معاناة موظفي اليمن

موظفو اليمن.. لا شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي!

صنعاء – منال نعمان :

“شبر مع الدولة ولا ذراع مع القبيلي”، لطالما كان يتكئ الموظف الحكومي على هذه المقولة، سنين طويلة، ولطالما شعر معها بالأمان له ولأبنائهِ أيضاً، من بعده، لكن الأمر لم يعد كذلك اليوم، فقد وقعت الدولة بأسرها بيد الخراب، وصار الموظف الحكومي بعهد الانقلاب على الدولة، مظلوماً من الجميع، بعد انقطاع الرواتب منذ منتصف العام 2016.
“أضرمتُ النار في لحظة يأس بمحتويات منزلي”، هكذا يتحدث عمر، الموظف الحكومي، الذي أصبح يعيش في مواجهة مع متطلبات أسرته، ومالك البيت الذي ضاق به وبأثاثه وأهل بيته، بعد تأخرهم عن سداد إيجار البيت.
10 أيام فقط منحها صاحب العقار لـ”عمر” للدفع أو الإخلاء. مضت المهلة، وحدث ما كان متوقعاً، لقد أُلقي عمر وعائلته وما يملكون من أثاث، في الشارع، كما يقول.
ويضيف عمر لـ” المشاهد”: أرسلت عائلتي للقرية، ولم أجد مكاناً لأضع الأثاث فيه، ما اضطرني إلى بيعه. بعتُ أشياء كثيرة من أثاث وغيرها، وسددتُ بها بعضاً من ديوني. وما تبقى من أشيائي، وفي لحظة يأس وقهر، أضرمتُ به النار، بعد عجزي عن العثور على أحد يشتريه”.
ظل عمر ينظر إلى النار التي تلتهم ما تبقى من ذكرياته “أوراقه، وألعاب صغاره” الأربعة، دون التفكير بما هو آتٍ.

10 أيام فقط منحها صاحب العقار لـ”عمر” للدفع أو الإخلاء. مضت المهلة، وحدث ما كان متوقعاً، لقد أُلقي عمر وعائلته وما يملكون من أثاث، في الشارع

بؤس انقطاع الرواتب

عمر، وغيره الكثيرون من الموظفين الحكوميين، الذين تركوا منازلهم بعد عجزهم عن سداد الإيجارات المتراكمة قرابة العامين، وبعضهم 3 أعوام، وغادروا إلى قراهم، علهم يجدون ما يسترون به أجساد أبنائهم هناك.
ويعيش أكثر من مليون موظف حكومي في مناطق سيطرة الحوثيين، بدون رواتب، منذ العام 2016، فيما بدأ الموظفون الحكوميون في مناطق سيطرة الحكومة، باستلام رواتبهم، بعد أشهر من نقل البنك المركزي إلى مدينة عدن، جنوب اليمن.
معاناة يومية يعيشها الموظف، غير القادر على تلبية احتياجات أسرته، وسداد ما عليه من ديون متراكمة، ودفع إيجارات، ومصاريف مدارس، وغيرها من الأمور الأخرى.
وتقول لمياء خالد لـ”المشاهد”: “لم يعد مُلاك البيوت اليوم يؤجرون منازلهم لموظفي الدولة، للأسف، فالوظيفة الحكومية غدت كأنها عار ينبغي عليك إخفاؤه لتستطيع استئجار منزل للعيش، بعد أن كانت ضماناً ومطلباً لملاك البيوت”.
وتضيف لمياء: “وجدنا صعوبةً بالغة باستئجار منزل، بالرغم من أن زوجي قد أصبح لديه مصدر دخلٍ آخر غير الراتب الحكومي، لكن وجود إشاعة الوظيفة الحكومية جعلتنا نجد صعوبة شديدة، ولم نتمكن من ذلك، إلا بعد تدبير ضمانةٍ تجارية”.
قبل انقطاع الرواتب، كان ملاك العقارات يرفضون تأجير منازلهم لغير الموظفين الحكوميين، لأنهم على يقين أن إيجاراتهم ستأتي نهاية كل شهر. اليوم بات الموظف الحكومي، مشكلة أمام المؤجر، ومشكلة أمام أبنائه، ومشكلة أمام نفسه، حسبما يقول سليم الوادعي، وهو موظف حكومي في وزارة التربية التعليم الخاضعة لسيطرة الحوثيين.

استمرار المعاناة

عامان ونصف من انقطاع الراتب، و ماتزال معاناة الآلاف من الموظفين الحكوميين مستمرة، وتحديداً في المناطق الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، وهي المعاناة التي تقابلها سلطة الأمر الواقع في تلك المناطق، باستخفاف لا مثيل له، ملخصهُ “فُتات راتب” مرتين في العام، مضافٌ إليه تهديد وترهيب مستمر بتسريح، أو اعتقال أي موظف تسول له نفسه المطالبة بحقوقه، ولعل أقربها المجزرة الأكاديمية التي ارتكبها الحوثيون في جامعة صنعاء، بحق أكثر من 100 أكاديمي تم فصلهم من الجامعة.
معاناة في طياتها آلاف القصص، ولا أمل يلوح في الأفق لنهايتها، إلا بعودة الدولة التي كانت أمان وكرامة كل يمني، وفق ما تحدثت به مصادر التقرير.
والأغرب، هو الاستحواذ على المساعدات الإغاثية التي كانت مخصصة للموظفين في وزارة التربية، وموظفي المؤسسات الحكومية الأخرى الواقعة تحت سيطرة الحوثيين، وفق ما كشف عنه برنامج الغذاء العالمي، في 31 ديسمبر 2018.

المشاهد نت