أزمة مياه في إب

من يصدّق أن "إب الخضراء" تعاني من الجفاف ونحن في عز الصيف (تقرير)

عاصم أبو عامر- المشاهد

يعاني سكان محافظة إب (وسط البلاد) من انقطاع مشروع المياه عنهم، حيث لا يأتيهم سوى مرة واحدة في الشهر، الأمر الذي سبب أزمة مائية شديدة لدى المواطنين في عدد من أحياء المدينة، ما جعل البعض منهم مجبرين على شراء “وايت الماء” بـ20 ألف ريال (ما يعادل 36 دولاراً)، وهو ما لم يستطع تحمل تكاليفه البعض الآخر من المواطنين، فلجأوا إلى لاعتماد على مياه الأمطار لإرواء عطشهم، ومنهم محمد كرامي، أحد سكان حي المحافظة، الذي أكد لـ”المشاهد” أن سعر “وايت الماء” باهظ، ولا يقدرون على شرائه، فيضطرون إلى استغلال مياه الأمطار من خلال ملء الأواني من أسطح المنازل لاستخدامه في الشرب والاغتسال، مشيراً إلى أن مشروع المياه ينقطع عليهم لشهرين متتاليين وأحياناً أكثر.
واستقبلت محافظة إب قرابة مليون نازح من محافظات تعز والحديدة والضالع، مع العلم أن عدد سكان المحافظة كان 300 ألف نسمة، في العام 2010، وتجاوز السكان مليون نسمة وفق إحصائيات السلطة المحلية بالمحافظة، الأمر الذي فاقم أزمة المياه في المدينة.

أسباب الأزمة

تشهد المحافظة أزمة خانقة بالمياه، منذ منتصف العام 2018، لكنه ازدادت حدتها في الربع الأول من العام الجاري، بحسب سكان مدينة إب، ومن بينهم أحمد السروري.
ويرى رضوان محمد، من سكان حي الأحوال الثلاث، أن انقطاع المياه عن بعض الحارات لمدة شهر كامل، دونما غيرها من الحارات التي لا ينقطع فيها الماء 3 أيام، أمر يشير إلى خلل في التوزيع، موضحاً لـ”المشاهد” أن هذا الخلل يزيد من معاناة الناس في مثل هذه الظروف، خاصة وأن الرواتب منقطعة.
يعيد فيصل السعيدي، نائب مدير عام مؤسسة المياه والصرف الصحي بمحافظة إب الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، أزمة المياه إلى عدة أسباب زادت من حدة المشكلة وطول فترة انقطاع المياه عن الأحياء منذ منتصف العام 2018.
ومن أهم الأسباب، كما يقول السعيدي لـ”المشاهد”، قيام إدارة التوزيع في المؤسسة بتعديل جدول توزيع المياه، بحيث زادت الفترة في الانقطاع في معظم الأحياء من 10 أيام إلى 15 يوماً، مقابل ذلك حدثت ردة فعل من قبل المشتركين، فقام معظمهم بشراء خزانات مياه إضافية بسعة كبيرة، وقام البعض الآخر ممن لديهم خزانات أرضية كبيرة بتنظيفها وتجهيزها لخزن المياه.
وتم تنفيذ شبكة المياه في العام 1990، ولم يتم تصميمها وتنفيذها بصورة تمكن المؤسسة من التحكم في المياه في الأحياء، لأنه لم يكن توجد مشكلة في إنتاج المياه في حينها، فبعض الأحياء والمنازل تم توصيلها من خطوط الضخ مباشرة، وهي بذلك تستفيد من المياه المتوفرة في خطوط الضخ، بخلاف ما هو مخطط له في جدول التوزيع، بحسب السعيدي.

نضوب الأبار

ظهرت خلال العامين الأخيرين، مؤشرات تدهور كبير في منسوب المياه الجوفية بمناطق حقول آبار مياه المؤسسة المحلية في مدينة إب، وتبين ذلك من خلال تسارع انخفاض منسوب المياه، وتدهور إنتاجية معظم الآبار التابعة للمؤسسة، نتيجة مشكلة التزايد السكاني والتوسع العمراني والزراعي، في المحافظة.
وبلغ مقدار النقص في الإنتاجية من جميع الآبار ما نسبته 40%، بالإضافة إلى نضوب المياه تماماً من 4 آبار، ناهيك عن اعتماد المؤسسة بصورة كلية على مولدات الديزل لتشغيل محطات الضخ، وذلك بسبب الانقطاع الكلي للكهرباء منذ عدة سنوات، وهذه المولدات تتعرض لأعطال مفاجئة، وتحتاج إلى صيانة دورية، وأي توقف لمولد من المولدات لفترة معينة يسبب إرباكاً في خطة توزيع المياه، وقد يسبب طول فترة الانقطاع للمياه عن المواعيد المحددة في خطة التوزيع، بحسب السعيدي.
لكن فواز إسكندر، أحد سكان حي ميتم بمدينة إب، يقول لـ”المشاهد”: إن أزمة المياه ضاعفت من معاناتهم في ظل عجزهم عن شراء وايتات الماء، متسائلاً: إلى متى ستكون بديلة لحل أزمة المياه الخانقة التي نعانيها منذ عام تقريباً؟ لافتاً إلى أن الهيئة العامة للموارد المائية بالمحافظة لم تستطع ضبط أسعار بيع وايتات الماء

معالجات

على الرغم من المناشدات والاعتصامات لأبناء محافظة إب، والمطالبة بإيجاد حل لمشكلة انقطاع المياه عن السكان، إلا أن السلطة المحلية لا تتفاعل بجدية مع المواطنين، وتحاول التهرب من مسؤوليتها تجاه أبناء المحافظة، وتسوق تبريرات غير منطقية لانقطاع المياه، كوجود خلل في مضخات المياه، أو نضوب الآبار، أو انعدام مادة الديزل، حسب السروري، غير أن السعيدي يقول إن المؤسسة المحلية في المحافظة قامت بعدة عمليات معالجة فنية ومتابعة مكثفة لتحسين توفير المياه للمشتركين، ولكن المشكلة الأهم تظل فوق إمكانيات المؤسسة، وبحاجة إلى تنفيذ معالجات عاجلة، وتوفير الدعم والتمويلات اللازمة لتنفيذ المقترحات الفنية لتحسين الوضع المائي ورفع كمية الإنتاج، إضافة إلى توفير خيارات مستقبلية مستقرة لتوفير مصادر المياه، مضيفاً أن الإجراءات المتخذة من قبل المؤسسة لمواجهة الأزمة، والمتمثلة بتأهيل بئر واحدة في منطقة “منزل الراعية”، وحفر بئرين في “السبل” و”السحول”، وتشغيل بئر واحدة في منطقة “السبل قحزة”، والتي أسهم تشغيلها في تخفيف أزمة المياه في منطقة “السبل وكاحب” وحارة “الكهرباء والأحوال المدنية”، وتنفيذ عدد من خطوط الضخ والتوزيع بطول يصل إلى 8 كيلومترات، بأقطار مختلفة، وتركيب أكثر من 120 محبساً بهدف التحكم بعملية التوزيع. ولكي يتم حل المشكلة، بدلاً من إيجاد مصادر مياه كافية لتعويض العجز الحاصل في إنتاج المياه من الآبار العاملة حالياً، لا بد من البحث عن تمويلات كافية حتى يتم إجراء دراسة للبحث عن مصادر مياه بديلة وتأهيل مصادر المياه الحالية، وتأهيل وتعميق عدد من الآبار العاملة حالياً، والتي قد تظهر الدراسة جدوى وإمكانية تأهيلها ورفع قدرتها الإنتاجية، وحفر عدد من الآبار الإسعافية الضرورية لتغطية العجز في إنتاج المياه.