صورة علي السنيدار

الصعوبات الاقتصادية وسط الحرب تجبر اليمنيين على التقشف في رمضان

يستقبل اليمنيون شهر رمضان للسنة الخامسة في ظل الحرب، بجيوب فارغة وسط صعوبات اقتصادية وأزمات معيشية وارتفاع متصاعد في الأسعار، وعلى غير العادة باتوا مجبرين على التقشف والتخلي عن عادات الاستهلاك التي كانت ترافق المناسبة الدينية، فيما أدى تدني القدرة الشرائية والعقبات أمام الواردات إلى تراجع الحركة التجارية.

ويتفاوت الوضع المعيشي لليمنيين بين مناطق السيطرة المختلفة التي أفرزتها الحرب، حيث يجد السكان في مناطق الحكومة بعض العزاء في توفر خدمات المياه والكهرباء وانتظام دفع الرواتب، بعكس المواطنين في العاصمة صنعاء ومناطق سيطرة الحوثيين الذين يعيشون في أزمات مستمرة وبدون خدمات ولم يقبض أكثر من نصف مليون موظف حكومي رواتبهم منذ عامين.

لكن الأزمة الاقتصادية التي تعيشها البلاد بسبب الحرب ،تلقي بظلالها على جميع اليمنيين الذين تأثروا بانهيار العملة المحلية و أزمات الاقتصاد الكلي وانعدام مصادر الدخل وتأثرت قدرتهم الشرائية وباتوا مجبرين على تغيير أولويات الإنفاق والتخلي عن كثير من احتياحياتهم خلال شهر رمضان.

ويعتمد سكان الأرياف على معونات الغذاء التي تقدمها منظمات دولية، وأوضح ماجد محمد رب أسرة في ريف تعز ( جنوبي غرب البلاد)، أنه حصل على احتياجاته لشهر رمضان من مساعدات تقدمها منظمة دولية تقوم بتوزيع القمح والدقيق والأرز والسكر وزيت الطبخ على السكان.

وقال محمد لـ" المصدر أونلاين" :" بدون المساعدات لا أعلم كيف كنت سأتدبر أموري، ربما كنت سالجأ للاقتراض، فأنا عامل بناء وقطاع البناء في الريف يعيش حالة ركود حتى في فترة ما قبل الحرب، ولا استطيع تحمل تكاليف السفر والإقامة في المدينة التي تشهد انتعاشا في هذا المجال".

وقال برنامح الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة،12 أبريل الماضي، أن هناك نحو 20 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي ، وأن 238000 شخصاً في 45 منطقة باليمن معرضين لخطر المجاعة ودخول مستويات الكارثة من انعدام الأمن الغذائي في أوائل عام 2019 في غياب المساعدات الإنسانية.

وأشار البرنامج في تقرير اطلع عليه "المصدر أونلاين" ، إلى انعكاسات الصراع على الناسـ والتي تمثلت في تخفيض قيمة العملة ، وزيادة تكلفة ومخاطر استيراد ونقل السلع الأساسية – وأوضح أن الاضرار التي لحقت بالبنية التحتية الإنتاجية والأصول والطرق ومرافق الموانئ، تسببت في ارتفاع أسعار المواد الأساسية في اقتصاد اليمن المعتمد على الاستيراد.

في الوقت نفسه ، أدت عمليات إغلاق الشركات ، وانخفاض الإنتاج الزراعي ، وانخفاض مدفوعات الرواتب الحكومية ، و القيود المتزايدة على الوصول إلى سوق العمل السعودي ، إلى تقليل الأموال التي تصل إلى العديد من الأسر اليمنية. يتوفر الغذاء في الأسواق المحلية ، لكن عددًا أقل من الناس يمكنهم شراؤها. بسبب التحديات المزدوجة المتمثلة في ارتفاع الأسعار وانخفاض الدخل ، حسب التقرير.

وفي مدينة تعز التي يحاصرها الحوثيون من المنفذين الشرقي والغربي، اختفت مظاهر استقبال شهر رمضان وتعيش الأسواق حالة ركود في ظل قلة المعروض من المواد الغذائية، وارتفاع في الاسعار بلغ 20% بحسب تجار، نتيجة الصعوبات التي تواجه التجار في إيصال بضائعهم عبر طرق جبلية وعرة.

وقال أكرم صالح، موظف:" نعيش في وضع أفضل بالمقارنة مع السكان في مناطق الحوثيين ونقبض رواتبنا بانتظام، لكن الوضع الاقتصادي وارتفاع الأسعار تجبرنا على التقشف وشراء الاحتياجات الضرورية، ولم أعد استضيف أحد على وجبة الافطار والعشاء وكان منزلي قبل الحرب يمتلأ بمعارفي من الطلاب وابناء الارياف".

واستقبلت العاصمة صنعاء الخاضعة للحوثيين شهر رمضان بأزمات معيشية خانقة في الوقود وغاز الطبخ، فيما يعيش موظفي الدولة في مناطق الحوثيين بدون رواتب منذ سبتمبر 2016، وفي ظل غياب للخدمات وابرزها الكهرباء العمومية.

ويحصل السكان في صنعاء وبقية مناطق الحوثيين على الكهرباء من شركات تجارية تمتلك مولدات خاصة وتقوم بتزويد المحلات والمنازل بالكهرباء لساعات محدودة وبأسعار مرتفعة تفوق قدرة آلاف السكان الذين يعيشون في الظلام.

وفي العاصمة المؤقتة عدن (جنوبي البلاد)، حيث مقر الحكومة الشرعية، أكد تجار ومواطنون لـ" المصدر أونلاين" ، أن الركود يضرب الأسواق المحلية قبل شهر رمضان والاقبال ضعيف للغاية من الناس على شراء احتياجاتهم بسبب الظروف المعيشية القاسية وارتفاع الأسعار.

وقال جمال اليافعي صاحب متجر للمواد الغذائية:" على غير العادة لم يجازف التجار باستيراد كميات كبيرة من المواد الغذائية لمواجهة احتياجات شهر رمضان، ففي أعوام سابقة ظلت السلع مكدسة في المحلات وحركة التسوق ضعيفة، وهذا العام ربما يكون الاسوأ من حيث الاقبال".

أدى انخفاض سعر الصرف الحاد وتقلبه إلى ارتفاع أسعار السلع ومعدلات التضخم في عام 2018 ، مما أدى إلى تفاقم أزمة إنسانية كارثية بالفعل، وارتفعت أسعار المواد الغذائية الأساسية خلال النصف الثاني من عام 2018.

ووفقا لتقديرات الأمم المتحدة ، ارتفع نصيب الفرد من تكلفة سلة الغذاء بنسبة تقارب 28 في المائة بين يونيو وأكتوبر و بنحو 112 في المئة منذ مستوى ما قبل الأزمة في فبراير 2015. وعلاوة على ذلك ، فإن التكلفة الشهرية لسلة الغذاء لأسرة واحدة ارتفعت إلى ما متوسطه 42،489 ريال يمني خلال نوفمبر ، ما يقرب من 145 في المائة زيادة منذ فبراير 2015.

الباحث والمحلل الاقتصادي حسام السعيد، أوضح أن الحرب غيرت أنماط الاستهلاك لدى اليمنيين في رمضان، حيث أصبح مقتصرا على أكثر المواد او السلع ضرورة، نتيجة للارتفاع الكبير في أسعار بعض السلع التي تراوحت نسبة الزيادة بين 100-145% مقارنة بالأسعار قبل الحرب.

وقال السعيدي لـ" المصدر أونلاين" :" إن ارتفاع الاسعار وضعف مصادر الدخل وارتفاع اسعار المشتقات النفطية قد قلل من الطلب على مجمل السلع وادى الى وجود تركز حول السلع الضرورية، كما ان حالات العوز الشديد والفقر المدقع والحاجة الماسة للمساعدة.