مواد غذائية

في اليمن تراجع "سعر الدولار"، ولم تنخفض الأسعار.. أين يكمن الخلل؟!

صنعاء – حسان محمد : 

يشعر نبيل الفقيه باليأس من إمكانية انخفاض أسعار المواد الغذائية مجدداً، فعمله الشاق في البناء لم يعد يكفي لشراء الاحتياجات الأساسية لأفراد أسرته، خاصة مع عدم توفر العمل إلا في ما ندر.
“نحن في بلد ما ارتفع سعره لن ينخفض مرة أخرى، رغم انخفاض سعر صرف الدولار، وفي كل مرة ينخفض سعره تبقى الأسعار على حالها”، كما يقول الفقيه لـ”المشاهد”.
وانخفض سعر الدولار من 595 إلى 500 ريال يمني، بعد توقيع قيادة البنك المركزي اليمني في 31 مارس مع قيادة وزارة المالية ومؤسسة النقد العربي السعودي، والبنك الأهلي السعودي وقيادة القوات المشتركة، على اتفاقية تحويل المرتبات ودعم الموازنة الذي تقدمة المملكة العربية السعودية لليمن بحيث تحول هذه الأموال إلى البنك المركزي بالريال السعودي ويقوم البنك المركزي بمصارفتها بالريال اليمني.
لكن التاجر محمد الحطامي يقول: “ارتفاع الأسعار ليس ذنبنا، ولا نستطيع خفض سعر السلع الغذائية، لأننا نشتريها بأسعار مرتفعة، وحتى نحن نعاني، ولا نحس بانخفاض سعر الصرف الدولار لصالح الريال اليمني”.

التخوف من عدم استقرار الصرف

ويؤكد الحطامي لـ”المشاهد” على ضرورة بدء عملية الضبط والرقابة على التجار المستوردين وتجار الجملة، وليس على محلات التجزئة، موضحاً أنه عند انخفاض سعر الدولار والريال السعودي يتم التلاعب به من قبل كبار التجار، فمثلاً ما كنا نشتريه بـ100 ريال سعودي عندما كان الصرف 160 ريالاً يمنياً، نشتريه الان بـ115 ريالاً سعودياً، وبهذا لا توجد أية جدوى من انخفاض الصرف.
انخفاض أسعار السلع الغذائية، إذن، قائم على درجة اليقين والشك عند التجار، والحامل الاقتصادي معدوم الثقة حالياً، ولذا عندما يرتفع السعر يبادر التاجر بالرفع، وعند الانخفاض يتخوف على استقرار الصرف، بحسب عبدالله عبدالولي، وكيل وزارة الصناعة والتجارة التابعة للحوثيين، لـ”المشاهد”.
ويقول عبدالولي: حالياً الدورة المصرفية خارج إطار البنوك، ولا توجد درجة يقين لاستقرار الدولار، والاقتصاد الكلي غير جاهز لغياب توريد النفط والواردات الأخرى، وتنشيط التجارة الخارجية، ولذا يعد التاجر خلال هذه المرحلة مغامراً، ومن حقه الخوف على تجارته.
مصدر مسؤول بالغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة، يقول لـ”المشاهد”: “تحريك الأسعار لصالح المستهلك يحدث نتيجة العرض والطلب والمنافسة وكفاية المخزون والجودة والمواصفات، والقطاع الخاص يعلم أن أية زيادة في أسعار السلع تؤثر في مبيعات التاجر، خاصة مع تدني القدرة الشرائية للمواطنين جراء الوضع الراهن.
يحدث هذا رغم أن قطاع العلاقات الخارجية بالبنك المركزي أعلن في 12 إبريل الجاري عن إدراج مادة الدقيق ضمن السلع الأساسية، ويمكن لمستوردي مادة الدقيق التقدم بطلبات الاستيراد عبر بنوكهم ليتمكن القطاع من سرعه تغطية قيمة اعتماداتهم بالأسعار المخفضة للدولار، لكن هذا لم يؤدي إلى انخفاض سعر الدقيق.

تجار غير مستفيدين من الاعتمادات البنكية

ويكشف المصدر في الغرفة التجارية أن تجار الشمال الواقعين تحت سيطرة الحوثيين، لا يحصلون على اعتمادات بنكية بسعر 440 ريالاً للدولار، بسبب أن البنك المركزي بعدن يطلب توريد الفلوس نقداً، ولا يقبل التحويلات والشيكات، ويصعب على التجار التوريد نقداً.
وهذا ما تؤكده مذكرة الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة، والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية الموجهة مطلع إبريل الجاري، لوزير الصناعة والتجارة ونائبه، والتي أشارت إلى أن فتح الاعتمادات المستندية من البنك المركزي بعدن للعديد من الشركات التجارية والصناعية بسعر تحفيزي 440 ريالاً للدولار، أسهم في إحداث استقرار الأسعار للسلع الغذائية والأساسية، لكن القرار أوقف لتباين واختلاف وجهات نظر البنك المركزي بصنعاء مع البنك المركزي بعدن، حول آلية السماح لفتح الاعتمادات المستندية للشركات الواقعة في نطاق سيطرة حكومة الوفاق الوطني.
وتؤكد المذكرة، أن إصرار البنك المركزي بعدن على تغطية قيمة الاعتمادات نقداً 100%، قابله رفض البنك المركزي بصنعاء الذي يسعى لوضع آلية لطريقة توريد المبالغ ونسبة النقد فيها، موضحة أن الأمر معروض على اللجنة الاقتصادية العليا بصنعاء، والجهود لازالت جارية لتحقيق رؤية وطنية تحافظ على حياد الجانب الاقتصادي، لما له من خدمة للاقتصاد الوطني ودعم للمستهلكين.
لكن بقاء الأسعار المرتفعة للسلع لا تقتصر على منطقة دون غيرها، بل تتساوى في مناطق الحكومة ومناطق الحوثيين بحسب طارق الجنيد أحد سكان تعز الذي لم يلمس انخفاض لأي سلعة في مدينة منذ تراجع سعر الدولار كما يقول.
ويوضح مصدر الغرفة التجارية أن لجنة المدفوعات بصنعاء توفر الدولار للمستوردين في المحافظات الشمالية، وتجمع المبالغ المالية للتجار مداولة، ويتم تحويلها للخارج بعيداً عن بنك عدن.

حلول في علم الغيب

الغرفة التجارية والصناعية بأمانة العاصمة، والاتحاد العام للغرف التجارية والصناعية، أكدا أنهما سيعملان على تحسين أسعار للمواد الغذائية والسلع الأساسية الصناعية والتجارية بصورة طبيعية وروتينية، لما فيه مصلحة المستهلك، ووفق معايير فنية ومالية، وعبر إدارات مختصة بهذا الشأن، فور حل مشكلة فتح الاعتمادات المستندية، واستمرار تحسين أسعار الصرف وعودة أسعار المشتقات النفطية إلى وضعها الطبيعي.
وزارة الصناعة تعمل جاهدة لتحقيق استقرار بأسعار السعر، وقد أصدرت قائمة أسعار بقيمة 550 ريالاً للدولار، وتنفذ حملات رقابية متواصلة لضبط الأسعار، وتحاول حالياً تحقيق الانسيابية في السلع الغذائية واستقرار السوق، بحسب عبدالولي الذي يقول إن بعض الأسر التجارية متعاونة، لكن البعض يحاول الاحتكار والتلاعب بالأسعار، والوزارة تقف في صف المواطن والمستهلك، وستتخذ إجراءات صارمة، بيد أن مصدراً في الغرفة التجارية يشكك بالوصول لحل إشكالية المستندات، نتيجة المماحكات الكبيرة بين البنكين واللجنتين الاقتصاديتين بصنعاء وعدن، وإذا حاول أي تاجر في الإطار الجغرافي لسيطرة جماعة الحوثي التعامل مع بنك عدن، فستتم مصادرة أمواله واتخاذ إجراءات عقابية قاسية ضده.
ارتفاع أسعار المشتقات النفطية في الآونة الأخيرة أثر على تكاليف النقل والتوزيع، وتجاوزت النفقات 100% من تكلفتها الطبيعية، وهذا يؤثر بصورة كبيرة على أسعار البيع، بالإضافة إلى أن اضطراب أسعار الصرف للعملة الصعبة مقابل الريال اليمني، مثل مشكلة على القطاع الخاص، بدءاً من فتح الاعتماد أو التحويل لقيمة الشحنة للشركات الموردة في الخارج، بحسب تفسير مصدر الغرفة التجارية واتحاد الغرف التجارية لارتفاع الأسعار في مذكرتهما.

المشاهد نت