وزير خارجية بريطانيا في عدن

زيارة متقاربة لبريطانيا، أمريكا، وروسيا.. ماذا يفعل "الثلاثة الكبار" في عدن؟!

تقرير: صالح المحوري- المصدر أونلان

على مدى يومين متتاليين، الأسبوع الماضي، زار السفيران الروسي والامريكي مدينة عدن، مركز الحكومة المعترف بها دوليًا، جنوبي اليمن، لكن الزيارتين وإن ظهرتا في سياق معنوي دعماً لإنهاء الصراع في البلد الفقير، وتفعيل خطط السلام، فهي أيضاً تمثل مرحلة جديدة من السباق بين موسكو وواشنطن ولندن حول الملف اليمني.


 

بريطانيا...البحث عن مكاسب بعد الخروج من أوروبا
 

الأخيرة، كان زير خارجيتها جيريمي هانت في عدن قبل حوالي أسبوعين وظهر في ميناء عدن الشهير مرتديًا سترة واقية وهي إشارة حملت أمورًا كثيرة، أراد البريطانيون إيصالها، من بينها أن ميناء عدن هو هدف رئيسي لبريطانيا ضمن إعادة تحركها نحو مستعمراتها القديمة بحسب ما هو مفترض أن يحدث وبشكل كبير، عقب خروجها من الإتحاد الأوروبي.



في حين أن الجهود تتسارع من جانب فريق رئيسة الوزراء البريطانية تريزا ماي لإنجاز صفقة الخروج من الإتحاد الأوروبي فكذلك يرغب البريطانيون في معرفة ما الذي يمكنهم الحصول عليه بعد الخروج من المنظومة الأوروبية، وتبرز أهمية تفعيل الحضور والعمل في المناطق الإستعمارية السابقة كخيار قوي لدى لندن خصوصاً في ملف مدينة عدن جنوبي اليمن.


وثمة جدال حول ما إذا كانت زيارة وزير الخارجية البريطاني جيرمي هانت لعدن، هي مبتدأ الإهتمام البريطاني الذي بدأ متأخرًا مع مرور قربة أربعة أعوام على بدء الحرب بين الحوثيين والحكومة المعترف بها دوليًا التي تدعمها السعودية، أم أن الإهتمام البريطاني كان مبكرًا منذ اليوم الأول للإماراتيين في عدن بحكم العلاقة الوثيقة بين لندن وأبو ظبي حيث تُعرف وتصنف الأخيرة في بعض مراكز الدراسات والأبحاث السياسية أنها وكيل ممتاز للبريطانيين في منطقة الشرق الأوسط، تحديدًا في المنطقة العربية.



بريطانيا تدرك جيدًا أهمية عدن، ولهذا فهي أحد مناطق الإهتمام لحكومة ماي بعد الخروج من الإتحاد الأوروبي، فهي إلى جانب كونها منطقة تحكم بمرور التجارة بين الشرق والغرب عبر مضيق باب المندب قرب خليج عدن فهي كذلك، منطقة الميناء الذي مثل أحد أهم ركائز القوة والنفوذ لبريطانيا في السابق ومن هنا يمكن القول إن لندن ستعمل جاهدة في المواقف الأكثر صعوبة على تعزيز حضورها في عدن، بما أن الأمر في وجود حكومة منزوعة الصلاحيات وحلفاء محليين يفتقدون للقوة المستقلة بعيدًا عن دعم الخليج، أصبح مغريًا لخوض تجربة مفيدة في عدن.
عبر هذا ستلجأ بريطانيا لخطوات تعتبر المقاربة الأكثر واقعية لطبيعة التحرك البريطاني في الملف اليمني.



تقوية الحوثيين شمالاً هو خيار ثنائي تدعمه واشنطن ولندن وتتفقان عليه، حتى في الصيغة النهائية لصفقة الحل في اليمن لأن ذلك سيخدم إضعاف السعودية وإحاطتها بالمخاوف الأمنية المتكررة قرب حدودها وإبقاءها تحت رحمة التمدد الآيراني قرب حدودها الجنوبية، ما يجعلها زبوناً دائماً للسلاح الأمريكي والبريطاني.



وفي هذه الجزئية تتنبه الولايات المتحدة وبريطانيا لضرورة إفشال أي تفاهمات مستقبلية بين السعودية والحوثيين، كخيار نهائي ربما سيبرز للسعودية في النهاية لضمان بعض الأمن على حدودها بدلاً من خوض حرب دائمة مكلفة، أما في الجنوب فحضور حكومة بلا صلاحيات يرتبط تحركها بدعم الخليج، وغياب أجهزة مخابرات وأمن تقوم بالدور اللازم لتعزيز سيادة البلد، مع حضور فصائل محلية تفتقد للإستقلال في القرار، أضر بالملف الجنوبي ودفع بريطانيا للتحرك في عدن في إطار ما يقدم على أنه دعم للشرعية في عدن ولمحادثات السلام، لكن الدافع هو تبيان وضع عدن والجنوب، ومن خلال ذلك يمكن لبريطانيا رسم حضور جديد في عدن، إما عبر التعامل مع حكومة هادي أو أحد الفرق المحلية في الجنوب.



كما أن حضور هانت في عدن مثّل ورقة ضغط لفريقي الشرعية والحوثيين لإبراز ورقة الجنوب وهذا أتى بالتزامن مع ذهاب وفد من المجلس الإنتقالي الجنوبي إلى العاصمة البريطانية لندن وإنعقاد جلسة إستماع في إحدى القاعات التابعة لمجلس العموم البريطاني، وهو أمر لم يكن مصادفًا بما أن الوزير البريطاني كان وقتها في عدن ويتحدث عن ضرورة إنهاء الصراع.
يبدو المجلس الإنتقالي الجنوبي في هذه الزاوية ورقة تناور بها بريطانيا بعد أن كانت الإمارات تفعل ذلك في صراعها حول النفوذ في عدن والمهرة وحضرموت مع حكومة الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي.



البريطانيون فعّلوا هذه الورقة الجنوبية بشكل بدا مصادفًا، لكنه في حقيقة الأمر، كان خيارًا لدفع طرفي الشرعية والحوثيين لإنجاز اتفاق ستوكهولم مالم فإن بريطانيا قد تضطر لفتح ملفات الإطار السياسي لما بعد اتفاقات بناء الثقة، وهو ما يعني تقديم المجلس الجنوبي الإنتقالي المدعوم من أبو ظبي كأحد البدائل الإحتياطية المفترض إشراكها في أي محادثات بما أن المناطق التي يعزز سيطرته عليها باتت تخضع لقوات موالية له أو بالأحرى أصبحت تخضع للإمارات التي يتلقى الدعم منها.



الرؤية البريطانية تجاه التعامل مع المجلس الإنتقالي الجنوبي لا تبدو واقعية حتى في جانب المناورة لدفع الحوثيين كما سبق الإشارة، لكن الأمر الوارد جدًا هو أن بريطانيا تدرك مخاوف الحكومة المعترف بها دولياً والحوثيين من أي تعامل مع الجنوبيين لأن هذا من جانب سينزع عن الشرعية صفة الحضور في المناطق الجنوبية التي من المفترض أن تكون مناطق نفوذ للحكومة.



الحوثيون والشرعية لا يأملان في أن يتلقى المجلس الإنتقالي الجنوبي هذا الإهتمام لإن هذا سيفتح المجال لمناقشة الكثير من القضايا الفرعية التي لا يأملان فتحها الآن لأنها قد تدفع بقوى جديدة في مناطق نفوذها ما قد يحد من مناطق نفوذها المستقبلية، والحديث هنا عن ملفات، تهامة والجند اللتين قد تتحمسان لكسب إلتفاتة متقدمة صوب الحصول على مقاعد في المفاوضات.
كذلك فإن حضور بريطانيا في عدن يمثل خطوة استباقية ورسالة للحكومة الشرعية والإمارات معًا وحلفائهما بما يجب القيام به بعيدًا عن الصراع داخل المدينة التي تمثل منطقة دولية مهمة.



هذه المرة الأمر يتعلق بعدن على وجه التحديد، إذ أن المدينة الساحلية التي بدت منذ تحريرها منطقة سباق بين هادي والإمارات- مع أنها أصبحت الآن في يد الإماراتيين بشكل كبير- شجعت القوى الدولية الكبرى للتحرك جنوبًا مع الإشارة إلى أن نفوذ الإماراتيين في عدن يرتبط بحضور بريطاني من الخلف، وكثيرًا ماكانت إستراتيجية اللاعبين الكبار الإستناد على دُول نشطة ضمن تحالفات معينة لتمرير أجندتها.



* روسيا.. اختبار قدرات 
 

السفير الروسي الذي كان في عدن الأسبوع الماضي، ومكث فيها حتى فجر السبت الفائت، قال إن قنصلية بلادة ستُفتح من جديد وهو أمر يشير بدرجة رئيسية إلى أن موسكو ترغب في تمرير مزيد من الدعم السياسي للرئيس عبد ربه منصور هادي وللحكومة المعترف بها دوليًا وتحريك عملية السلام المتعثرة.



الدبلوماسي الروسي تحدث أيضًا عن دعم بلاده لوحدة اليمن، لكن إن كان حديث ديدوشكين ينسف أي توقعات حالية لتوجه بلاده صوب التعامل مع قوى الحراك الجنوبي من بينها المجلس الإنتقالي الجنوبي، فهو يشير وإن بشكل غير مباشر إلى إن الزيارة لعدن والإهتمام بها كمركز للحكومة الشرعية سينتج عنها مستقبلاً حضور روسي أقوى إذا ما استمرت تعقيدات الملف اليمني، وهو ما يجعل الباب مفتوحًا لحضور روسي فاعل خلال الفترة القادمة، إما عبر تقديم مبادرات أو خطط سلام ومؤتمرات لمناقشة الأزمة اليمنية، أو عبر تفعيل قنوات التواصل مع الفصائل الفاعلة في الحرب، التي تم تجاوزها في المحادثات وتحديداً "المجلس الجنوبي، وبعض الأحزاب اليمنية المهمّشة داخل الفريق الحكومي، جناح المؤتمر التابع للرئيس السابق".



لا يجد الروس بابًا ينسلون منه إلى ما هو أبعد في الملف اليمني عسكريًا، لأن التحالف العسكري الذي تتزعمه السعودية ضد الحوثيين يحظى برعاية واشنطن ودول أوروبا ما جعل اليمن مكانًا غير مناسب لتدخل روسي فاعل كما هو الأمر في سوريا لكن موسكو ستعمل جاهدة على أن تتمدد من البوابة السياسية.



غير إن الروس كذلك ليسوا بعيدين عن البريطانيين، فالزيارة تأتي كاستشعار روسي للحضور بشكل أو بآخر في عدن بما أنها منطقة تجارية مهمة، ومعرفة نقاط الضعف والقوة لدى حكومة هادي والفصائل الجنوبية ما قد يحدد طبيعة التعامل الروسي قريبًا مع إحداها أو التراجع عن هذا ولعب دورها المعتاد في الأزمة اليمنية منذ إنطلاقها كقوة تحتفظ بعلاقات جيدة مع طرفي الصراع في اليمن.



التحرك الروسي جنوبًا هو خطوة موازية لعلاقة جيدة مع الحوثيين شمالًا وهذا يدفع موسكو لاختبار الفصيل السياسي الأقوى جنوبًا مع الإحتفاظ بعلاقة ممتازة بالحكومة الشرعية لكي يبقى المجال واسعًا للتحرك في الخطوط الثلاثة.
 

هذا بدا واضحًا مع زيارة السفير الروسي إلى عدن. حيث ألتقى في البداية رئيس الوزراء اليمني د.معين عبد الملك وفي اليوم التالي تلقى دعوة من المجلس الإنتقالي الجنوبي وهو لقاء كان سيتم حتى وإن لم يقدم المجلس الجنوبي الدعوة.



هذا الأخير كان وفد بارز منه يرأسه عيدروس الزُبيدي في موسكو وجهًا لوجه مع نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوجدانوف ومخرجات اللقاء التي بدت واضحة عبر بيان مقتضب للخارجية الروسية، تؤكد أن روسيا لا تزآل تتريث في التعامل مع الملف اليمني وبالتالي فإنها تنظر حتى الآن بعين واحدة من صنعاء حتى عدن.
كان حضور روسيا سبقته زيارة وزير الخارجية البريطانية ما يعني إن الأمر لن يكون معبدًا للروس لأن إحتمالية التنافس الدولي أصبحت حاضرة مع زيارة في اليوم التالي قام بها السفير الأمريكي إلى اليمن ماثيو تولر.
 

الكاتب والمحلل السياسي صلاح السقلدي قال لـ"المصدر أونلاين" (التحركات الروسية باليمن وبالجنوب تحديدًا وما يقابلها من تحركات امريكية يندرج ضمن الصراع في اليمن وفي المنطقة عمومًا، وإن لم يحسن اليمنيون شمالاً و جنوباً التعامل مع هذا التنافس المحموم بين قطبي الصراع الدولي لحل الازمة اليمنية والقضية الجنوبية قفد ينعكس هذا التنافس سلبًا على الجميع وتشهد الساحة في الشمال و الجنوب مزيداً من الصراعات الدولية فوق ما فيها من صراعات إقليمية و محلية).


أضاف السقلدي (الصراع بجوهره إقتصادي ونفوذ على منابع النفط والممرات الدولية، وحين نقول إن على اليمنيين الإستفادة من هذا التنافس فلأن واشنطن وموسكو لا يستطيعان الظفر بما يتوقان له إلا بواسطة دول وقوى المنطقة ومنها اليمن وبالتالي تستطيع القوى اليمنية أن تستفيد من حاجة هذين القطبين لليمنيين).


* أمريكا.. التعامل بالمجمل لا بالمفرق
 

بعد 24 ساعة من وصول السفير الروسي إلى عدن، كان ماثيو تولر السفير الامريكي إلى اليمن في المدينة ذاتها، في زيارة هي الثالثة خلال حوالي أسبوعين لمسؤول غربي بارز بعد زيارتي وزير الخارجية البريطاني جيريمي هانت، والسفير الروسي فلاديمير ديدوشكين، وإذ تقرأ الزيارة في سياق سباق النفوذ بين روسيا وأمريكا وبريطانيا حول مضيق باب المندب وميناء عدن فهي تعني في الأثناء أن كِلا القوى الثلاث الأبرز تسعيان للقيام بدور سياسي في بداية الأمر والوقوف على الوضع في الجنوب اليمني قبل تحديد طرق التعامل مع المشهد بشكل مباشر.



لدى الأمريكيين رؤية خاصة عن عدن والجنوب تمثل أكثر المقاربات المناسبة للسعودية، فالرياض وواشنطن معًا تفضلان إبقاء الجنوب تحت الضوء دون إنفراط العقد للنهاية كما فعلت السعودية في يناير 2018.
هذا يحدث عبر منح حكومة هادي بعض الحضور في موازاة حضور الحركات الجنوبية بما يسمح في إستمرارية الصراع ويعطي مجالًا لتوسع الخلافات التي تلاحظها السعودية وأمريكا، لكنها ستمنع أن يخرج الوضع في عدن عن المسار المحدد.
 

هذا الدور من جانب واشنطن، لا يستقل في القرار عن رؤية السعودية للتعامل مع الأزمة اليمنية فكِلا الحليفين يرغبان في التعامل مع يمن موحد، فبينما لدى السعودية هاجس من وجود إقليم قوي في الجنوب قد يهدد المصالح السعودية في حضرموت والمهرة، إضافة إلى إمكانية أن يمثل انفصال الجنوب فرصة لنقل التنظيمات المتطرفة إلى حدود السعودية وهو أمر سيخلق لها متاعب كبيرة.

الإستراتيجية الأمريكية لا تفضل خيار الإنفصال كثيرًا في اليمن لأن ذلك بإعتقادها سيتيح للجنوبيين التعامل مع القوى القديمة وسيعطي وجود إقليم أو دولة قوية في الجنوب المجال لتقوية الحوثيين المتحالفين مع إيران وهو ما يعني في نظر أمريكا حشر حضورها في الخليج بين إيران وروسيا إذا ما أفترضنا إقتراب روسيا من الجنوب.



تفضّل واشنطن التعامل بالمجمل مع الأزمة الحاصلة في اليمن وتواصل الحرب حتى تضمن تقوية وضع الحوثيين شمالاً ما يعني تمديد ورقة التهديد الأمني على السعودية التي ستضطر لشراء المزيد من السلاح لإيقاف الحوثيين.


من هذا المنطلق يبدو كما لو أن واشنطن تؤجل الحديث عن وضع الجنوب حتى تضمن أن يتمكن الحوثيون شمالاً ويزرعوا حضورهم على التخوم الجنوبية للملكة، ما يعني بالتالي إمكانية تقبل فريق جنوبي يحكم عدن والجنوب بلا أي تمكين سياسي وهي ترغب أن يعمل هؤلاء ضمن الحكومة المركزية اليمنية.



الكاتب والمحلل السياسي اليمني أمين اليافعي قال لـ" المصدر أونلاين" ( على عكس كل ملفات المنطقة، حظي الملف اليمني باهتمام أقل منذ تفجّر الانتفاضة الشبابية العام 2011، وقلّة الاهتمام هذه انعكست في صور مختلفة كان أبرزها ذلك الإجماع الدولي حول رؤية الحل للمشكلة اليمنية، بتمظهراتها وأبعادها وقضاياها المختلفة، عدا بعض المرات القليلة التي حاولت بعض الدول استخدام الورقة اليمنية لصالح تمرير تسويات في ملفات أخرى).

هذا السبب برأي اليافعي كان جعل التصور الأمريكي يتفرد لوحده في تحديد وصياغة رؤية الحل للمشكلة اليمنية طوال الفترة الماضية، وقال "السياسة الأمريكية لا تنظر إلى ملف اليمن إلا من خلال الأفق السعودي، لهذا فقد مُنِحت الأخيرة هامشاً كبيراً للإشراف على تنفيذ الرؤية الأمريكية".



واصل أمين اليافعي لـ"المصدر أونلاين" حديثه "هذا التصور لحل الأزمة فشل فشلًا ذريعًا، مع حضور تطورات جديدة خلال الفترة الماضية، بحيث يبدو معها تطبيقه في عداد المستحيل، وفي نفس الوقت الهدوء النسبي في ملفات المنطقة الأخرى، كل هذه الأسباب قد تكون وراء هذا الإهتمام المفاجئ الكبير بالملف اليمني، والجنوبي على وجه الخصوص، حتى يبدو وكأن هذا الاهتمام يشي بحدوث تغيّر كلي في التعامل معه عن ذلك الذي ساد في السابق، بما يجعله ملفاً خاصاً بذاته في حلبة المنافسة بين الدول الكبرى. وربما قد ينعكس ذلك في زيادة وتيرة الصراع على الأرض، لكنه من جهة أخرى قد يؤدي – سياسياً - إلى مراجعة شاملة لتصورات الحل للمشكلة اليمنية".


يعتقد اليافعي أن تقاطر المسؤولين والسفراء على عدن مؤشر على رغبة كل دولة بالإعلان عن نفسها بصيغة "أنا هنا" في سياق سياسة إعادة التموضع على سطح وتجاويف الأزمة اليمنية، ما يعني أن الملف لن يعد محتكراً في تحديد وصياغة رؤية الحل وشكل المستقبل على طرفٍ وحيدٍ، وهذا ما قد يرفع في أسهم بعض الأطراف التي ستتلقى دعماً وتأييداً على إثر إعادة التموضع.


وعن موقف الحكومة المعترف بها دوليًا تجاه التقدم اللافت في الملف اليمني، قال اليافعي لـ"المصدر أونلاين" ( بالنسبة للحكومة اليمنية، أعتقد أنه ليس لديها؛ لا القدرة ولا الرغبة على تمكين نفسها في المناطق المحررة، بل هي لا تبدي أي اهتمام إزاء ذلك، وتعيش في حالة اغتراب كلية، مادية ومعنوية، مع أن لديها مساحات واسعة كان بوسعها الإنطلاق منها صوب استعادة مؤسسات الدولة، إن كانت لديها نية حقيقية لفعل ذلك وتواجه صعوبات في بعض المناطق، وأعتقد أن هذا ما باتت تفهمه وتعيه الدول المؤثرة جيداً، وقد شاهدنا كيف أن مؤتمرات دولية مهمة عُقدِت حول اليمن ولم يتم استدعاء ممثل عن الحكومة الشرعية).