حجز اللاعب اللبناني الأصل ناظم قدري مكانة مرموقة في أحد أشهر فرق الهوكي بالعالم كأول لاعب مسلم من أصل لبناني يصل إلى العالمية / Reuters

رقّص الكنديين على الدبكة.. "ناظم قدري" أول لاعب هوكي مسلم (فيديو)

عبير السيد- عربي بوست

حول الحلبة الباردة يصرخ الجمهور «قدري، قدري!»، بينما أحد المشعجين ابنه الذي سماه تيمناً بأحد نجوم فريق الهوكي الأشهر في كندا. إنه اللاعب اللبناني الأصل ناظم قدري ، الذي حجز مكانة مرموقة في أحد أشهر فرق الهوكي بالعالم كأول لاعب مسلم.

ناظم قدري قصة نجاح ملهمة في الاغتراب، بطلها شاب يعشق الرياضة الكندية الأشهر، مع التمسك بأصوله اللبنانية والعربية.

كان زفافه الذي أُقيم عام 2018 على الطريقة اللبنانية، محطة بارزة في حياته الشخصية، مقدِّماً لمحة عن التقاليد اللبنانية والعربية في الأفراح.

رقّص لاعبو الهوكي الكنديين على أنغام الدبكة اللبنانية، ودخل قدري بزفة جبلية لبنانية عمرها عشرات السنين، وسط احتفاء كبير من عائلته الفخورة به.

 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 
 

How I'm looking at 20-18. Happy New Years

A post shared by Nazem Kadri (@43kadri) on

وُلد ناظم ناظم قدري بمدينة لندن أونتاريو، في 6 أكتوبر/تشرين الأول عام 1990.

والده سام قدري ووالدته سو قدري، وله أشقاء وشقيقات ياسمين وريما وصابرين وريان، علماً أن ناظم يحمل اسم جده.

نجح في أن يصبح أول لاعب مسلم في كرة قدم هوكي محترف بكندا في دوري الهوكي الوطني (NHL).

وهو أول لاعب مسلم في أشهر فريق هوكي كندي، وهو فريق تورونتو مابل ليفز أو Tornto Maple Leafs، الذي يلعب فيه حالياً في مركز خط الوسط.

يكسب قدري نحو 4 ونصف مليون دولار راتباً سنوياً من فريقه، في حين تبلغ قيمته 10 ملايين دولار.

ناظم قدري يحقق أحلام والده

الدرب إلى الاحترافية لم يكن سهلاً لا لقدري ولا لوالديه.

إذ يختلف احتراف الهوكي عن سائر الرياضات الأخرى؛ نظراً إلى الالتزام الكبير الذي تتطلبه اللعبة من قِبل المواهب الواعدة نفسها وأهاليهم الذين يضطرون إلى شراء معداتها الغالية مع كل موسم، والتنقل على حسابهم الشخصي في سائر أنحاء كندا الشاسعة جداً.

تعود جذور قدري إلى لبنان حيث وُلد جداه. عندما كان عمر والده «سام» 3 سنوات، هاجرت عائلته إلى كندا، توقاً إلى حياة أفضل وبحثاً عن حياة كريمة في أرض الفرص.

كان «سام» يحب رياضة «الهوكي»، وتمنى لو استطاع أن يكون لاعب هوكي متميزاً، ولكنه لم يتمكن من ممارسة اللعبة، لأن والديه لم يكن بمقدورهما توفير الإمكانات اللازمة لتدريبه في مراكز تدريب الهوكي.

حاول «سام» أن يوفر لابنه الفرصة التي لم يمكنه تحقيقها لنفسه.

يحكي «سام» أنه في الليلة التي كانت زوجته على وشك أن تضع طفلهما الثاني، كان قدري في العمل وتلقى اتصالاً من أخيه يطلب منه الوصول إلى المستشفى فوراً، فركب سيارته وقادها بأسرع ما يمكن.

وفي أثناء القيادة كان راديو السيارة يشغل أغنية Big League للمطرب Tom Cochrane، وهي أغنية عن أب يأمل أن يلعب ابنه يوماً ما في دوري الهوكي الوطني.

قال: «كنت أعلم أن الأمر سيحدث، كما لو كانت علامة»، وبالفعل كان ناظم منجذباً نحو رياضة هوكي الجليد منذ طفولته.

من لاعب محلي إلى نجم دولي ووطني

بدأت حياته المهنية كلاعب بدوري الهوكي في أونتاريو (OHL)، أولاً مع فريقي Kitchener Rangers ثم London Knights المحليين.

تم اختياره في تدريبات انتقاء اللاعبين، ليلعب بدوري الهوكي الوطني عام 2009 من قِبل فريق مابل ليفز Maple Leafs، وأصبح أول لاعب مسلم في الفريق يتم اختياره.

وحتى هذه اللحظة يتميز قدري  بمهاراته وكفاءته وتفانيه.

في يناير/كانون الثاني 2013، سجّل قدري أول هدف بموسم فريق مابل ليفز ضد حارس المرمى كاري برايس Carey Price.

مثّل قدري كندا دولياً في بطولة العالم للناشئين 2010، حيث فاز الفريق بالميدالية الفضية بعد خسارته بنتيجة 6-5 في المباراة النهائية أمام الولايات المتحدة.

لعب قدري لفريق أونتاريو في الألعاب الشتوية الكندية Canada winter games 2007، ليفوز الفريق بميدالية ذهبية في تلك اللعبة.

كما مثّل كندا في بطولة إيفان هلينكا التذكارية Ivan Hlinka memorial tournament لعام 2007.

عريس على الطريقة اللبنانية

في يوليو/تموز 2018، تزوج ناظم قدري زوجته آشلي في كازا لوما.

آشلي مُدرسة بالمدرسة الثانوية المركزية في وودستوك. وفي حفل الزفاف، حضر عدد كبير من أبرز زملائه من نجوم فرق الهوكي.

كان من أبرز لحظات الزفاف اصطفاف اللاعبين مع زميلهم العريس، ليرقصوا معاً على أنغام الدبكة اللبنانية الفلكلورية مع قدري، وفق ما نشرته شبكة قنوات الرياضة TSN.

لا توجد معلومات عن كيفية التقاء الثنائي أو تاريخ المواعدة، لكن يبدو أنهما يعيشان حياة مستقرة وهادئة.

حضوره على وسائل التواصل الاجتماعي

قدري ناشط جداً في وسائل التواصل الاجتماعي، ويواظب على تحميل صوره على موقعي إنستغرام مع أكثر من 201 ألف متابع.

وبالمثل، فهو نشط أيضاً على تويتر مع أكثر من 245 ألف متابع، ينشر من خلال آرائه حول القضايا الراهنة والتي تحمل طابعاً يدعو إلى تقبّل الآخر مهما كانت خلفيته وديانته.

حياته الاحترافية لا تخلو من الجدل

يشتهر اللاعب بعدم قدرته على التحكم في عواطفه في أثناء اللعب ببعض الأحيان، وهو ما عزز شائعات بأن عقده مع مابل ليفز قد ينتهي، وبأنه قد يغادر قريباً.

لكن قدري ما زال حتى هذه اللحظة يلعب مع فريقه، وأوضح أنه سيحاول السيطرة على انفعالاته بشكل أكبر.

يقول لشبكة الرياضة Sportsnet: «لست قلقاً على الإطلاق، زملائي والإدارة يدركون جيداً ما أفعل من أجل اللاعبين. أتخطى الحدود أحياناً، ولا أريد لهذا أن يتكرر، ولكن يمكن إصلاح الأمر».

وعنى بذلك إجراءات يتخذها النادي لمساعدته على التحكم في ردود فعله على الملعب.

وتأتي تصريحات قدري بعدما تم فصله من اللعب بشكل مؤقت، لدفاعه عن زميله في النادي بعدما تعرض لهجوم غير قانوني من مدافعي فريق منافس، فما كان من قدري إلا أن ردّ الهجوم بهجوم آخر؛ وهو ما أدى إلى فصله المؤقت عن الملاعب.

وختم حديثه قائلاً: «أنا عادة لا أفكر في النتائج مسبقاً، وهذا أمر بتُّ أدركه مع كل مرة يحدث، لكني أضع زملاء اللعب في مقدمة أولوياتي، قد لا يبدو الأمر هكذا، لكن اللاعبين يعرفون جيداً أني سأفعل أي شيء من أجلهم، وشخصياً أفضّل أن يكون لديّ لاعب زميل يهتم كثيراً بشأني على لاعب لا يهتم إطلاقاً!».

وبينما يثير اللاعب الجدل بعواطفه الجياشة تجاه الفريق واللاعبين، يستمر في كتابة تاريخ رياضي لم يسبقه أحد إليه في رياضة بعيدة قليلاً عن مجال الاهتمام العربي إن صح التعبير.