مؤتمر صنعاء اختار أحمد علي نائبا لقيادة الحزب

اجتماع مؤتمر صنعاء.. كيف يمكن أن تكون في حضن أبو ظبي و"ضد العدوان" في آنٍ معا؟

كمال السلامي- المصدر أونلاين

لا يزال حزب المؤتمر الشعبي العام "جناح صنعاء"، عالقاً في تحالفه مع جماعة الحوثيين وعاجزاً عن مغادرة السياق الذي وضعته له الجماعة، بالرغم من الخسارة الفادحة التي تكبدها "الحزب" في أعقاب ما عرف بـ"انتفاضة ديسمبر"، التي انتهت بمقتل "صالح" رئيس الحزب، و"عارف الزوكا" الأمين العام للحزب، وما تلا ذلك من تنكيل بعدد من قيادات الحزب في مناطق سيطرة الحوثيين.

تجلى هذا الأمر، في نتائج اجتماع اللجنة الدائمة للمؤتمر جناح صنعاء، والذي عقد بحضور الكثير من القيادات المؤتمرية المؤيدة للحوثيين، وتحت شعار يتماهى إلى حد كبير مع شعارات جماعة الحوثي وتوجهاتها السياسية والعسكرية.

اللافت في الأمر، هو موقف قيادات مؤتمرية تتواجد خارج مناطق الحوثيين، كنجل شقيق الرئيس السابق "يحيى صالح"، عضو اللجنة العامة، والقيادي "ياسر العواضي"، الذي كان من أبرز القيادات المقربة من الرئيس السابق، والذي يشغل أيضاً منصب "الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر"، واللذين باركا الاجتماع وأيدا مخرجاته.

وخرج اجتماع الدورة الاعتيادية للجنة الدائمة لمؤتمر صنعاء،، بقرارات عديدة، منها الإبقاء على صادق أمين أبو راس، رئيسا لحزب المؤتمر، وتعيين يحيى الراعي، نائبا أول لرئيس الحزب، إضافة إلى تعيين نجل الرئيس السابق المتواجد حاليا في أبو ظبي نائباً لرئيس الحزب إلى جانب قاسم لبوزة، في حين تم اختيار غازي أحمد علي محسن الأحول أميناً عاماً وجابر عبدالله غالب وفاطمة الخطري أمينين مساعدين للمؤتمر.

اجتماع مؤتمر صنعاء، خرج بتوصيات في بيانه الختامي، أكد على موقفه الثابت مما أسماه "العدوان"، وضرورة توحيد "الجبهة الداخلية" في إشارة إلى تعزيز التحالف مع جماعة الحوثيين.

 

مؤتمر الرياض: مسرحية هزيلة

وفي أول رد فعل على اجتماع صنعاء، وصفت قيادة الحزب المؤيدة للشرعية والمتواجدة في الرياض، اجتماع صنعاء، بأنه مسرحية هزيلة وعبثية تضاف إلى مسرحيات مليشيا الانقلاب في صنعاء، مشيرة إلى أن القرارات التي خرج بها الإجتماع تمت تحت فوهات البنادق والقهر والتهديد والعنف الذي يمارسه الحوثيون ضد قيادات الحزب.

وقالت قيادة المؤتمر "جناح الشرعية"، إن ما حدث من اجتماع لما يسمى اللجنة الدائمة في الأول من مايو 2019 لا يمثل اللجنة الدائمة للمؤتمر، وإن أعضاء الحزب في المحافظات المحررة لا علاقة لهم بالاجتماع، مؤكدين أن قيادات الحزب بصنعاء بحكم الأسرى والرهائن لدى الحوثيين.

وأضافت في بيانها، أن على قيادات الحزب في الداخل والخارج، أن ينتصروا لدماء "صالح" ورفيقه "الزوكا"، الذين قتلتهم نفس الأيادي والأشخاس الذيت رتبوا اجتماع ما يسمى اللجنة الدائمة بصنعاء.

 

مقربون من صالح: اجتماع مبارك

وفي مقابل هذا الموقف، بدا بعض أقارب الرئيس السابق "علي عبدالله صالح"، مبتهجين بانعقاد اجتماع اللجنة الدائمة بصنعاء، وهو ما تجلى في مقال لنجل شقيق "صالح"، نشرته صحيفة "الميثاق" الناطقة باسم المؤتمر، والتي تصدر من العاصمة صنعاء.

ووصف يحيى صالح المقيم في بيروت، قيادة الحزب في صنعاء، بأنها القيادة الشرعية، ممثلة بصادق أمين أبو راس، وبقية قيادات الحزب المؤيدة للشرعية، وهي القيادات التي نجحت – حسب قوله - في "ترتيب أوراق المؤتمر وأعادوا الروح إلى جسده بكل الصدق والمسئولية".

وقال يحيى صالح الذي تم تصعيده قبل مقتل عمه لعضوية اللجنة العامة للمؤتمر إن انعقاد الدورة تمثل ضرورة ملحة يفرضها الواقع الراهن للمؤتمر، كما أنها – من وجهة نظره– تعد ترجمة لطموحات المؤتمريين.

الأمين العام المساعد لحزب المؤتمر، ياسر العواضي هو الآخر بارك انعقاد الدورة الاعتيادية للجنة الدائمة لحزب المؤتمر، كما أشاد بالقرارات التي أقرتها اللجنة، والتي وصفها بأنها "قرارات موفقة لملمت أجزاء مهمه من المؤتمر وتركت الباب مواربً أمام الأجزاء الأخرى"، حسب قوله.

وأضاف: "أبارك انعقاد اللجنة الدائمة الرئيسية التي حالت بيني وبين حضورها أوضاع قاهرة، واجتماعها ضروري للغاية فالعجز عن المسؤلية ليس في قاموس المؤتمر"، معربا عن ثقته بـ"الشيخ صادق أمين أبو راس"، وأعضاء اللجنة الدائمة وإخلاصهم، وحرصهم على مبادئ الجمهورية وعلى النظام الداخلي ووحدة المؤتمر.

وقال "العواضي": "اجتماعات هيئات المؤتمر الشعبي العام أمر مهم وضروري لإنعاش الحزب وإحياء دوره والمهم لنجاحها والتي يجب ان تبنى عليه المواقف نحوها هو الحفاظ على ثوابت الجمهورية المثبته في الميثاق الوطني وعلى الالتزام بالنظام الداخلي الذي يعتبر الإلتزام الصارم به صمام أمان لوحدة المؤتمر التنظيمية".

 

تهنئة حوثية

الحوثيون بدورهم بدوا مبتهجين باجتماع اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر "الجناح المؤيد لهم"، وهذا ما جاء على لسان القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي، الذي بارك الاجتماع، واصفاً "أبو راس" وأعضاء اللجنة الدائمة بالقيادات الوطنية "الصامدة والرافضة للعدوان".

وتمنى "الحوثي" لقيادات المؤتمر النجاح والتوفيق في مهامهم الوطنية التي – حسب قوله – ستعزز استمرار الصمود بوجه العدوان.

 

مخالفة للنظام الأساسي

وفي المقابل، هناك قيادات مؤتمرية وصفت ما حدث في صنعاء، بأنه تم تحت الإجبار والضغط من قبل الحوثيين، ومن هؤلاء القيادي بالحزب عادل الشجاع.

وقال "الشجاع" في مقال على حسابه بموقع "فيسبوك"، إن عصابة الحوثي قامت بإجبار نائب رئيس المؤتمر على دعوة اللجنة الدائمة لتعيين أمينا عاما مخالفا بذلك النظام الأساسي للحزب، مشيرا إلى أنها نفس الإجراءات التي أجبرت رئيس البرلمان السابق يحي الراعي في تقليد واحد من قيادات العصابة رتبة مشير في منظر سريالي مهين .

وطالب "الشجاع" المجتمع الدولي والمؤسسات الحقوقية الدولية إلى التدخل العاجل لحماية قيادات وكوادر الحزب، لافتا إلى أن صمت المجتمع الدولي إزاء هذه الممارسات وتلك الجرائم الخطيرة التي جعلت هذه العصابة تنتزع القرارات والتصريحات التي تخدم أهدافها وتوفر لها غطاء سياسيا أمام الداخل والخارج، مشيرا إلى أن جميع القرارات الصادرة عن قيادات الحزب في صنعاء، لن يتم الاعتراف بها، لأنهم مكرهين.

 

ذر للرماد في العيون

وكيل وزارة الإعلام وعضو اللجنة الدائمة لحزب المؤتمر نجيب غلاب أشار بدوره إلى أن "‏ما يحدث من قبل مؤتمر صنعاء لا يعني أنه اصبح حوثياً ولن يكون حوثياً مهما حدث".

وأضاف في تغريدات على حسابه بموقع "تويتر"، إلى أن "‏القصة مرتبطة باجراءات باطلة ومحاولة لإعادة ترتيب الأوراق بطريقة لا تخدم غير الحوثية كما انها تستهدف آخرين عبر عملية ضغط يديرها جناح ملتزم للحوثية وهؤلاء هم المشرفون على الحزب باسمه".

وقال "غلاب"، إن "‏تعيين أحمد علي كنائب ثالث في مؤتمر صنعاء ذَر للرماد في العيون، مشيراً إلى أن قبول المؤتمر لهذه اللعبة يعد بمثابة "قمار بلا أفق"، مؤكداً أن "‏مؤتمر صنعاء مازال يقول إنه شريك للحوثية حتى بعد مقتل صالح والأمين، كما أنه يحاول تفكيك أي نقلات داخل الصف الوطني الجمهوري المناهض للحوثنة".

 

موقف أحمد علي وجثة "صالح"

بدوره قال محافظ المحويت صالح سميع، إنه ينتظر بتلهف سماع موقف "أحمد علي صالح" المقيم في أبو ظبي، من قرار تعيينه نائبا لرئيس مؤتمر صنعاء.

بعض المتابعين استغربوا من عدم تطرق اجتماع اللجنة الدائمة لمؤتمر صنعاء، إلى جثة "صالح"، وعدم مطالبتهم بالكشف عن مصيرها، من هؤلاء وكيل وزارة الأوقاف محمد شبيبه، الذي قال: "قيادة المؤتمر الشعبي العام في صنعاء قيادة منبطحة لا تستطيع أن تكشف عن مصير جثة زعيمها فكيف ستقود حزبها بحرية واستقلال".

وأضاف "شبيبة"، في تغريده على حسابه بموقع "تويتر": "قيادة رخيصة تلاحق الشراكة مع الحوثي وقد نهب كل مايتعلق بالحزب - حتى كلب حراسة منزل علي عبدالله صالح زعيم المؤتمر ساقه محمد علي الحوثي لينبح حول منزله في صعدة!"، أيده في ذلك القيادي بحزب المؤتمر المؤيد للشرعية، عبد الغني جميل، وزير الدولة، أمين العاصمة هو الآخر تساءل عن عدم مطالبة اجتماع صنعاء بجثة صالح.

وفي المحصلة، لم يتمكن حزب المؤتمر الشعبي العام حتى اللحظة من تجاوز حالة الانقسام التي أحدثها مقتل "صالح" على يد الحوثيين"، فالحزب بات مقسماً إلى أجنحة عديدة، أحدها مؤيد للشرعية ومن ورائه الرياض، يتزعمه الرئيس هادي وبن دغر، والبركاني وآخرين، وجناح آخر أقرب لأبو ظبي، يمثله "أبو بكر القربي" و "أحمد علي"، نجل الرئيس السابق وآخرين، في حين هناك بعض القيادات تتواجد في القاهرة وعواصم أخرى، وهؤلاء عالقون بين الرياض وأبو ظبي، في حين يتماهى جناح صنعاء، مع توجهات وأجندة الحوثيين، لكن اللافت هو التقارب الصامت، والانسجام بين جناح أبو ظبي وجناح صنعاء، والذي تكلل بتعيين "أحمد علي" نائبا لرئيس المؤتمر.