قال خبراء وباحثون سياسيون في الذكرى الرابعة لتدخل التحالف العربي بقيادة السعودية في اليمن، إن هناك أسبابًا لاستمرار الحرب في اليمن، في ظل عجز التحالف عن تحقيق النصر على جماعة الحوثيين وإعادة سلطة الرئيس عبدربه منصور هادي.
وفي 26 مارس 2015، انطلقت حملة عسكرية بقيادة السعودية والإمارات، أُطلق عليها اسم "عاصفة الحزم"، بهدف التصدي السريع للتقدم العسكري الذي حققه الحوثيون حينذاك، وإعادة الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً إلى السلطة.
وقال فارع المسلمي هو رئيس مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، وزميل غير مقيم في تشاتام هاوس، إن السعودية خسرت في اليمن في اللحظة التي قررت فيها التدخل عسكرياً، ولم تتوقف عن الخسارة منذ ذلك الحين.
وأوضح في تقرير واسع نشره مركز صنعاء للدراسات الاستراتيجية، إن تدخل السعودية العسكري كان بمثابة اعتراف ضمني بفشل العملية الانتقالية اليمنية بعد انتفاضة عام 2011، والتي تولت الرياض هندستها ورعايتها بشكل رئيسي.
ويضيف "في حين يقال إن الحرب هي ممارسة للسياسة بوسائل أخرى، إلا أن اتخاذ قرار من قبل أغنى بلد عربي لقصف أفقر بلد عربي واعتبار ذلك الوسيلة الوحيدة لمعالجة فشل سياسي ودبلوماسي يظهر ضعفاً وانعداماً للرؤية، وليس تعبيراً عن القوة".
ويقول الباحث اليمني إن السنوات الأربع لعملية "عاصفة الحزم" ثم "إعادة الأمل" كانت بمثابة سلسلة من الإخفاقات على جميع الجبهات.
وبيّن إن "الكارثة الإنسانية أدت إلى حرق صورة السعودية العامة في الخارج؛ كما يتعجب القادة الإيرانيون من قلة كفاءة الجيش السعودي أمام ميليشيا متشددة، وفي الوقت نفسه، هناك ملايين الأشخاص في اليمن على وشك المجاعة، واقتصادهم في حالة خراب، ونسيجهم الاجتماعي في حالة تهتك مستمر، وما تزال حكومتهم تعمل من المنفى في فنادق الرياض، وخلال هذا الوقت، تسعى مختلف الفصائل المقاتلة على الأرض والمحسوبة على الحكومة اليمنية بنشاط وبصراحة إلى انتزاع سلطتها الخاصة".
ويقول المسلمي إن "اليمن أصبح فيتنام السعودية، ومثل تلك المغامرة الأمريكية الكارثية في فيتنام، لن تنتهي الخسائر إلا حين يدرك المسؤولون أن الحرب ليست قابلة للانتصار اليوم، ولم تكن قابلة للانتصار حين بدأت، وقد حان الوقت لوقف النزاع المسلح والبحث عن مقاربة مختلفة".
أما الباحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي لوران بونيفوي، وهو مؤلف للعديد من المنشورات حول اليمن، فيقول إن "عاصفة الحزم فشلت" في مهمتها.
ويعزو ذلك الفشل لغياب الأهداف والسياسات الثابتة، فمنذ البداية، جسد التحالف نفسه هذه الحدود ولم يوضح على الإطلاق أدوار كل من الدول المشاركة.
ويقول إن الحرب تجري بطريقة مجزأة في الواقع، مما ولد الكثير من الالتباس لدى المراقبين، فإلى حد كبير، بقيت الشؤون العسكرية وكذلك المسائل السياسية قضايا مرتجلة، ويعود ذلك إلى نقص المعلومات الموثوقة الواردة من اليمن.
ويضيف "تدعي وزارات الشؤون الخارجية في كل من الإمارات والسعودية والوكالات الإنسانية والجيش والوكلاء والرعاة المحليون وزعماء القبائل أنهم يعملون بالتنسيق مع بعضهم البعض، ولكنهم في الواقع يعملون بشكل منفصل، إن لم يكونوا في حالة تنازع فيما بينهم".
ويقول بونيفوي إن الثقة بالسعودية والإمارات في العواصم الأوروبية وواشنطن تراجعت خلال السنوات الأربع الماضية.
ويضيف "مع ذلك، يدفع اليمنيون مع مرور الوقت ثمناً باهظاً أكثر فأكثر، وهو ثمن من المرجح أن تدفعه الدول المجاورة في شبه الجزيرة العربية، حيث لن يكون انهيار المجتمع اليمني حدثاً معزولاً عن محيطه الإقليمي".
وتجيب هيلين لاكنر -وهي باحثة عاشت وعملت لأكثر من 15 عاماً في الإمارات واليمن والسعودية وألفّت عدداً من الكتب حول اليمن-عن سؤال "لماذا لم ينتصر التحالف بعد في الحرب اليمنية؟"، وتقول إن الجواب يتطلب دراسة الجوانب العسكرية والسياسية.
وتوضح بأن الحوثيين اكتسبوا خبرة وقوة عسكرية كبيرة من خلال حروبهم السابقة والدعم الإيراني وحزب الله، وتطويرهم لصواريخ سكود الشرق-أوروبية الموروثة من نظام الرئيس السابق علي عبدالله صالح.
وتقول لاكنر إن التحالف العسكري اقتصر على الغارات الجوية خصوصاً بعد مقتل نحو 50 جندياً إماراتيا في سبتمبر 2015، وعقب ذلك نشر قواته في محافظات بعيدة عن الحرب، فيما شكل الانقسام في القوات المناهضة للحوثيين واحدة من تعقيدات الأزمة.
وتضيف "هذا المثال الأحدث للانقسامات والتنافسات داخل الأطراف اليمنية للتحالف الذي تقوده السعودية يشبه أمثلة كثيرة أخرى، وهو ما كان حقيقة يومية لسنوات في تعز والبيضاء. كذلك تضاف الاختلافات بين الشريكين الإماراتي والسعودي".
وتقول لاكنر "يحق للمراقبين واليمنيين على حد سواء أن يسألوا ما إذا كانت هذه مجرد إشارات إلى وجود تنافس سياسي أم أن هناك مصالح أخرى وراء إدامة الحرب، مثل إثراء أمراء الحرب على مختلف الجبهات".
وتختم حديثها بأنه "في الذكرى الرابعة للحرب، تظل الحقيقة الأساسية أن الملايين يعانون ويموتون بسبب قسوة قلوب قياداتهم على الأقل".
تحرير: المصدر أونلاين