الأهالي يصطفون أمام مكتب أول مختارة في سوريا

حتى زوجها رفض الفكرة.. لأول مرة سيدة سورية تشغل منصب «المختارة»، وطوابير طويلة للغاز تتكدّس بسبب قراراتها

عربي بوست

عندما قررت أن ترشح نفسها لشغل منصب أول مختارة في سوريا، قابل الجميع ذلك بالاندهاش والسخرية، وأصبحت مثار حديث سكان الحي والأحياء المجاورة.

كان ذلك قبل نحو 20 سنة عندما قررت الفنانة السورية سامية الجزائري ترشيح نفسها في المسلسل الكوميدي السوري الشهير «عيلة خمس نجوم»، لتشغل منصب مختارة في الحي الذي تقطن فيه.

طرح الموضوع في المسلسل كطرفةٍ وضربٍ من الخيال، لكن صُناع العمل لم يخطر لهم أن الأمر سيتحقق بالفعل، وستشهد مدينة حلب تعيين أول مختارة في سوريا.

أول مختارة في سوريا تصدم المجتمع.. ما الذي دفعها لتولي هذا المنصب الذي يحتكره الرجال؟

فكارول جوزيف جانجي، التي حصلت مؤخراً على لقب مختارة حي «الهزازة»، خلفاً لوالدها جوزيف جانجي، أصبحت أول سيدة سورية تشغل منصب المختارة، ولتحمل عن استحقاق لقب أول مختارة في سوريا.

تعترف كارول جانجي بأنه بعد تعيينها شعرت بنظرات الاستغراب والاستهجان من الناس، باعتبار أنهم اعتادوا رؤية رجل يشغل هذه المهمة بحكم العرف والعادات، وتجربتها هي الأولى من نوعها في البلد.

ولكن مع الوقت اعتاد الحلبيون رؤيتها في مكتبها ذي الواجهة الزجاجية، كما سيعتاد السوريون تتكرر التجربة في أحياء جديدة أو محافظات أخرى، حسب قولها.

فالنساء في سوريا يقتحمن الآن كثير من المجالات والمهن التي كانت حكراً على الرجال.

حتى زوجها رفض الفكرة في البداية

تقول كارول لـ»عربي بوست»: «بعد تسلمي مهامي بـ(المخترة) اختلفت الآراء بين مؤيد لدخولي هذا المجال، ومعارض له كونه فوق طاقتي، حسب رأيهم».

لكنها تستدرك قائلة: «الوضع بدأ يتغير شيئاً فشيئاً بعد ممارستي مهامي، خاصة أني أملك خبرة مسبقة في هذا المجال، اكتسبتها من والدي، الذي اعتادت مرافقته طيلة أيام عمله». واليوم تضع صورة والدها في مكتبها وهي تأسف لفراقه، بعدما عمل لأكثر من أربعة عقود متلاحقة، كمختار للحي نفسه.

وذكرت كارول أنها حتى الآن لم تواجه أي صعوبات تذكر كون أهالي الحي متعاونين معها.

وقالت إن زوجها رفض فكرة ترشحها في البداية، لكنه اعتاد الفكرة فيما بعد، وبات يساعدها في أغلب مهامها.

وبسببها، طوابير الغاز تصطف أمام مكتب المختارية لأول مرة

وعن أبرز العبارات التي سمعتها انتقاداً لعملها الجديد تقول ساخرة: «ما صفي رجال بالبلد».

وأضافت: «هذه العبارة سمعتها كثيراً بالإضافة لجملة: بدها تتحكم فينا مرا».

ولكن هذه التعليقات توقفت بعد أيام قليلة بمجرد ممارستها مهامها، خاصة أنها قررت توسيع خدماتها لسكان الحي، وألا يقتصر عملها على الأمور الإدارية والورقيات، لهذا أخذت على عاتقها تأمين مادة المازوت وأسطوانات الغاز.

وأصبح من الطبيعي رؤية كارول تقف بالقرب من مكتبها مع طابور من سكان الحي بانتظار سيارة توزيع الغاز، أو تشرف بنفسها على تنظيم الدور وضمان وصول الأسطوانات للجميع.

وتختم حديثها بأن المرأة قد تنجح أكثر من الرجل في بعض المهمات، خاصة ذات الطابع الاجتماعي؛ لأنها تجمع بين العاطفة والعقل، في حين أن الرجل يعتمد العقل وحده.

وهذا ما قاله سكان الحي عن المختارة الجديدة

«عربي بوست» تحدث مع بعض سكان الحي بشأن تقييمهم لأداء أول مختارة في سوريا.

سليم وهو أحد قاطني الحي، قال إنه لم يستغرب رؤية كارول بهذه المهنة لأنه أصلاً اعتاد رؤيتها رفقة والدها في المكتب نفسه.

وأضاف أنها تعرف كل سكان الحي وتملك علاقات طيبة مع الجوار.

وعن مدى قدرة المرأة على تأدية متطلبات هذه المهنة، قال سليم إن هذه المهنة لا تحتاج لجهد عضلي وبالتالي يمكن للمرأة ممارستها، ولكن العرف هو الذي جعل هذه المهنة حكراً على الرجال في السابق.

من جانبها قالت سيدة جاءت لمكتب كارول كي تختم لها بعض الأوراق، بأنها سمعت عن المختارة عن طريق وسائل الإعلام، واستغربت الأمر في البداية لكن حينما رأتها شعرت بالراحة في التعامل مع سيدة وشجعتها على هذه المبادرة.