عناصر داعش في سوريا/ GUARDIAN

«بادَلوا الأسرى بوجبات الطعام».. قرية سورية تطرد بقايا تنظيم الدولة في عربات نقل الأغنام، وتكتب نهاية «الخلافة» (صور)

ترجمة: عربي بوست

رصدت صحيفة The Guardian البريطانية حال قرية باغوز السورية، وهي تستعد لطرد آخر فلول تنظيم الدولة الإسلامية بالكامل.

وقالت الصحيفة في وصفها للوضع، متحدثة عن عناصر تنظيم الدولة: «غادروا قرية باغوز في قافلة من الشاحنات وشقّوا طريقهم ببطء عبر الصحراء، حيث اندفعت خلفهم أعمدة رفيعة من الدخان الأسود في السماء ناتجة عن إطلاق قذائف الهاون».

حيث تدلَّت أرجل مقاتلي تنظيم «الدولة الإسلامية» (داعش) من على ظهر السيارات، التي تُستخدم عادةً في نقل الأغنام. كانوا يُحدّقون في القوات الكردية أثناء مرورهم من دون التفوّه بكلمة واحدة والكوفية ذات الألوان الزاهية ملفوفة حول وجوههم

عناصر داعش/صحيفة The Guardian البريطانية

 5 سنوات وحشية

بعد ما يقرب من 5 سنوات، وصلت معركة تفكيك «خلافة» داعش الوحشية إلى مرحلتها الأخيرة في قرية باغوز الواقعة على الضفة الشرقية لنهر الفرات على الحدود السورية مع العراق.

تسلَّل مقاتلو داعش إلى قافلة إجلاء مدنيين قوامها حوالي 15 شاحنة تحمل في معظمها نساء وأطفالاً، لكن جرى التعرّف عليهم واعتقالهم في وقتٍ لاحق عند نقطة تفتيش.

أحد عناصر قوات سوريا الديمقراطية/صحيفة The Guardian البريطانية

وأصيب على الأقل عدد من الرجال، أحدهم كان يحمل عكازاً من الألومنيوم يضعه على رجليه. وكان يُمكن رؤية حفنة من الوجوه الأجنبية  تظهر بوضوح من داخل الشاحنات.

تحاول أطراف كثيرة إنهاء وجود داعش في المدينة السورية

وعلِمت صحيفة The Guardian البريطانية أنَّ قوات خاصة بريطانية وأمريكية وفرنسية تستعد للمساعدة في اقتحام المنطقة بمجرد إخلائها من المدنيين والمقاتلين، الذين يستسلمون، في مهمة يؤمل أنَّها ستحرر رهائن مثل الصحفي البريطاني جون كانتلي، الذي أسره تنظيم داعش في سوريا في عام 2012 واستخدمه كأداة للدعاية.

وتوقَّفت العملية، التي استمرت أسبوعين ومن المقرر أن تعكس هزيمة داعش باعتباره قوة مسيطرة على الأرض، بصورة متكررة مع تدفق آلاف المدنيين إلى خارج القرية. وقال المتحدث باسم حملة قوات سوريا الديمقراطية في دير الزور، القائد عدنان عفرين: «اليوم أُنقذ حوالي ألف شخص. لقد كانت مفاجأة كبيرة بالنسبة لنا. لم نتوقع أنَّ هذا العدد الكبير قد غادر».

بعض السوريين في قرية باغوز/صحيفة The Guardian البريطانية

ودعم المواطنين لذلك ساعد على تراجع «داعش»

تزايد عدد سكان القرية الصغيرة في الأشهر الأخيرة مع تقدُّم تحالف قوات سوريا الديمقراطية على طول نهر الفرات باتجاه الحدود العراقية، مما أجبر مقاتلي داعش على التراجع من قرية تلو الأخرى إلى باغوز، حيث جرى تطويقهم الآن على يد 4 وحدات قتالية منفصلة على جانبي الحدود الصحراوية.

يخشى القادة أنَّ تكون تلك المنطقة الصغيرة، التي لا تزال تحت سيطرة داعش، مليئة بأنفاق ومُفخَّخة بالعبوات الناسفة والمركبات الانتحارية، التي حوَّلت معارك لاستعادة مدن كانت خاضعة لسيطرتهم في السنوات القليلة الماضية، مثل الموصل، إلى قِتال دموي عبر الشوارع.

وقد غادر ما يقارب 20 ألفاً من المدنيين وعائلات المقاتلين قرية باغوز منذ بدء العملية، وكثير منهم كان يمشي لمدة 3 أو 4 ساعات للوصول إلى نقاط تمركز قوات سوريا الديمقراطية المدعومة من الغرب، وهي قوة قتالية يهيمن عليها الأكراد. وأفاد كثيرون بأنَّ داعش أطلق النار على أولئك الذين حاولوا الفرار أثناء هروبهم من القصف والغارات الجوية.

قرية باغوز السورية/صحيفة The Guardian البريطانية

ومع ذلك، أظهرت قافلة الإجلاء يوم الأربعاء 20 فبراير/شباط، بالإضافة إلى لجوء مقاتلي داعش للاختباء بين النساء والأطفال، أنَّ المعركة تتحرك أخيراً باتجاه فصلها الختامي.

ولجأ «داعش» لمبادلة الأسرى بالطعام

ولجأ داعش إلى مبادلة مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، الذين أُسروا في المدينة، في مقابل الحصول على الطعام هذا الأسبوع، في دلالة أخرى على أنَّ داعش، الذي تنفد إمداداته وذخيرته، يضعف أخيراً.

وقال المتحدث باسم قوات سوريا الديمقراطية، مصطفى بالي، يوم الثلاثاء 19 فبراير/شباط، إنَّه من المقرر شن عملية عسكرية للإطاحة بالمُتطرّفين من باغوز إذا رفض أولئك الذين ما زالوا فى المدينة الاستسلام.

ويأمل مقاتلو داعش الفارّون، الذين يُعتقد أنَّ معظمهم عراقيون وسوريون، في التخفَّي بالاندماج بين السكان المدنيين، ثم ترك مخيمات النازحين الكردية في نهاية المطاف والمغادرة إلى إدلب في سوريا، التي لا تزال في أيدي قوات معارضة، أو إلى محافظة الأنبار العراقية.

قرية باغوز السورية/صحيفة The Guardian البريطانية

ولكن يبدو أن رجال داعش مصمّمون على القتال للنهاية

يبدو أنَّ رجال داعش، لا يزالون يبدون استعداداً للقتال حتى الموت، ومن غير الواضح عدد النساء والأطفال الذين معهم، وما إذا كانوا هناك طوعاً أم محتجزين كدروع بشرية.

ولا يزال مصير الطفلين الأمريكيين يوسف وزهرة، اللذين اختطفتهما والدتهما وأخذتهما إلى سوريا قبل أربع سنوات، مجهولاً. ويُعتقد أنَّ يكونا غادرا مع بضع مئات من المقاتلين والمُتطرّفين.  

وابتسم معظم الأطفال، الذين حالفهم الحظ بالفرار، عند رؤية قوافل قوات سوريا الديمقراطية أثناء مغادرتها القرية يوم الأربعاء. ولوَّح واحد من أولئك الصبية الصغار بعلامة النصر.

قرية باغوز السورية/صحيفة The Guardian البريطانية

ومن المقرر أن ينقلوا إلى معسكر اعتقال على بُعد 200 ميل (321.8 كيلومتر)، حيث لا يزال مصيرهم غير مؤكد على الإطلاق. وقالت عدة حكومات غربية إنَّ مواطنيهم الفارّين من سقوط دولة الخلافة الداعشية غير مُرحب بهم في أوطانهم. إذ كانت عائلات مقاتلي داعش، التي فرت من معارك أخرى، تعيش في مخيمات عبر أنحاء سوريا خلال العامين الماضيين.

وتصر قوات سوريا الديمقراطية على أنَّها لا تستطيع إيواء مقاتلي داعش وعائلاتهم على المدى الطويل. لكن من المرجح أنَّ يكون الجدول الزمني لاتخاذ إجراء أكثر تعقيداً عندما يفي الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بتعهده بسحب القوات الأمريكية من سوريا، وهو قرار من شأنه أن يفتح فصلاً جديداً في الحرب السورية المستمرة منذ 8 سنوات.

ورأت صحيفة The Guardian قافلة تضم 60 شاحنة فارغة على الأقل تتدفق إلى مدينة الحسكة السورية، التي يقول سكان محليون إنَّها تأتي من العراق بوتيرة متزايدة وتغادر مُحمّلة بالمعدات الأمريكية للعودة عبر الحدود قبل الموعد النهائي لانسحاب القوات الأمريكية المقرر في شهر أبريل/نيسان.