الجنرال لوليسغارد

في ظل الوضع المترنح في الحديدة.. ما هي حظوظ نجاح المراقب الجديد؟!

يواصل الجنرال الدانماركي مايكل لوليسغارد، القائد الجديد لفريق المراقبين الدوليين في مدينة الحديدة (غرب اليمن)، مساعيه لإنقاذ اتفاق الحديدة الموقع بين الأطراف اليمنية منتصف ديسمبر الفائت بالعاصمة السويدية (ستوكهولم)، دون إحراز أي اختراق واضح، في ظل صعوبات تزداد تعقيدا يوما إثر آخر.
 
جاء لوليسغارد في وقت حرج جدا، وقد تأخر تنفيذ اتفاق الحديدة أكثر من اللازم، بالنظر إلى التزمينات التي حددها قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2451. الأمر الذي جعله يسارع مباشرة في تقديم اقتراحات عاجلة من طرفه للتنفيذ. وحين لم يجد تجاوبا، لم يتوانى عن التهديد سريعا باللجؤ إلى الأدوات الدولية المتاحة أمامه. فعقد لقاء الأربعاء الماضي (13 فبراير/ شباط)، بقيادة السلطة المحلية في مدينة الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين، ليبلغهم عن اجتماع مرتقب لمجلس الأمن بشأن اليمن الإثنين المقبل، للضغط نحو تنفيذ مقترحاته في الحديدة.
 
وقال "سيكون هناك ضغط سياسي كبير لتنفيذ اتفاق السويد"، مشيراً إلى أنه وسيط سيعمل على إنجاح الاتفاق، من خلال الحصول على ثقة الطرفين دون تفضيل"، بحسب ما نقلته وكالة سبأ التي يديرها الحوثيين في صنعاء.
 
وكان لوليسغارد، قد طرح مقترحا جديدا على الحكومة والحوثيين، يتضمن إنشاء ممرات آمنة في الحديدة، تديرها قوات دولية. إلا أن المقترح على ما يبدو لم يحظى بموافقة الطرفين. حيث أعلن مصدر حكومي رفضه ما أعتبرها "مساعٍ لتجزئة مسارات تنفيذ اتفاق السويد" الخاص بالانسحاب الحوثي من مدينة الحديدة وموانئها. حسبما نقلت صحيفة "الشرق الأوسط، الاثنين الماضي.
 
وقال المصدر الحكومي للصحيفة إن أي خطة "يجب أن تكون متكاملة وغير مجزأة، وأن تشمل جداول زمنية محددة لتنفيذ إعادة الانتشار والانسحاب الحوثي من المدينة ومن الموانئ الثلاثة، إلى جانب الخطة الخاصة بتسلم المؤسسات الحكومية والموانئ ونشر قوات الأمن المحلية التابعة للحكومة الشرعية".
 
وتتهم الحكومة الشرعية، مليشيات الحوثي بارتكاب 1112 انتهاكا منذ اتفاق السويد حتى مطلع فبراير الجاري. وقالت الحكومة في تقرير لها يوم الثلاثاء الفائت، إن تلك الانتهاكات الحوثية تسببت بمقتل 76 مدنيا وإصابة 492 آخرين، منذ إعلان وقف إطلاق النار بالحديدة في ديسمبر من العام المنصرم.
 
وفي الوقت الذي تسعى الأمم المتحدة لإنقاذ اتفاق الحديدة، تشهد العديد من مناطق المحافظة خروقات وقف إطلاق النار وقصف متبادل بين قوات الجيش والحوثيين
 

بداية غير مشجعة

في أواخر يناير الفائت، عُين الجنرال الدانماركي مايكل أنكير لوليسغارد رئيسا للجنة تنسيق إعادة الانتشار وبعثة الأمم المتحدة لدعم تطبيق اتفاق الحديدة، التي أنشئت وفق قرار مجلس الأمن 2452. وجاء تعيينه خلفا لرئيس اللجنة السابق الجنرال الهولندي باتريك كاميرت.
 
ويتمتع لوليسغارد بخبرة تمتد لثلاثين عاما في مجال الخدمة العسكرية على المستويين الوطنية والدولي. وعمل ممثلا للدنمارك لدى الناتو منذ مارس/آذار 2017، وقبله عمل قائدا لقوات بعثة الأمم المتحدة في مالي (2015-2016). كما تقلد منصب مساعد المستشار العسكري في بعثة الدنمارك الدائمة لدى الأمم المتحدة.
 
وجاءت خطة لوليسغارد الجديدة، بفتح ممرات آمنة في الحديدة تحت إدارة قوات دولية، بعد أيام من فشل اجتماعات استمرت أربعة أيام متواصلة على سفينة تابعة للأمم المتحدة قبالة ميناء الحديدة، بين ممثلي الطرفين في إطار لجنة التنسيق برئاسة سلفه كاميرت، قبل أن يتولاها هو في الخامس من شهر فبراير الجاري. واستمرت اجتماعات السفينة من الثالث إلى السابع من الشهر، ترأس لوليسغارد اليومين الأخيرين منها.
 
وعقب الاجتماع المذكور، والذي يعتبر هو الثالث للجنة التنسيق وإعادة الانتشار في الحديدة منذ تشكيلها بعد منتصف ديسمبر/ كانون أول الماضي، أعلنت الأمم المتحدة في بيان لها، 7 فبراير الجاري، أن الحكومة اليمنية والحوثيين توصلوا إلى تسوية مبدئية بشأن سبل تنفيذ هدنة واتفاق لسحب القوات من ميناء الحديدة، لكنهما بحاجة إلى إجراء مشاورات مع قياداتهما.
 
ومع ذلك، ترى الأمم المتحدة أن تنفيذ اتفاق ستوكهولم للسلام اليمني يواجه الكثير من التحديات. وقال المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك في بيان له، عقب الاجتماع الأخير، إن التحديات ما زالت قائمة، منها الطبيعة المعقدة للخطوط الأمامية الراهنة للصراع.
 
ويواجه اتفاق الحديدة العديد من الصعوبات والعراقيل في التنفيذ الأمر الذي دفع رئيس لجنة إعادة الانتشار السابق، الجنرال الهولندي المتقاعد، باتريك كاميرت، إلى تقديم استقالته.
 
وكان الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، قد أبلغ في 28/ يناير الفائت، مجلس الأمن الدولي أن التهديدات الموجهة ضد لجنة إعادة الانتشار في الحديدة آخذة في الازدياد، مشيراً إلى أن التقدم في تنفيذ مختلف جوانب الاتفاق، بما في ذلك الوقف الهش لإطلاق النار، يواجه تحديات.
 
وينص اتفاق ستوكهولم حول الحديدة، على إعادة الانتشار العسكري خارج المدينة والميناء، مع الالتزام بعدم استقدام أي تعزيزات عسكرية إلى المدينة من كلا الطرفين، إلى جانب إزالة جميع المظاهر العسكرية في المدينة، وتسليم الأمن فيها للسلطة المحلية والأمنية التي كانت موجودة قبل سيطرة الحوثيين عليها في 2014.
 
وبدأت الخلافات حول من هي الجهة المحلية والأمنية المعنية بتسلّم إدارة وأمن المدينة. حيث أصرت مليشيات الحوثي على تسليم ميناء الحديدة لقوات أمنية تابعة لها، في حين تقول الحكومة الشرعية إن السلطات المحلية وقوات الأمن المعنية بالمدينة هي تلك التابعة لها كسلطة معترف بها دولياً.
 

 خيبة أمل

 يرى المحلل السياسي اليمني، ياسين التميمي، أن تسلم القائد الجديد لبعثة المراقبين الأمميين في الحديدة مهامه خلفاً للجنرال كاميرت "لا تمثل تحولا جوهرياً في مهام الأمم المتحدة المتعثرة والتي تهدد بفشل تفاهمات ستوكهولم".
 
وقال لـ "يمن شباب نت": قد ينجح لوليسغارد في الإبقاء على علاقات جيدة مع الحوثيين إلى حين، لكنه لن يستطيع أن يتجنب ما وقع فيه سلفه. وأضاف: هناك خطوات ينبغي أن تنفذ، ويتوجب على كبير المراقبين أن يسمي الطرف المعطل وفقاً لما جاء في بيان مجلس الأمن.
 
وشكك التميمي بنوايا الحوثيون تجاه مساعي مهمة كبير المراقبين الجديد، كونهم (الحوثيون) "لا يرغبون عملياً في تنفيذ تفاهمات ستوكهولم التي تنص على انسحابهم من الحديدة، خصوصا بعد أن فشلوا في تمرير تصورهم الخاص بالسلطة المحلية..."
 
وأعتبر التميمي زيادة أعداد المراقبين الدوليين في الحديدة إلى 75 مراقباً، ولجوء اللجنة إلى عقد اجتماعاتها على سفينة تابعة للأمم المتحدة قبالة الحديدة، أنها "مخيبة للآمال، ولن يضمن ذلك كفاءة في أداء الفريق ولا يعكس جدية في التطبيق الصارم لتفاهمات ستوكهولم".
 

لن يلتزموا.. سيناريوهات محتملة
 
 
وبشكل عام، فإن استلام لوليسغارد للجنة المراقبة واعادة الانتشار في الحديدة "لن يضيف شيئا كثيرا على مستوى تغيير الشخصيات". كما يقول أستاذ علم الاجتماع السياسي في جامعة صنعاء، الدكتور عبد الباقي شمسان.
 
وأوضح شمسان لـ"يمن شباب نت"، أن رئيس لجنة المراقبة السابق كاميرت، أمتلك خبرة خلال تواجده في الحديدة، وعرف انه أمام طرفين متصارعين ليس لديهما أي استعداد كان للذهاب نحو عملية سلام تم دفعها بالقوة في ستوكهولم على المستوى الثنائي، مشيراً إلى أن رئيس لجنة المراقبة الدولية الجديد سيأخذ الخبرة من سلفه، وسيُقدم له الدعم.
 
أما على مستوى أطراف الصراع، يرى "شمسان" أن الحوثيين معروفين بنكثهم للعهود وعدم التزامهم بها، مستغرباً من موقف الامم المتحدة ازاء إطلاق الحوثيون النار على كاميرت.
 
لذلك، فهو يعتقد أن هناك نوع من غض الطرف عن السلوك والاجراءات الحوثية وانتهاكاتها للعهود والمواثيق. وبالتالي- يضيف شمسان- شعر كاميرت أن الحوثيين لهم أكثر من وجه، ولا يلتزمون بما تم الاتفاق عليه. حيث بدى ذلك جليا عندما قاموا بتسليم المواقع من مسلحين بزي شعبي، إلى أخرين بزي عسكري في عملية مسرحية هزلية.
 
ويرجع أستاذ علم الاجتماع السياسي عدم التزام الحوثيون باتفاق الحديدة، إلى أنهم يسعون وراء "حل شامل، لا حل جزئي للحديدة فقط، مستدركاً: "لذلك سيعرقلون اتفاق الحديدة، لأنهم يريدون تسوية سياسية شاملة تنطلق من الاعتراف بهم كطرف رئيسي في حكومة وحده وطنية، وانهاء شرعية رئيس الجمهورية ونائبه، والانتقال إلى تسوية سياسية، ومن ثم يمكن لهم الحديث عن تسليم ميناء الحديدة وبقية المواقع وهم في رأس السلطة".
 
ويعتقد "شمسان" أن مستقبل الوضع في اليمن سيستمر بوضع الّلاحرب والّلاسلم، ولن تُحل أي من الملفات، سواء ما يتعلق بالحديدة، أم تلك المتعلقة بالأسرى. الا إذا قرر المجتمع الدولي حسم الأمر.
 
وحول السيناريوهات المحتملة لمساعي "لوليسغارد" يقول شمسان "مازلنا بحاجة إلى وقت. لأن المجتمع الدولي سيرفع وتيرة الضغط على الأطراف لنجاح قبول اتفاق الحديدة، الا إذا كان هنالك رفض" واضح.
 
وبالنسبة للحوثيين، فيتوقع الأكاديمي اليمني، أن يستمروا في عرقلة تنفيذ اتفاق الحديدة، ليس بسبب تعنت الجانب الاخر، ولكن لأنهم يريدون حلا سياسيا شاملا وليس جزئيا". بينما الحكومة الشرعية "قد تقبل بالضغوطات" كما يقول، "لأنها تريد حلا جزئيا".
 
لكن هذا السيناريو، ليس حتمي الحدوث، خصوصا إذا ما تم تعديل الاستراتيجيات الراهنة من قبل السلطة الشرعية والتحالف العربي "في حال تم اتخاذ موقف حاسم أو حققوا بعض المواقف لتعديل وترجيح قواتها على الجغرافية اليمنية، أو أعطت اشارات لقوات الجيش الوطني بالتحرك باتجاهات مختلفة وتحقيق انتصارات أخرى".
 

يمن شباب نت