القيادي في الحزام الأمني أبو اليمامة يرقب أماكن وصول الحوثيين على أطراف الضالع

من "ستوكهولم" إلى "قعطبة".. هل تتوقف الموجة الجديدة من غزوات الحوثيين عند الحدود الشطرية؟!

معاذ أحمد- المصدر أونلاين

كان توقف المعارك في الحديدة هو النتيجة اليتيمة لجولة مشاورات استوكهولم، لكنها قادت إلى تداعيات كبيرة ومختلفة إذ تفرغ الحوثيون لخوض معاركهم في مناطق أخرى، فقد ساعدهم ذلك على العمل لاستعادة ما خسروه في السنوات الماضية في المناطق الوسطى، وصولاً إلى الحدود الشطرية ما قبل اعلان الوحدة اليمنية عام 90.

 

خلال الأسابيع الماضية عملت مليشيا الحوثي بكل الوسائل الممكنة للسيطرة على مناطق "العود" و"حمك" و"قعطبة" في محافظتي إب والضالع ولم تكن المواجهات المسلحة بين القوات الحكومية والحوثيين، والتي اندلعت في 23 مارس الماضي، سوى الفصل الأول من مخطط كبير، يذهب إلى ما هو أبعد من توسيع الرقعة الجغرافية لسيطرة الحوثيين.

 

في 18 أبريل الماضي، سيطر الحوثيين على مناطق العود التابعة إدارياً لمحافظة إب، وفي وقت لاحق، سيطروا على مركز مديرية الحشاء، وتقع المديرية جنوب غرب محافظة الضالع، وتربطها بمحافظتي تعز وإب.

 

وفيما تستمر المعارك العنيفة منذ أيام في قعطبة ومريس، هاجم الحوثيون مديرية المسيمير في لحج، وهو تحرك ميداني غير مسبوق، ويعد التفافاً خطيراً على مواقع القوات الحكومية في كرش والقبيطة، وتهديداً يقترب من قاعدة العند ويمكن من خلال تقدم الحوثيين في المسيمير قطع الخط العام الرابط بين يافع والضالع ومثلث العند.

 

وفي محافظة البيضاء، كان التهديد الحوثي أكثر قرباً من الحدود الشطرية، حيث سيطرت المليشيات على مديرية ذي ناعم وجبل "حلموس" الإستراتيجي الذي يمثل تهديداً للخط الاسفلتي الذي يربط بين "ذي ناعم - الناصفة - الحد يافع"، كما كثف الحوثيون هجومهم على مناطق بمديرية الزاهر لاستكمال السيطرة عليها والتمركز في الجبال المطلة على مناطق الحد يافع التابعة لمحافظة لحج.

 

تخاذل وخيانات

 

تقدم سريع للحوثيين وغير متوقع باتجاه الجنوب، تزامن مع عملية استقطاب كبيرة لقيادات قبلية ومجتمعية في المناطق الوسطى، وخيانات من بعض القيادات العسكرية التي كانت حتى وقت قريب محسوبة على الشرعية، قبل أن تغير ولاءها وتسهل للمليشيات التقدم في المديريات الواقعة على الحدود السابقة بين شطري اليمن.

 

أحضرت المليشيات معها في هذه الحرب الصواريخ الحرارية التي دخلت لأول مرة في دائرة المواجهات بالضالع، حسب ما أكد عسكريون في الجبهات لـ"المصدر أونلاين"، كما استخدمت المليشيات الصواريخ الباليستية في قصف مناطق سيطرة القوات الحكومية.

في معسكر حلم التابع للواء 30 مدرع، كان مراسل قناة المسيرة يحيى الشامي، يستعرض انتصارات جماعته وما حققته من تقدم بتعاون أبناء المنقطة، حسب زعمه.

 

ظهر الشامي متحدثاً في العشرين من أبريل "لم يُساند طيران العدوان مرتزقته بأي غارة أثناء احتدام المعارك في معسكر حُلُم ب قعطبة الضالع وبعد ٢٤ ساعة من سيطرة الجيش واللجان بمساندة أبناء العود والضالع شرع الطيران بتدمير المعسكر أثناء جولتنا المصورة".
حضر الطيران متأخراً، رغم المناشدات والدعوات والبلاغات التي ترفع لقيادة الشرعية والتحالف العربي، والتي تنذر بخطر التقدم الحوثي واحتمالية سقوط المناطق بيد مسلحي الجماعة.

 

يشير إلى هذا الخذلان، مدير أمن محافظة البيضاء العميد ركن أحمد علي محمد الحميقاني، في بيان استقالته –نشر تفاصيله المصدر اونلاين في وقت سابق- والتجاهل من قيادة التحالف والشرعية "لمقاومة ال عمر ذي ناعم ومقاومة الزاهر ال حميقان وهي تواجه المليشيات الانقلابية بترسانتها الكبيرة من دبابات وآليات وأسلحة ثقيلة ومتنوعة".

 

أكد الحميقاني رفعهم "عدة برقيات إلى الجهات العليا لإطلاعهم على خطورة الوضع وقبل أن يسقط جبل "حلموس" الاستراتيجي بيد المليشيات" لكنه قال إن تلك البرقيات لم تلقَ أي اهتمام يذكر من القيادات المعنية.
مقاومة الحشاء، وعبر قياداتها بعثت مناشدات للدعم والإسناد لكن تقدم الحوثيين سبق الاستجابة التي كان ينتظرها المقاتلون في الميدان.

من يقاتل ومن يخون؟


سرد "المصدر اونلاين" في تقرير سابق، تفاصيل دقيقة، عن العوامل التي سّرعت من سقوط جبهات في الضالع بيد المليشيات الحوثية، والدور الكبير الذي لعبه عضو البرلمان حزام فاضل ورئيس فرع المؤتمر بإب عقيل فاضل، ومشائخ أخرين في تسهيل مهمة الحوثيين وتهيئة القبائل في تلك المناطق للمشاركة في هجوم المليشيات.

 

وكشف التقرير الدور الذي لعبه قائد اللواء 30 مدرع المقال عبدالكريم الصيادي، في تسهيل مهمة الحوثيين وتسليم المواقع الخاضعة لسيطرة اللواء لمسلحي الجماعة، كما تضمن التقرير اسماء لضباط وجنود من عائلة الصيادي ومنطقته، كان لهم دور بارز في طعن زملائهم باللواء في ظهورهم والمشاركة في قتلهم وتصفيتهم.

 

من المؤكد أن الخيانات التي وقعت في صفوف القوات المحسوبة على الحكومة والشرعية كان لها دوراً في سقوط الجبهات، وهذا ما أقر به نائب رئيس الجمهورية، الفريق الركن علي محسن صالح، في اتصال هاتفي أجراه الخميس، مع أركان حرب محور إب قائد جبهة الضالع - إب العميدعبدالله مزاحم.
أشار الأحمر، في الاتصال، إلى أن المليشيات الحوثية "لم تحقق نصراً في تاريخها على اليمنيين إلا عبر الخلافات بين أبناء الصف الوطني"..مؤكداً "بأن من يخون الجمهورية والثورة يكون أول من يدفع ثمن هذه الخيانة".

 

وهو اعتراف ضمني بوجود خيانات في صفوف القوات الحكومية، كانت وراء سقوط مناطق في الضالع بيد المليشيات الحوثية.
لكنها - بحسب مصادر محلية هناك - محدودة جداً بالنظر إلى العوامل الأخرى التي ساهمت في تقدم الحوثيين، حيث تتواجد قوات أخرى في تلك الجبهات تتبع تشكيلات عسكرية وأمنية موالية للعميد طارق صالح نجل شقيق الرئيس السابق، والمجلس الانتقالي الجنوبي، والمكونين يحظيان بدعم ومساندة من الإمارات العربية المتحدة.

 

مطلع إبريل، وصلت وحدات عسكرية من ما يعرف بـ"حراس الجمهورية" التي يقودها طارق صالح إلى جبهات العود ومريس وحمك.
وأرسل الحزام الأمني الموالي للانتقالي والإمارات، تعزيزات عسكرية كبيرة، للدفاع عن الجنوب ومنع الغزاة من اجتياحها.
ومنذ تصعيد الحوثيين الأخير باتجاه النادرة والضالع، في 23 مارس، يشارك الحزام الأمني في الضالع في العمليات العسكرية الجارية في حمك ودمت والعود، ووصلت كتيبة من حراس الجمهورية (القوات المشتركة أو المقاومة الوطنية) نهاية الشهر ذاته، إلى الضالع بحسب ما ذكرت وكالة خبر ووكالة 2 ديسمبر التابعة لقوات طارق صالح.

 

وفي 16 أبريل الجاري وصلت كتيبة عسكرية من اللواء الأول دعم وإسناد (الحزام الأمني في عدن) إلى جبهة مريس، حسب ما أفاد محمد نمش، لـ"المصدر اونلاين"، وهو من منسوبي الجيش ضمن اللواء 30 مدرع.
صباح اليوم التالي وصل العميد منير اليافعي المكنى (أبو اليمامة) إلى مريس، في زيارة تفقدية للضالع، زار فيها جبهات مريس برفقة قائد الحزام الأمني بالضالع أحمد قايد، وقائد التدخل السريع أوسان الشاعري.
التقى أبو اليمامة بقائد اللواء 30 مدرع العميد هادي العولقي، والذي عينه الرئيس هادي نهاية مارس خلفاً للصيادي.

 

وأعلن أبو اليمامة في احد المواقع المتقدمة بحمك، في كلمته للجنود ورجال المقاومة (اغلبهم من منسوبي اللواء 30 مدرع والمقاومة الشعبية) أن الحزام الأمني سيشارك في معارك الدفاع عن الضالع وستكون قواته في طليعة القوة التي ستحرر محافظة إب.
وأشار ابو اليمامة –بحسب ما نشر موقع المشهد العربي التابع للمجلس الانتقالي الجنوبي- إلى أن تحرير محافظة إب بات قريبا، موضحاً أن "الأخبار التي تتحدث عن تقدم للحوثي بإتجاه الضالع ماهي الا استهداف إعلامي من قبل قطر وإيران، وهي أخبار مغلوطة وكاذبة ولا أساس لها من الصحة".

 

الموقع ذاته، قال إن أبو اليمامة "طمأن قائد اللواء 30 مدرع بأنه سيكون بجواره في كل المواقف وسيتم الدعم بالمال والرجال حتى يتم دحر المليشيات الحوثية من جبهات شمالي الضالع وغيرها.
جاءت زيارة أبو اليمامة متزامنة مع سقوط العود بشكل كامل تحت سيطرة الحوثيين.

 

ولم تمض خمسة أيام، إلا ومعظم الكتيبة التي وصلت قبل يوم من زيارة أبو اليمامة، قد انسحبت من الخطوط الأمامية، وعادت إلى معسكر للحزام في الضالع، حسب تأكيدات مصادر عدة.
والمح الكاتب السياسي د.ياسين التميمي، إلى تواطؤ القيادات العسكرية الموالية للإمارات، في ما شهدته جبهات الضالع من "تراجع لافت لحساب الحوثيين".
جاء ذلك في إشارة تضمنها مقاله - نشره موقع "عربي21"- لزيارات بعض القادة العسكريين الانفصاليين الذين أعدتهم الإمارات؛ "ربما كانت جزءاً من عملية مقصودة للضغط على مقاتلي الشرعية".


تعزيزات حراس الجمهورية، هي الأخرى لم تحدث أي فارق ملحوظ في جبهات شمال الضالع، الذي كانت قياداتها قد بشرت به، قبيل وصولها إلى جبهات حمك ومريس، وكان مصير مواقع في اطراف جبل العود، "سوق الخميس، ومنطقة النخلة" نفس مصير المواقع المجاورة التي سقطت بيد الحوثيين في بإب.


هل يريد الحوثيون اجتياح الجنوب؟


يصرح الكثير من قيادات المجلس الانتقالي، رافعين شعار الدفاع عن الجنوب، بأن هجوم المليشيات الحوثية، يستهدف اجتياح الجنوب، وتكرار ما حدث عام 2015.
لكن المليشيات الحوثية لا تنوي غزو الجنوب، كما يقول القيادي في الجماعة، حسين العزي، الذي نشر تغريدة ف يحسابه على تويتر جاء فيها "إلى إخوتنا في عموم جنوب اليمن الحبيب تحية الإخاء والصفاء وبعد: أنتم أولى بتحرير الجنوب".

 

يؤكد حسين العزي، في تغريداته، أن جماعته لن تقترب من الضالع ويافع، وأن تحريرها من الأمريكيين والسعوديين هي مهمة الجنوبيين أنفسهم "أنتم لذلك أهل وفيكم الكفاءة والشجاعة لفعل ذلك ولن نتجاوزكم في ما لا ترغبون".
محمد طاهر، أحد اعضاء اللجنة الإعلامية بالمجلس السياسي الأعلى التابع للحوثيين، يشير إلى ضرورة استمرار زحف المليشيات وعدم توقفها بالضالع والوصول إلى عدن.

 

ويربط طاهر توقف الهجوم باتجاه الجنوب، بالمقاتلين الجنوبيين في الساحل الغربي الذي طالب بسحبهم من باب المندب والمخأ والخوخة والتحيتا، وهي مناطق شمالية.
ويوافق هاني بن بريك القيادي في المجلس الإنتقالي، على أسباب الهجوم الحوثي باتجاه الجنوب "للضغط علينا بسحب بعض قواتنا من الساحل".
وأكد بن بريك أن لديهم (أي الانتقالي الجنوبي) "من الأبطال في الداخل وعلى الحدود أضعاف ما في الساحل وسترون ما سيحدث في هذه اليومين"، لكن لم يحدث شيئ رغم مرور أكثر من أسبوعين على تغريدة بن بريك.
ولم يخفِ المتحوثون وقيادات الجماعة الميدانيين أهداف تقدمهم، فقد صرح عدد منهم، بأن هدفهم هو التقدم إلى حدود 1990م في سناح بالضالع.

 

وتحدثت مصادر قبلية متعددة لـ"المصدر اونلاين" بأن مدير مديرية دمت المعين من الحوثيين، سلطان فاضل، حاول إقناع قبائل في المنطقة بالانسحاب من مواقع المواجهات، مؤكداً لهم إن هدف الحوثيين السيطرة على كامل حدود الشمال ما قبل 1990م، وأن هذا يتم بتوافق دولي وموافقة من التحالف العربي، وذلك لتسهيل حل الأزمة والحرب في اليمن من جذورها على قاعدة شمال وجنوب.
ورفض رئيس اللجنة الثورية الحوثية، المعين مؤخراً في المجلس السياسي الأعلى، محمد علي الحوثي، الاجابة على سؤال قناة روسيا اليوم حول التنسيق بينهم وبين الإنتقالي الجنوبي، وأكتفى الحوثي بالرد قائلاً "لا تعليق".

 

وتتناغم تصريحات الحوثيين وتحركاتهم مع قادة في المجلس الانتقالي الجنوبي والمحسوبين على الإمارات في المناطق المحررة، حيث يرى القيادي في الإنتقالي الجنوبي جمال بن عطاف، أن هجوم الحوثيين يستهدف المناطق الشمالية فقط، مؤكداً أن الحوثي "حتى اللحظة يتمـدد في المناطق الشماليـة المحـادة لدولة الجنوب العـربي".
وأشار عضو الجمعية الوطنية بالانتقالي الجنوبي الموالي للإمارات، إلى أن المقاومة التي تواجه الحوثيين في المناطق المحاذية للجنوب، "مقاومـة من جنودنا البواسـل ممن تراهم عصابة الشرعية مليشيـات، دون أن تحرك ساكنـاً".


لكن الصحفي والكاتب عبدالرقيب الهذياني، استبعد توقف الحوثيين عند الحدود الشطرية "وضع الحوثي رحاله على شريط التشطير الحدودي السابق ليستريح 4 سنوات ويخطط ليعيد الكرة الثانية. فهلل الانفصاليون ( لكم شمالكم ولنا جنوبنا)".
مشيراً في منشور على حسابه في الفيسبوك، إلى أجندة الحوثيين التي تتجاوز خطوط الطول والعرض "ولا تعترف بالجهات الاربع ومن وراءه طهران تعتقد ان سيطرتها على باب المندب اهم من حصولها على السلاح النووي".