محمد إدلبي
تعد لعبة كرة القدم من أكثر اللعب شعبية وأكثرها متابعة في العالم، وتتميز بطابع تنافسي يملؤه شغف وحُب للعبة، كما أن لاعبيها يلعبون من أجل المتعة والتنافسية، ويدافعون عن شعار ناديهم بكل ما تعنيه الكلمة من معنى، وهذا هو الشيء الطبيعي الذي نعرفه عندما يتكلمون عن لعبة كرة القدم.
لكن للأسف، قد أصبح الذي تكلمنا عنه مجرد كلام من الماضي، لأن حال اللعبة قد تغير 180 درجة، من لعبةٍ أجواؤها تنافسية ومتعة إلى أجواء تجارية وأموال وتسويق، أسهمت بشق كبير داخل اللعبة، وفجوة بين أندية الدوريات وخلق مستويات فيما بينها، فهذا يعطي لمحة عن تأثير الأموال على اللعبة.
ومن جانب الأندية والمقصود بها (ضخ الأموال من قِبل رؤساء النادي في أنديتهم بشكل كبير ومبالَغ فيه)، فتأثير المال على الأندية كان على جانبين: الجانب الأول جانب إيجابي بعض الشيء، وهو خلق نوع من التنافس مع الأندية الكبيرة مثل ريال مدريد أو برشلونة أو مانشستر يونايتد والتي لها اسمها بالساحة الرياضية، بالإضافة إلى استثماراتها التي جعلت منافَستها صعبة.
لكن من جانب آخر سلبي، خلقت فجوة كبيرة مع الأندية المتوسطة، ومنعت روح التنافس، فشكَّلت فَرق مستويات كبيراً معها، كما أنها أدت دوراً كبيراً في سوق الانتقالات بارتفاع أسعار اللاعبين بشكل مبالَغ فيه بالمقارنة مع أسعار اللاعبين قديماً، فأصبحنا نرى لاعبين بأسعار تتجاوز 70 مليوناً و80 مليوناً، حتى وصل الأمر إلى 200 مليون سعر لاعب!
أرقام خيالية ومجنونة بعض الشيء، فعلى سبيل المثال لتوضيح الفكرة أكثر، نادي مانشستر سيتي بات يشتري لاعبيه بأسعار عالية جداً، وأصبح يمتلك أغلى المدافعين بالعالم، لا ننكر أنها أسهمت بشيء إيجابي، وهو نيله الدوري الإنجليزي الموسم الماضي، ومنافسته بقوة هذا الموسم، لكن لولا الضخ المالي الكبير الذي يعيشه ما كنا سمعنا بمانشستر سيتي حالياً.
وكنادي باريس سان جيرمان، وهو الآخر أيضاً يشتري لاعبيه بأسعار خيالية، ومن هذه الصفقات صفقة شراء نيمار وكسر قيمة عقده 222 ميلون يورو من برشلونة، فأصبحنا نرى الدوري الفرنسي كأنه دوري هواة، بسبب فرق المستوى الكبير بينه وبين منافسيه.
ولم يتوقف الأمر في أوروبا، بل امتد إلى آسيا، خصوصاً في الصين، التي بات دوريها معقل أغلى اللاعبين، بسبب شرائهم لاعبيهم بأسعار مجنونة جداً.
حاول الاتحاد الأوربي لكرة القدم «الويفا» أن يتدخل ويضع حداً لهذه المشكلة بـ «قانون اللعب المالي النظيف» الذي وضع حداً لمصاريف الأندية بحيث ألا تتجاوز المصاريف وتصبح أعلى من الإيرادات، ضبطت المشكلة نوعاً ما، لكن ليست كلها.
لذلك نتمنى من الفيفا أو الويفا أو الاتحادات الأخرى أن تضع قوانين أكثر من قانون اللعب المالي النظيف، لجعلها متوازنة وأكثر تنافسية بين أندية العالم، وهذا جانب بسيط من جوانب كرة القدم والذي أثرت فيه التجارة والتسويق، لأن التأثير امتد إلى جوانب أخرى عديدة داخل اللعبة.
نقلا عن عربي بوست