مسرح عدن

"مجاملات وتجاوزات مالية" .. على خشبة المسرح بعدن

عدن – بديع سلطان :


أُسدل الستار على فعاليات مهرجان المسرح الوطني بعدن، الأسبوع الماضي، والذي حظي بمشاركة محافظات: عدن، الحديدة، حضرموت، أبين، وتعز التي توجت بجائزة أفضل عمل مسرحي متكامل، إلا أن مشاهد وفصول التجاوزات والمشكلات التي عاشها المهرجان، لم تنتهِ.

الأحداث تلخصت في الاتهامات بوجود فسادٍ مالي، ونزعات انفصالية ومناطقية، منحت محافظاتٍ نصيب الأسد من العروض وأهملت غيرها، بالإضافة إلى طعونٍ في نتائج لجنة تقييم الأعمال المختصة بمنح الجوائز وإعلان الفائزين، التي عدها البعض أنها قامت على المجاملات.

تمييز مناطقي


المهتم بشؤون الثقافة والفنون، منصور شائع، أشار في منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، رصده (المشاهد)، إلى أن المهرجان شابه العديد من التجاوزات الفنية، والإدارية والمالية، بل وحتى المناطقية.


وقال منصور شائع في منشوره: إن لجنة اختيار النصوص المشاركة في المهرجان، اختارت المشاركين بناءً على أساسٍ انفصالي، وتحت غطاء الشرعية – باعتبار أن وزارة الثقافة أحد منظمي المهرجان – مستشهداً باختيار ثلاثة نصوص فقط لفرق مسرحية في ثلاث محافظات شمالية، تعز، الحديدة، صنعاء، وحضرموت، في مقابل خمسة نصوص لمحافظة عدن وحدها..

وانتقد إقامة مؤتمرٍ صحفي سري، حد وصفه، لم تحضره وسائل الإعلام، مرجعاً الأمر إلى التعمد في تفصيل المهرجان على مقاس منظميه.

تجاوزات مالية


وأضاف شائع: لم يعطَ الوقت الكافي للفرق بتنفيذ البروفات، ورغم تكفل اللجنة المالية بتكاليف السكن والمصاريف والملحقات الفنية (ديكور، ملابس، أجور، اكسسوارات وصوتيات وغيرها)، إلا أن الفرق من خارج عدن اشتكت من وجود فساد باللجنة المالية، والتي لم تصرف مستحقات الفرق رغم ضآلة تلك المستحقات، بالإضافة إلى تأخر مصاريف الفنانين والفنانات من محافظات بعيدة كحضرموت والحديدة، وهو ما أدى إلى انسحاب مخرج من صنعاء، وممثلين من عدن لهذه الأسباب، بالإضافة إلى عدم تسلم الكثير من الفرق لمستحقات الديكورات والملابس وباقي أجورها حتى وقت قصير قبل العروض المسرحية.


وأشار منصور شائع إلى أن العديد من الفرق من خارج عدن كانت تطالب المدير المالي للمهرجان محمد الشعبي، بحقوقها المشروعة، فيطالبهم بإخبار المشاركين من تعز والحديدة بأنهم غير مرغوبٍ بهم بعد انسحاب فرقة صنعاء.!

شكوى بالإهانة


لم يكن منصور شائع هو الوحيد الذي قام برصد التجاوزات المالية والتنظيمية للمهرجان.. هناك أيضاً الناشط الحقوقي عبدالكريم سالم، الذي وصف حال الفنانين والمسرحيين التابعين لمحافظة الحديدة بالمزري.


وقال سالم في شكوى، حصل (المشاهد) على نسخةٍ منها، إن فناني الحديدة يلاقون تعاملاً لاإنسانياً من إدارة المهرجان، التي بحسب وصفه، (جوعتهم)، وماطلت في إعطائهم حقوقهم، مستغلين وضع البلاد..

مشيراً إلى أنه تم نهب مستحقاتهم من بدل سفر، وتكاليف الديكورات والأزياء، والاكسسوارات، غير ما تعرضوا له من إهانة من قبل المدير المالي الذي تعامل معهم كأنهم عبيد، وفق ما جاء في الشكوى.

ميزانية محدودة


في المقابل يرد المدير المالي للمهرجان، محمد الشعبي، في تصريحٍ خاص (للمشاهد): بأنه لم تكن هناك أي تجاوزات مالية؛ لأن موازنة المهرجان المقدمة أعدت أصلاً لخمس فرقٍ من عدن فقط، ومع ذلك وبهذه الموازنة أشركنا خمس محافظات، وإحدى هذه المحافظات انسحبت بعد تسلم المخرج مصاريف البروفات وتكاليف تصميم الديكور والرقصات بما يساوي ٥٠٪ من مخصصه، ومضينا بهذه الموازنة البسيطة لإقامة مهرجان لم نكن، ولا المتابعين، نتوقع له النجاح، ولا ذلك الحضور الرائع الذي كان أحد أركان نجاح المهرجان، بشهادة الأغلبية، باستثناء من لم توفق أعمالهم في اجتياز مرحلة قبول النصوص.

الدفع لمن أبدع


وأضاف الشعبي: تحملنا مصاريف بعض الفرق لمدة خمسة وأربعين يومأ، واستضافتهم في عدن وأجور المواصلات لكل الفرق أثناء فترة البروفات، وفي اعتقادي الشخصي، ومن خلال ما سمعته في ختام المهرجان، أننا نجحنا في إقامة أول مهرجان مسرحي يقام في اليمن رغم مراهنات البعض على فشلنا، وأي عملٍ كبير مثل هذا سيتعرض للقيل والقال، لأننا اعتمدنا الدفع فقط لمن أبدع، وقدم جهداً على خشبة المسرح ولمن ساهم في العمل.

ضريبة النجاح


ويُرجع المدير المالي للمهرجان الانتقادات الكثيرة للمهرجان بأنها ضريبة النجاح، وأن كل ما يشاع، حد وصفه، عن وجود فساد أو تجاوزات هي من ادعاءات من لم يرُقهم هذا النجاح.


وأشار الشعبي إلى أن كل لجان المهرجان وكل من عمل تسلم مستحقاته، ماعدا اللجنة العليا للمهرجان التي قررت عدم صرف أي مكافاة لأعضائها إلا بعد ختام المهرجان وتصفية كل الالتزامات المالية.. مؤكداً أن أهم إنجاز كان تجهيز مسرح حافون من هذه الموازنة البسيطة، ليصبح جاهزاً لإقامة أي فعاليات فنية أو ثقافية مستقبلاً.

من فعاليات مهرجان عدن للمسرح

شكوى


مشكلات المهرجان لم تقف عند هذا الحد، فهناك من شكك بنتائجه التي أقرت توزيع الجوائز على الفرق الفائزة.. مخرج المسرحية الختامية (البريئة)، الدكتور محمد الرخم كان أحد هؤلاء، حيث أعلن، وفق تصريحاتٍ إعلامية، أنه سيقدم مذكرةً رسميةً لرئيس اللجنة العليا للمهرجان الوطني للمسرح، محمد الشاذلي يطعن فيها بقرارات لجنة تقييم الأعمال المشاركة.


وأكد الرخم أن قرارات اللجنة الخاصة بتوزيع الجوائز كانت غير محايدة وغير منصفة، للعديد من المؤلفين والمخرجين والممثلين، وأن اللجنة لم تتبع معايير التقييم المتعارف عليها محلياً ودولياً.

فرق عائلية


الصحفي المتابع للشأن الفني، ماجد العدني، تحدث (للمشاهد) عن تواجد ما أسماه (فرق مسرحية عائلية)، في مهرجان المسرح بعدن، مشيراً إلى أن بعض المخرجين العدنيين أشرك عدداً من أولاده في العمل المسرحي، ومنهم من لم يكتف أن يكون مخرجاً للعمل بل شارك كممثل أيضاً، من أجل المال!.


وأضاف العدني: لهذا السبب رأينا أن فرق عدن لم تكن موفقة في المهرجان، وظهرت أعمالها دون المستوى، فنياً، بينما تألقت فرق تعز وحضرموت والحديدة؛ لأن مخرجي هذه المحافظات لم يشركوا أي من أولادهم، عكس فرق عدن التي طغى عليها هذا الفعل.

مجاملات ومحاصصة


الكاتب المسرحي والروائي، جمال الشعري، أكد (للمشاهد) أن التعددية في العروض لم تكن عادلة، منوهاً إلى أن عدن وحدها استأثرت بخمسة عروض، فيما تم السماح لبقية المحافظات بعرضٍ واحد لكل محافظة.


ولم ينسَ الشعري التطرق إلى آلية منح جوائز المهرجان، مشيراً إلى أن الجوائز وُزعت بالمحاصصة والمجاملة، باستثناء جائزة أفضل عمل مسرحي متكامل، والتي ذهبت إلى من يستحقها، مسرحية (ميس) لفرقة محافظة تعز.

المشاهد نت