إعادة تأهيل مجندي الحرب من الأطفال

مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين في اليمن.. تجربة تحظى باهتمام دولي!

العاصمة أونلاين

تحدث محمد  (طفل مجند يبلغ من العمر 15 عاماً، يخضع لإعادة تأهيل في مشروع إعادة تأهيل الأطفال ضحايا التجنيد والمتأثرين بالحرب في اليمن) تحدث لوسائل إعلام دولية زارت المركز الكائن في محافظة مأرب، عن تغيرات كبيرة في حياته حدثت بعد خضوعه لدورات التأهيل. 

وفي المقابلة التي أجراها صحفيون من شبكة BBC البريطانية، وصحيفة طوكيو اليابانية مع العديد من الأطفال المجندين في مقر المشروع الممول من مركز الملك سلمان، بتنفيذ من شريكه المحلي مؤسسة وثاق للتوجه المدني، تحدث محمد، عن تجربة مؤلمة خاضها مع الحرب كمجند في صفوف مليشيا الحوثي الانقلابية. 

يقول محمد إنّ لم يذهب بمحض إرادته للتجنيد, إنما كان بسبب انتقاله من قريته إلى قرية أخرى من أجل مواصلة تعليمه في الصف "السابع" لأن مدرسته توقفت بسبب الحرب, (ينتمي محمد إلى بني جبر, إحدى قرى مديرية خولان التابعة لمحافظة صنعاء).

المدرسة حولها الحوثيون إلى مكان لتجنيد الأطفال وتعبئتهم الفكرية, ومنها بدأت رحلة "محمد" مع التجنيد القسري, إذ أخذ إلى أحد المقرات التابعة للحوثيين في صنعاء, في شارع الثلاثين, كما قال ثم إلى أحد الأماكن النائية للتدريب على السلاح, وفي التدريب خير في تخصصات كثيرة, منها زرع الألغام, والقنص, والإسعافات الأولية.

تحدث محمد إن فترة تجنيده استمرت أربعة أشهر في مواقع القتال, وخمسة أخرى في مهام أخرى منها, أمنيات ومرافقة قيادات عسكرية حوثية, تعرض لمواقف صادمة منها أثناء محاولة هربه مع صديقه الأقرب إليه والذي قتل برصاصة قناص, يدعى صديقه بـ" حسين صالح".

وفي سياق مقابلات أخرى أجراها الصحفيون مع الأطفال المجندين الذين لا تتجاوز أعمار معظمهم الـ15 عاما، أفاد العديد منهم بأن بعضهم خضعوا للتدريب العسكري والبعض منهم تم الزج بهم في جبهات القتال دون أي تدريب.

الأطفال المجندون في حديثهم، للوفدين الصحفيين اللذين سبقتهم العديد من الزيارات المماثلة إلى مقر المركز، تحدثوا ان الكثير منهم أخذوا قسراً من منازلهم ومدارسهم بالقوة إلى جبهات القتال. 

وكشف الأطفال في حديثهم جزءاً من معاناتهم وهم في الجبهات التي شاركوا فيها بمهام متعددة, إجبارا من قبل المليشيا الانقلابية، لافتين إلى أن من بين المهام التي أجبروا عليها زرع الألغام، وحمل السلاح, ونقل المعلومات، والإمداد العسكري والتموين، علاوة على أن بعضهم شارك في خطوط القتال الأمامية. 

تغير لافت 
وعبر الأطفال المجندين عن سعادتهم الكبيرة نتيجة ما يقوم به المشروع من جهود في سبيل إعادة تأهيلهم ودمجهم في المجتمع، بعد إنقاذهم من محارق الحرب وويلاتها. 

وأشاروا إلى أن حياتهم تغيرت بعد خضوعهم للتأهيل النفسي والاجتماعي، وأنه أصبحت لهم اليوم أحلام جميلة وانطباعات عن أهمية حياتهم, ويريدون مواصلة تعليمهم, بعد أن انقطع عدد منهم عنه لسنوات, إلا أن رغبتهم بالعودة الآن كبيرة.

ويؤكد الأطفال ان الأحلام الجميلة التي باتت لديهم اليوم تأتي بعد أن كانوا لا يحبون الحياة نتيجة للصدمات النفسية التي تعرضوا لها، في أوساط ركام هائل من البارود والرصاص والجثث المتناثرة. 

واجهة للإعلام 

المشروع أضحى محل اهتمام كبير لعدد من وسائل الإعلام المحلية والدولية، وكذلك المنظمات الحقوقية, والعاملة في مجال حقوق الإنسان, أصبح أيضاً محلاً لزيارات عدة من هذه الوسائل للاطلاع على تجربته في إعادة تأهيل الأطفال الناجين من جريمة التجنيد والمؤثرات الأخرى للحرب التي تشهدها البلاد منذ سبتمبر/أيلول 2014م. 

وفي كل زيارتها أطلعت الوفود على سير العمل وعملية التأهيل والمادة التدريبية والأنشطة التي يتلقاها الأطفال المجندون والمتأثرون بالحرب، إضافة إلى الاستماع من إدارة المشروع والاختصاصيين عن سير العمل، نقلوا إثرها في وسائلهم الإعلامية تجربة فريدة ينفذها المشروع في إنقاذ الأطفال من تأثيرات الحرب وصدمات الصراع. 

ومنذ انطلاق المشروع في أغسطس من العام 2017م وحتى اليوم، حظي مقر المشروع الكائن في مدينة مأرب، زيارات عدة قامت بها وسائل إعلامية دولية، وزيارات قامت بها منظمات وحقوقيون وجهات حقوقية دولية، وأخرى تمثل الحكومة الشرعية والسلطة المحلية لمحافظة مأرب.

أهمية كبيرة
مدير مشروع إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب في اليمن عبدالرحمن القباطي، لفت إلى أن المشروع منذ انطلاقه استقبل (24) زيارة لوفود دولية، توزعت ما بين وفود حقوقية وأخرة تمثل جهات إعلامية, مقروءة ومسموعة, ومرئية.

تأتي الزيارات المتكررة إلى مقر المشروع - بحسب ما يقول القباطي - لأهميته الكبيرة واهتمامه بأطفال الحرب في اليمن، إضافة إلى ان هدفه الرئيسي هو إنقاذ الأطفال والنأي بهم عن أي صراع.
 
آخر هذه الزيارات، كانت الأحد 24 فبراير/شباط من العام 2019م الجاري، لوفدين صحفيين من شبكة BBC البريطانية، وصحيفة طوكيو اليابانية، اطلعا خلالها على عملية إعادة تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب، لينقلا بذلك صورة حية عن المشروع الذي يعد الغرفة الأولى في المنطقة العربية يعمل في هذا الجانب. 

وخلال العام 2018م، حظي المشروع بأكثر من 20 زيارة، كانت بدايتها في 13 يناير من العام ذاته، قام بها فريق من تلفزيون الـCCN رافقه الناطق باسم قوات التحالف العربي في اليمن، العقيد تركي المالكي، ووفد من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، ووكيل وزارة الإعلام السعودية. 

وفي الشهر ذاته، زار صحفيون من صحيفة التليجراف البريطانية، والإذاعة السويدية، مقر المشروع، جاءت بعده بأيام قليلة زيارة أخرى لصحفيين أمريكيين من صحيفة الواشنطن بوست، وإذاعة وطنية أمريكية، عملوا خلال زيارتهم على تدوين قصص بعض الأطفال المجندين قبل وبعد تأهيلهم، على إثرها زار حقوقيان أمريكان اثنان مقر المشروع استمعا خلالها لمجموعة من الأطفال المجندين يخضعون لدورة تأهيلية نفسية واجتماعية, تهدف إلى إعادتهم إلى حياتهم الطبيعية.

وفي الـ27 من شهر أبريل من العام 2018م، استقبل المركز زيارة قام بها إعلاميون من قنوات أبو ظبي الإماراتية أطلعوا خلالها على الأنشطة التي يقدمها المركز، وعلى القصص الإنسانية للأطفال المجندين ممن نجوا من الجبهات بعد أن جندوا فيها قسرياً، فيما استقبل المركز أيضاً في السابع من مايو من العام نفسه، وفد صحفي من الاندبندنت البريطانية.

في الـ28 من مايو من العام 2018م، وفد من البرلمان الفرنسي بمعية السفير الفرنسي لبلادنا زار المركز، تلاها زيارة للسلطة المحلية لمحافظة مأرب، للمركز قام بها مدير مكتب الشؤون الإجتماعية والعمل بالمحافظة حسن الشبواني، تزامن مع زيارة مماثلة لمديرة وكالة الأنباء الإنسانية (إيرين) - مقرها جنيف- هبة علي، للمركز.


وفي 19 يوليو 2018م، استقبل المركز الصحفية الأمريكية من قناة "فوكس نيوز" (هولي سون) استمعت خلالها إلى شرح مفصل من إدارة المشروع عن الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب وكيفية إعادة تأهيلهم نفسياً واجتماعياً نتيجة للزج بهم في الحرب التي تشنها مليشيا الحوثي الانقلابية على الشعب اليمني، في حين قام مدير المكتب الميداني لمنظمة اليونيسيف في اليمن وليد نعمان، في يوم الأحد 29 يوليو من العام نفسه بزيارة المركز.

وفي السابع من أكتوبر من العام الماضي، تلقى المركز زيارة قام بها منسق الحماية في (D C R) المجلس الدنماركي للاجئين عبدالملك الشوكي، تلقى بعدها في  الـ17 من الشهر نفسه زيارة مماثلة لممثل دولة السويد لدى اليمن، بيتر سيمنبي.

واستقبل المركز نهاية العام الماضي العديد من الزيارات الأخرى منها استقباله في الـ16 من ديسمبر، المستشارة السابقة للأمن القومي الأمريكي فرانسيس تاونسند، إضافة إلى زيارات أخرى لوفد قناةZDF  التلفزيونية الألمانية، ووفد صحيفة نيويورك تايمز الأمريكية، وصحيفة طوكيو اليابانية، وشبكة BBC البريطانية.

وكانت أول زيارة دولية للمركز في الـ12 من سبتمبر/أيلول عام 2017م، قام بها فريق طبي أمريكي، أطلع خلالها على الرعاية الصحية التي يقدمها المركز للأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب. 


تجربة فريدة 

الزيارات التي حظي بها المركز، تؤكد بأن مهمة المشروع كبيرة، وأنها تجربة فريدة، يشكر عليها مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية لمبادرته الطيبة في تأهيل الأطفال المجندين والمتأثرين بالحرب بإعادتهم إلى حياتهم الطبيعية.

إحصائيات 


منذ بداية نشاط المشروع خلال عام ونصف - هي فترة انطلاق المشروع حتى اليوم - عمل المشروع خلال هذه الفترة على تأهيل (321) طفلا، بينهم (215) مجندا، و(106) متأثرا، وينفذ المرحلة التاسعة والعاشرة, التي ستستهدف 80 طفلاً, في إطار خطة مركز الملك سلمان التي تهدف لإعادة تأهيل 2000 طفل يمني مجند ومتأثر بالحرب.