عسل دوعن

"العسل الدوعني".. مذاق بنكهة اليمن الجريح!

المكلا – عبدالمجيد باخريصة :

عسل دوعن الشهير الذي تسابق في مديحه الشعراء، وتغنى به الفنانون، ومنهم الفنان الحضرمي الراحل أبو بكر سالم بلفقيه، الذي ترنم صوته بأغنية “منك يا عسل دوعن قوت العاشقين”.. هذا العسل الذي كان يتذوقه قلة من الناس، نتيجة لغلاء ثمنه، تذوق مرارة الحرب، كغيره من منتجات اليمن الثمينة.


العسل الدوعني الذي ينسب لوادي دوعن بمحافظة حضرموت (شرق اليمن)، والذي يعد من أكبر الأودية الفرعية في وادي حضرموت، ذاع صيته ولمع نجمه، كأفضل أنواع العسل عالمياً.

لا يستطيع الكثير من النحالين التنقل من محافظة إلى أخرى، بحثاً عن المراعي، كما كانوا يفعلون قبل الحرب.

يمتاز عسل دوعن بالجودة العالية، حيث المراعي الطبيعية الكثيفة من أشجار السدر (العلب) التي تنتشر بكثرة في وادي دوعن، ويتسابق النحالون لرعي نحلهم فيها.


وهناك أنواع مشهورة من عسل دوعن، يأتي في مقدمتها عسل “السدر” أو ما يعرف محلياً بـ”البُغية”، وهو أجود أنواع العسل وأغلاها، وتصنعه النحل من رحيق شجرة السدر المنتشرة في أودية دوعن، ويليه عسل “السمر” أو ما يعرف محلياً بـ”مَرْيه”، نسبة لأشجار السُّمر، وهي أشجار شوكية منتشرة في الوديان والجبال بصورة كبيرة، تزهر في الفترة ما بين مارس وحتى يونيو من كل عام، ثم يأتي عسل “المربعي” في المرتبة الثالثة من حيث الجودة، الذي تنتجه أشجار السدر (العلب) حين تزهر مرة أخرى في فصل الصيف في شهر مارس وحتى مايو من كل عام، وتضعه النحل بعد 40 يوماً.

 

تأثر الإنتاج

الحرب المستمرة في اليمن، وما نتج عنها من ظروف قاسية، لم تستثنِ العسل الدوعني، حيث كان له نصيب وافر منها، إذ تأثر الإنتاج بفعل الحرب والأوضاع التي تمر بها البلاد.


ولا يستطيع الكثير من النحالين التنقل من محافظة إلى أخرى، بحثاً عن المراعي، كما كانوا يفعلون قبل الحرب.


ويقول النحال محمد بامطرف، إنه لا يستطيع التنقل حالياً بين المحافظات لمتابعة الرعي ومواسم الأزهار، بسبب الحرب التي تشهدها المحافظات الواقعة في الشمال، إضافة لارتفاع سعر مادة الديزل، وانعدامها في معظم الأحيان.


ويشير الباحث في مجال الزراعة وتربية النحل علي باجبير، إلى أن النحالين كانوا يذهبون إلى عدد من المناطق في الشمال، كثيفة الأشجار، بهدف تكثير النحل. لكن ظروف الحرب أجبرتهم على عدم الذهاب إليها، ما أدى إلى قلة الإنتاج.


ويقول باجبير لـ”المشاهد” إن العسل الحضرمي كان يتدفق للكثير من دول الخليج، وبعض الدول العربية كسوريا التي كانت مستورداً رئيسياً للعسل الحضرمي بشكل خاص، ولليمني بشكل عام.


ويؤكد رئيس جمعية النحالين بدوعن، عبدالله بامرضاح، أن معظم النحالين انخفض إنتاجهم أكثر من النصف مقارنة بفترة ما قبل الحرب، إذ إن الخلية الواحدة كانت تنتج قبل الحرب، من اثنين إلى ثلاثة كيلو، وانخفض إنتاجها بعد الحرب إلى كيلو واحد.


ويقول لـ”المشاهد” إن انخفاض الإنتاج، يعود لعدة أسباب، من بينها ارتفاع تكاليف تربية النحل، وقلة المراعي بعد صعوبة تنقل النحالين إلى محافظات أخرى بحثاً عنها، لإكثار النحل وزيادة الإنتاج.

العسل الأغلى

يباع العسل الدوعني الأصلي، والذي يعرف بعسل “السدر”، بأسعار عالية، تفوق أي نوع من أنواع العسل المنتجة في بقاع العالم، وينافس في الكثير من معارض العسل بدول الخليج.


ويقول النحال محمد بامطرف لـ”المشاهد” إن انهيار العملة أدى لزيادة أسعار خلايا النحل بنسبة 100%، حيث إن الخلية كانت تباع بـ 3500 ريال يمني قبل الحرب، لتصل الآن إلى 8000 ريال.


وارتفع سعر العسل مع قلة الإنتاج إلى الضعف، بحسب أحمد باعديل، وهو مالك أحد محال بيع العسل، مؤكداً لـ”لمشاهد” أن سعر العسل زاد خلال الأعوام الثلاثة الماضية بنسبة متفاوتة بين 70 و100%، بسبب انهيار العملة، حيث كان يباع الجالون 7 كيلو بسعر 60,000 ريال يمني قبل الحرب، بينما وصل سعره الآن إلى 180,000 ريال، مع انهيار الريال اليمني مقابل الدولار والريال السعودي الذي يتم التعامل به في كثير من المحال التجارية في حضرموت.


ويستطرد باعديل: “ارتفاع سعر العسل أحدث عزوفاً كبيراً وتراجعاً من قبل المستهلكين، رغم فائدته واستخدامه في علاج بعض الأمراض”.


ويأمل جميع من تحدثوا إلينا، بانتهاء الحرب التي أثرت على عملهم، وأدت لخسارة كبيرة بسبب ضعف الإنتاج وضعف التصدير، وعزوف الكثير عن الشراء بسبب ارتفاع سعر العسل.

المشاهد نت