقول أحمد المقولي، أحد شباب المبادرة، لـ”المشاهد”: المبادرة استمرت أسبوعاً واحداً بجهود فردية، وسعينا للترويج لها في مواقع التواصل الاجتماعي، وخاصة “فيسبوك”، لاستنهاض قيم التكافل الاجتماعي بين أبناء المجتمع الواحد.

موضحاً أن التفاعل كان محدوداً لسكان صنعاء، بينما لمسنا تفاعلاً كبيراً من سكان سقطرى الذين قدموا العديد من المساعدات النقدية والعينية وصلت إلى 80% من إجمالي المساعدات، مضيفاً أنه تم توزيع البطانيات للنازحين في الأحياء، وخاصة وادي أحمد وشارع المطار الجديد بني حوات بصنعاء.

نزوح مستمر

نازحون من محافظة الحديدة في احد المدارس بصنعاء

ونزح أكثر من 78 ألف أسرة من محافظة الحديدة، غربي اليمن، منذ يونيو الماضي، حسب تقرير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في اليمن، بالتعاون مع “الشركاء في الجانب الإنساني”.


وأشار التقرير ذاته إلى أن 2000 أسرة جديدة نزحت من الحديدة منذ 19 حتى 26 سبتمبر الماضي فقط.
الأمين العام المساعد للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارك لوكوك، أكد خلال اختتام زيارته الأخيرة إلى صنعاء، أن البيانات تؤكد أنه يوجد حالياً أكثر من 2.3 مليون شخص نازح في جميع أنحاء البلاد.


ووفقاً لبيانات الأمم المتحدة في تقريرها لعام 2017، فقد بلغ عدد النازحين في اليمن أكثر من 3 ملايين و100 ألف نازح، ما يشكل 13% من إجمالي عدد السكان في اليمن، الأمر الذي يعكس الأوضاع الصعبة التي يعيشها اليمنيون في ظل الحرب الدائرة منذ 4 سنوات.

المشاهد نت