مبيدات القات القاتلة

نبتة خبيثة ومبيدات سامة.. "القات" الطريق الأقصر إلى الموت في اليمن!

إبراهيم يحيى- المشاهد


يتخوف أحمد الضلاعي، وهو مزارع في مديرية همدان بمحافظة صنعاء، من الأمراض الناتجة عن التعامل مع المبيدات. تضاعفت مخاوفه بعد إصابة مزارعين بأمراض الكبد والسرطان.. 
معظم الإصابات تتأتى من ضعف التوعية بخطورة المبيدات على المزروعات من جهة وعلى صحة المزارعين الذين يتعاملون معها. مصدر القلق في هذه الحال هو المبيدات التي يتم رشها على شجرة”القات” من دون استخدام وسائل سلامة على ما يقول الضلاعي لـ”المشاهد”، مضيفاً أن خوفه دفعه إلى عدم التعامل مع المبيدات بشكل مباشر.
وتستخدم المبيدات الكيميائية بطرق عشوائية، من خلال خلط أنواع مختلفة، الأمر الذي يؤدي إلى تفاعلها وتأثيرها على خصوبة التربة، وتلوث المياه الجوفية، بحسب المهندس الزراعي بإحدى الشركات المستوردة للمبيدات، محمد أحمد الحاشدي.
وانتشرت الأسمدة والمبيدات الزراعية المنتهية الصلاحية والمبيدات المحظورة عالمياً، في اليمن، حيث تصل نسبة هذه المواد إلى 60% من إجمالي سوق المبيدات والأسمدة الكيميائية، بحسب الحاشدي.
وتعرف شجرة “القات” بإنها أحد النباتات التي يتناولها اليمنيون في جلسات عامة بعد وجبة الغداء، من أربع إلى ست ساعات يوميا، بعد قيام المزارعين بقطف أغصان الشجرة وبيعه في أسواق مخصصة لها بالمدن اليمنية.


مخاطر على الصحة


ترش مزارع “القات” بمبيد التوباز والديوكسين الإسرائيلي، الذي يعمل على تسريع فترة نمو القات، ويجعل لونه أحمر، مما يؤدي إلى إصابة المتعاطي له بالفشل الكلوي، وخصوصاً إذا تم قطف القات بعد يوم أو يومين من رش المبيد، بحسب الحاشدي.
ويتفق معه الدكتور أحمد سعيد، أخصائي أمراض الكبد، بالقول: “مهما تم غسل القات، فإن المبيد لا ينتهي منه، لأن السموم الكيميائية موجودة في العصارة النباتية لأوراق القات، وبالأخص إذا تم قطفه بعد الرش مباشرة، مما يؤدي إلى التسمم أو الوفاة”.
ويؤكد لـ”المشاهد” أن خطورة المبيدات والأسمدة الكيميائية كبيرة، فهي تؤدي إلى تليف الكبد، وسبب رئيسي لسرطان الدم اللوكيميا والجلد والبلعوم واللثة والمعدة، كما تؤدي إلى الفشل الكلوي، إضافة إلى خطورتها على الحوامل والأجنة، حيث تؤدي إلى عيوب خلقية لدى الجنين، والإجهاض للحوامل، لافتاً إلى عدم استخدام المزارعين لوسائل السلامة كالكمامات والملابس الواقية التي تعمل على عزل الجسم أثناء رش المبيدات للمزروعات.
ويصاب 10 آلاف يمني بالسرطان سنوياً، وفق إحصائيات المركز الوطني لمكافحة السرطان بصنعاء، الذي يستقبل الحالات المصابة من كل المحافظات اليمنية البالغ عددها 21 محافظة.
وتعد المبيدات من بين أسباب الإصابة بالسرطان، لكن لا توجد دراسة حتى الآن تؤكد الأسباب الحقيقية وراء الإصابة بأمراض السرطان.
لكن الشاب شهاب ناجي (19 عاماً) كان أحد ضحايا المبيدات التي كان يرشها للقات في إحدى مزارع مديرية أرحب شمال العاصمة صنعاء، كما يقول لـ”المشاهد”.
مازال ناجي الذي أصيب بسرطان الأنف، بعد عام من العمل برشد المبيدات، يتردد على المركز الوطني لمكافحة السرطان بصنعاء، عسى أن يجد الشفاء في الجرع الكيميائية التي تعطى له كل أسبوعين ولمدة عام كامل، حسب قوله.

تواطؤ رسمي


بناء على خبرة الحاشدي في المبيدات، فإن بعض المهربين يقومون بتزوير أغلفة هذه المبيدات، وإضافة أسماء تجارية مشهورة على أنها مبيدات أصلية، وتغيير تاريخ الإنتاج والانتهاء، وبيعها بأسعار عالية، ويعود ذلك إلى انعدام الرقابة على سوق المبيدات من قبل الجهات المختصة، وعلى رأسها الإدارة العامة لوقاية النباتات التابعة لوزارة الزراعة الخاضعة لسلطة الحوثيين، باعتبارها الجهة المسؤولة على الرقابة ومنح التراخيص لدخول المبيدات والأسمدة الكيمائية.
ويقول: “أثناء نزولنا لمحلات بيع المبيدات والأسمدة الكيميائية الموجودة بحي شعوب شرق العاصمة صنعاء، رفض التجار إعطاءنا أية معلومات، بل أصروا على أن جميع المبيدات لديهم مرخصة، وأنهم لا يتعاملون بالمهربة أو المنتهية”.
ويرى مصدر في الإدارة العامة لوقاية النباتات، أن المبيدات ضارة في كل الأحوال، سواء التي تأتي بصورة رسمية، أو التي تأتي عن طريق التهريب، فالمزارعون لا يعجزون عن إيجاد الطريقة التي تساعد القات على النمو قبل الفترة المحددة له.


إرشادات مهمة


تتراوح فترة القطف للقات بعد رش المبيدات بين أسبوعين و40 يوماً، لكن المزارعين يقطفون القات بعد أسبوع، وربما أقل، بعد رشه بالمبيدات الخطرة، كما يقول المصدر ذاته.
ويدعو الحاشدي، المزارعين إلى ضرورة معرفة الآفة أو الحشرة، من أجل التعامل معها، واستخدام المبيد المناسب، إضافة إلى قراءة التعليمات الموجودة على علبة المبيد، وضرورة تغيير نوع المبيد مع الآفة كل موسم، لأن استخدام نفس المبيد يكسب الآفة مناعة ضده، ويصبح عديم الجدوى.
كما يطالب بوضع قائمة سوداء بأسماء التجار المهربين لهذه المبيدات، كونها تهدد حياة ملايين اليمنيين، نتيجة لخطورتها، مضيفاً إلى ضرورة تفعيل دور وزارة الزراعة على إدخال المبيدات إلى اليمن.