محمد قحطان

لماذا يتمسك الحوثيون بتغييب "محمد قحطان" وحجب أى معلومات عن مصيره؟

في ليلة الخامس من أبريل/نيسان 2015، داهمت مجاميع مسلحة تابعة لمليشيات الحوثي، منزل القيادي في حزب التجمع اليمني للإصلاح محمد قحطان في العاصمة صنعاء، وأخذوه بالقوة من بين عائلته وقذفوه في قلب الغياب التام.

 

كانت المليشيات تحاصر منزله منذ فبراير، وتفرض عليه الإقامة الجبرية، بعد اعتقاله في محافظة إب وهو متوجهاً إلى عدن دون أن يتخفى أو يخاف من الاعتقال.

أكمل القيادي محمد قحطان، اليوم، عامه الرابع ودخل في العام الخامس نن الاخفاء القسري.

 

وعلى مدى الاربع سنوات، رفضت المليشيات الحوثية الكشف عن مصيره، أو حتى الاعتراف بوجوده حياً لديها، كما دأبت على تسريب أخبار وفاته وآخرين من قيادات الدولة (شقيق الرئيس ووزير الدفاع وفيصل رجب) في قصف للطيران.

يقول زيد نجل محمد قحطان «في كل سنة ولمدة اربع سنوات، لاشيء تغير»، مشيراً إلى رفض المليشيات الإجابة على سؤالهم عن والده «يرفضون الحديث عنه».

 

اتهم المليشيات بالتناقض «هم يناقضون أنفسهم، يتحدثون عن الصمود، عن التحدي.. يقولون «لا نخاف من التحالف ولا نخاف الشرعية...لكننا نخاف ان نخبركم اين ابوكم، نخاف أن يكلمكم، نخاف ان تقول له زوجته المحتسبة الصابرة اشتقت لك، نخاف ان يقول لأبنائه أحبكم».

 

التكتم الشديد

منذ اختطافه من منزله، أحاطت المليشيات مصير القيادي قحطان بالكثير من السرية والكتمان، وقاومت ضغوطاً دولية كبيرة من الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي، حيث ينص القرار الأممي رقم 2216 على مطالبة الحوثيين بالإفراج العاجل عن وزير الدفاع اليمني اللواء محمود الصبيحي وجميع السجناء السياسيين وعلى راسهم القيادي في حزب الاصلاح محمد قحطان والأشخاص الموضوعين تحت الإقامة الجبرية والموقوفين تعسفياً.

 

ورفضت المليشيات السماح للمبعوثين الأمميين المتعاقبين على اليمن، باللقاء بقحطان، أو معرفة مصيره.

أعترف بذلك اسماعيل ولد الشيخ أحمد إبان عمله مبعوثاً أممياً في اليمن، خلال لقائه بقيادات حزبية، أكد – وفق إفادة أحدهم للمصدر اونلاين- بأنه توصل إلى قناعة «بأن مصير قحطان ليس إلا بيد عبد الملك الحوثي فقط».

 

أكد هذه الرواية الدكتور/عبدالملك المخلافي، نائب رئيس الوزراء وزير الخارجية السابق، والذي ترأس وفد الحكومة التفاوضي في جولات المشاورات خلال عامي 2015 و 2016.

 

محمد عبدالسلام لا يعرف

يقول المخلافي إنه ورفاقه في الفريق الحكومي حاولوا الضغط ومقاطعة الجلسات التحضيرية لمشاورات «بييل بسويسرا» في 15 ديسمبر 2015، حتى يتم كشف مصير القيادات الأربعة المخفيين قسراً، ووضع ملفهم والمخطوفين الآخرين كأولوية في التفاوض.

وأضاف المخلافي «تهرب الحوثيون كثيراً عن الجواب ثم قام محمد عبد السلام رئيس وفد الحوثي بالانتحاء بي جانباً، وقال لي إن محمود الصبيحي موجود، وهو بخير، وكذا فيصل رجب، أما بالنسبة لشقيق الرئيس هادي، اللواء ناصر منصور (السبعيني)، - لم يكن معروفاً مصيره حتى ذلك الوقت- فقد قال لي عنه: «هو بخير ويتناول أدويته باستمرار، وأريدك أن تُطمئِن الرئيس هادي بذلك».

 

وأوضح في مقال نشره المصدر اونلاين في وقت سابق «بقي مصير الرجل المدني محمد قحطان، حيث قال محمد عبد السلام إنه لا يعرف مصيره، وحاولتُ أن أعرف هل لا يعرف مصيره أم هو غير مخوَّل بأن يكشف عن مصيره؟ تناقض الرجل ثم أصرَّ بالنهاية على أنه لا يعرف عنه شيئاً، وأن مَن يعرف عنه واحد أو اثنان (محمد عبدالسلام) ليس منهما».

 

الحديث عن قحطان من اختصاص عبد الملك

من جانبه قال عضو الوفد الحكومي المفاوض في مشاورات السويد عسكر زعيل، إن المليشيات تعتبر القيادي محمد قحطان وبقية الأربعة المخطوفين، «ورقة ضغط لتمرير صفقة سياسية دون أي اعتبار للجانب الإنساني».

وأضاف في تصريح خاص لـ«المصدر اونلاين» أن الحديث عن مصير قحطان "يعتبرونه موضوعاً بالغ الأهمية يختص به بدرجة أساسية عبدالملك الحوثي، لا يمكن الفصل به إلا عن طريقه شخصياً".

 

وأوضح زعيل أن إصرار المليشيات على إخفاء قحطان "هي رسالة واضحة لا يمكن الحديث عنه إلا في ظل الحل الشامل وليس الجزئي".

وتابع "إن مصير القيادات الأربعة المخطوفة ورقة ضغط يحاول الحوثيون استخدامها على القيادة السياسية بشكل عام والإصلاح بشكل خاص، وقد بذلوا محاولات سابقة لإطلاق اللواء ناصر منصور هادي شقيق الرئيس هادي إلا أن الرد كان صادماً من الرئيس أخي مواطن مثله مثل البقية يكون خروجه بخروج الكل".

وأشار زعيل إلى أن أي محاولات للحديث عن قحطان ورفاقه في المشاورات واللجان «ما هو إلا نوع من استراتيجيتهم غير ممكنة التطبيق أو التنفيذ».
 

يقول عبدالسلام محمد رئيس مركز ابعاد للدراسات، إن استمرار اعتقال الحوثيين لصوت السلام اليمني محمد قحطان، يؤكد "أن من المستحيل إحلال أي سلام في اليمن مع ميلشيات لا تفرق بين الحرب والسياسة".

والجولة الأخيرة من مباحثات السلام اليمنية التي انعقدت في السويد أواخر ديسمبر من العام الماضي، خرج وفدا الحكومة والانقلابيين بتفاهمات في ثلاثة ملفات، أبرزها تبادل الأسرى والمختطفين، إضافة إلى ملف الحديدة وفك الحصار عن تعز.

 

وكان من المفترض أن يتم إطلاق كل المخطوفين والأسرى بحلول 20 يناير/كانون الثاني الماضي، وفق قاعدة (الكل مقابل الكل) حسب ما نص عليه الاتفاق المتعلق في مدينة ستوكهولم بالسويد، إلا أنه ورغم مرور قرابة أربعة أشهر ونصف، على نهاية المشاورات لم يحرز أي تقدم في تنفيذ الاتفاقات بما فيها اتفاق الأسرى والمخطوفين.

وقالت الحكومة بعد أسبوعين من نهاية المشاورات إن جماعة الحوثيين أنكرت وجود ثلاثة آلاف من الأسرى والمختطفين، ولم يقدموا أي إفادات بشأن القيادي في حزب الإصلاح محمد قحطان واللواء فيصل رجب.

 

وعقدت بعد ذلك عدة لقاءات للجان المتابعة المتعلقة بملف الأسرى والمخطوفين في عمان، وأقرت آليات للإفراج عن المخطوفين، قبل أن تعلق الاجتماعات إلى أجل غير مسمى، ويبدو أن الجماعة باتت أكثر تمسكاً بالمخطوفين بشكل عام والقيادي قحطان بشكل خاص.

 

إرهاب مستمر

لم تكتفِ المليشيات بقهر عائلة قحطان قرابة أربعة أعوام، فالأسرة كانت في مطلع العام الجاري، مع موعد آخر، من الترويع والإرهاب والتخويف.

حيث أقدم مسلحون يستقلون عدة أطقم على التهجم على منزل القيادي قحطان، أخافوا النساء والأطفال، وأمهلوا العائلة ثلاثة أيام لمغادرة المنزل بذريعة أنه «محجوز من قبل النيابة» وهي العبارة التي كتبها المسلحون بشكل كبير على جدار المنزل وكانت دليلاً فضحهم، عالمياً، واجبرتهم الضغوط على إنكار الواقعة.

 

تطورات لافتة

في الخامس من فبراير/شباط الماضي، وجهت النيابة الجزائية المتخصصة، مذكرة لوكيل الأمن السياسي، أبلغته فيها أن القيادي محمد قحطان المتهم في القضية (67) لسنة 2015 جرائم جسيمة، بأن لا وجه لإقامة الدعوى ضده، وعليه يتم الإفراج عن قحطان.

مثلت المذكرة المذيلة بتوقيع عبدالله الكميم، وكيل النيابة الجزائية (الخاضعة لسيطرة الحوثيين)، أول اعتراف من جماعة الحوثيين باختطاف وإخفاء القيادي محمد قحطان.

سلمت مذكرة الإفراج عن قحطان إلى الأمن السياسي، ووقع القيادي أبو عقيل المعين من المليشيات مسؤولاً عن الجهاز، استلاماً لصورة المذكرة الأصل.

 

تحدث رئيس هيئة الدفاع عن المختطفين والمخفيين قسرا، المحامي عبد الباسط غازي –حينها- بتفاؤل، معبراً عن أمله أن يتم الإفراج عن قحطان بناءً على المذكرة.

وبدأ الحديث حينها عن احتمالية أن تفرج المليشيات الحوثية عن قحطان، إبداءً لحسن النوايا، خصوصاً مع المفاوضات حول ملف الأسرى والتي كانت مستمرة في ذلك الحين بالاردن.

كانت المؤشرات تؤكد توجه الجماعة نحو إطلاقه، خصوصاً بعد أن تم إطلاق الأسير السعودي، لكن كل الأماني والتوقعات تبخرت.

وكما هو الحال منذ أربع سنوت وحتى اليوم لم تبلغ المليشيات عائلة قحطان بمصيره وصحته، ومكان اعتقاله.

 

أنس أمين، وتربطه علاقة مصاهرة بقحطان، قال في تغريدة نشرها على التواصل الاجتماعي "شهرين كاملين منذ صدور قرار النيابة الجزائية المتخصصة للإفراج عن الأستاذ محمد قحطان ولم نجد أي جواب أو رد من الحوثيين أو الأمن السياسي".

وتساءل قائلاً "إذا لم يكن هذا القرار للتلاعب بمشاعر أسرته ومحبيه فماذا يكون؟".


 

يتذكر الزميل/صقر الصنيدي، كان والده صديقا لقحطان ويسكنون في ذات الحي، يتذكر اسم قحطان ومنزله، كمعلم شهير في تعز، يخبر الناس به عندما تاه في شوارع المدينة وهو طفل.

يتساءل الصنيدي وهو يستحضر ذلك، عن حالة قحطان في سجنه القسري، « إن قلت اليوم محمد قحطان فلا أصابع تشير نحو منزلك أو سجنك، لا أحد يدري أين أنت وكيف أنت؟ جائعاً لم يسألوك كما كنت تفعل مع طالب الكلية عندما تراه هل تغديت؟ تغديت أنا، لكن ماذا عنك أنت؟».