أرشيفية

ذريعة الانقلاب وخزينة الحرب.. هكذا تناسلت شركات النفط والأسواق السوداء خلال أربع سنوات

كان الوقود، هو كلمة السر والورقة التي استخدمها الحوثيون للانقلاب على الحكومة الشرعية والاستيلاء على العاصمة صنعاء ومؤسسات الدولة، ثم تحول الى دجاجة تبيض ذهبا للحوثيين وتمول الحروب، وأصبح مورداً رئيسياً يدر مليارات الريالات من الرسوم وعوائد السوق السوداء.
 

وقدر تقرير أممي، صدر نهاية يناير الماضي، أن ما لا يقل عن 300 مليون دولار سنوياً يحصل عليها الحوثيون من خلال الرسوم المفروضة على واردات الوقود عبر ميناء الحديدة، بمتوسط شهري يبلغ 24 مليون دولار، فضلاً عن عائدات من الوقود المباع في السوق السوداء والذي ارتفعت أسعاره عدة مرات خلال العامين الماضيين.
 

وأشار تقرير فريق الخبراء التابع للأمم المتحدة، إلى أن الحوثيين يتحصلون على 407 مليار ريال يمني (نحو 740 مليون دولار)، كإيرادات تأتي من الشركات ورسوم ترخيص شركات الاتصالات السلكية واللا سلكية والتبغ وغيرها.
 

وكانت منظمة هيومن رايتس ووتش، قالت إن جماعة الحوثيين المتمردة في اليمن تجني أموالاً طائلة من السوق السوداء، وإن الوقود كان "أحد المصادر الرئيسية لإيرادات الحوثيين، وأوضح تقرير للمنظمة بشأن اليمن، أن فريق خبراء تابع للأمم المتحدة أفاد أن الحوثيين جنوا ما يصل إلى 1.14 مليار دولار من توزيع الوقود والنفط في السوق السوداء.
 

ولا يزال الحوثيون، الذين تعرضوا على مدار ما يقرب من أربعة أعوام ، لضربات "عاصفة الحزم" من قبل تحالف عربي بقيادة السعودية، يسيطرون على موانئ الحديدة والصليف وراس عيسى على البحر الأحمر غرب اليمن، ويرفضون تسليمها وفق تسوية سياسية تمت في السويد خلال ديسمبر الماضي.
 

وقال تقرير الخبراء، إن موارد الحوثيين عديدة وإنهم مستمرون في تحصيل الإتاوات الجمركية في الموانئ الخاضعة لسيطرتهم في الحديدة والصليف، واستمروا أيضاً في تحصيل إيرادات جمركية إضافية في مدينة ذمار، التي تمر عبره جميع الواردات تقريباً بعد وصولها إلى اليمن من المعابر والموانئ الخاضعة لسلطة الحكومة الشرعية.



 

ونشر التقرير، وثيقة عقد موقعة بين شركة كمران للصناعة والإستثمار وشركة إكسترا بتروليم، كان الحوثيون يجبون مبلغ 48.9 ريالاً يمنياً عن كل لتر من الوقود المستورد، واستناداً إلى المتوسط الشهري لواردات الوقود، حصل الحوثيون 10995 مليون ريال يمني (وهو ما يعادل 24 مليون دولار)، بما في ذلك 1140 مليون ريال يمني (2.5 مليون دولار) كدعم للمجهود الحربي.
 

ويدير الحوثيون تجارة مزدهرة تتمثل في السوق السوداء للوقود، والتي تتم بإشرافهم وتدر عليهم أرباحاً طائلة، ويؤكد خبراء اقتصاد، أن السوق السوداء تعد أهم مورد مالي بالنسبة للحوثيين.
 

وكان رفع أسعار الوقود السبب الرئيسي الذي استغله الحوثيون للإنقلاب على الحكومة الشرعية، ففي يوليو من العام 2014، قررت حكومة هادي، رفع أسعار الوقود في مسعى لخفض الدعم لمنتجات الطاقة وتخفيف العبء عن موازنة الدولة، وتضمن قرار الحكومة رفع أسعار البنزين من 2.5 ألف ريال إلى 4 آلاف ريال للعشرين لتراً آنذاك، فقام الحوثيون بالتصعيد عبر احتجاجات شعبية للمطالبة بإلغاء القرار وإقالة الحكومة، استمرت أسابيع.
 

ورغم إذعان الحكومة لضغوطات الحوثيين وتخفيض أسعار الوقود إلى 3 آلاف ريال بدلاً من 4 آلاف ريال لجالون البنزين سعة 20 لتراً، إلا أن احتجاجات الحوثيين استمرت وتوجت باقتحام العاصمة صنعاء، في 21 سبتمبر من العام نفسه والسيطرة على مؤسسات الدولة والبنك المركزي والشركة الوطنية للنفط.
 

ومنذ منتصف 2015، وحتى نهاية عام 2018، رفع الحوثيون أسعار الوقود بزيادة خمسة أضعاف عن الأسعار عام 2014، وكانت ما تسمى "اللجنة الثورية العليا" التابعة لجماعة الحوثيين أقرت، في يوليو 2015 وبعد أشهر على بدء الحرب في اليمن، تحرير أسعار الوقود وربطها بالأسعار العالمية ليتراجع سعر جالون البنزين 20 لتراً من 3 آلاف ريال إلى 2.8 ألف ريال بنقص 200 ريال فقط، ولكن القرار لم يجد طريقه للتنفيذ بسبب انتشار السوق السوداء وارتفاع أسعار الوقود بواقع 400%.
 

وأنشأ الحوثيون حوالى 20 شركة نفطية جديدة لاستيراد الوقود، مملوكة لقيادات في الجماعة وموالين لها، من بينها شركة "يمن لايف" المملوكة لصلاح عبد السلام فليته، شقيق محمد عبد السلام، المتحدث الرسمي باسم الجماعة.
 

وحدد الفريق الأممي عدداً صغيراً من الشركات التي توجد داخل اليمن وخارجه، وتعمل كشركات صورية باستخدام وثائق مزورة لإخفاء التبرع بالوقود لصالح فرد مدرج في القائمة وقال التقرير: "بعد سيطرة الحوثيين على السلطة مطلع 2015، قاموا باصدار تراخيص استيراد لشركات شتى، ووفقا للتجار فإن كل ترخيص يكلف ما يقارب 800 دولار، وفي الفترة من سبتمبر 2016 وحتى اكتوبر 2018، قامت 52 شركة بدور وكلاء بيع في معاملات استيراد الوقود".
 

وأشار فريق الخبراء الأممي الى حدوث جريمة قتل مشتبه بها في 20 ديسمير 2016، راح ضحيتها الصحفي محمد عبده العبسي، وهو صحفي مقيم في صنعاء كان يعد تحقيقاً بشأن تورط قادة الحوثيين في استيراد الوقود لتمويل النزاع الدائر.
 

وبحسب التقرير، لاحظ الفريق أن السيد العبسي، وفقاً لوسائل إعلامية، قد ذكر ثلاث شركات متورطة في هذه الأنشطة منها "يمن لايف" "Yemen life"، التي يملكها محمد عبد السلام فليته ( الناطق الرسمي لجماعة الحوثيين ورئيس مجلس ادارة شبكة المسيرة التلفزيونية الحوثية)، وشركة أويل بريمر التي يملكها دغسان محمد دغسان، وشركة بلاك جولد التي يملكها علي قرشه، وحدد الفريق فيما بعد ثلاث شركات تحمل اسماء مماثلة هي: يمن إيلاف، وشركة بلد الخيرات.
 

ووجد الفريق أن شركتي أويل بريمر و(ويلرز) ترتبطان بالتاجر دغسان، وأنهما واجهة تمثل نفس المصالح التجارية ولها صلات بالحوثيين.


 

وقود ايراني

وكشفت الأمم المتحدة في تقرير لجنة الخبراء للعام 2018 أن الحوثيين في اليمن يمولون حربهم ضد الحكومة المدعومة من السعودية من عائدات وقود قادم من إيران، وأفاد تقرير للجنة خبراء في الأمم المتحدة أن وقوداً تم تحميله في مرافئ إيران در عائدات سمحت للحوثيين بتمويل جهود الحرب ضد الحكومة المدعومة من السعودية في اليمن.
 

وأكدت لجنة الخبراء، أنها كشفت عدداً قليلاً من الشركات داخل اليمن وخارجه تعمل كواجهة "لهذه العمليات مستخدمة وثائق مزورة تؤكد أن كميات الوقود هي تبرعات، مشيرة إلى أن "عائدات بيع هذا الوقود استخدمت لتمويل جهد الحرب للحوثيين".
 

وأفاد التقرير أن "الوقود يتم تحميله في مرافئ جمهورية إيران الإسلامية بموجب وثائق مزورة" لتجنب عمليات تفتيش الحمولة التي تقوم بها الأمم المتحدة. وأشار الخبراء في تقريرهم بعد زيارتهم إلى السعودية لفحص بقايا أسلحة، إلى احتمال وجود علاقة لإيران بالصواريخ التي أطلقها الحوثيون على السعودية.
 

وكان الخبراء ذكروا في تقرير سابق أنهم يحققون في هبات من الوقود بقيمة ثلاثين مليون دولار، تقدمها إيران شهريا إلى الحوثيين.