أرامكو

من يقف وراء الهجوم على أرامكو.. العملية أكبر من الحوثي وقد تكون بصاروخ خرج من إيران!

سجال بين حلفاء إيران على تبنِّي قصف مقرات شركة أرامكو، عملاق النفط السعودي، فيما لا يُعرف من نفَّذ هذا الهجوم، ففي الوقت الذي يزعم فيه الحوثيون قيامهم بهذه العملية، تقول جهاتٌ أخرى إن الأمر أكبر من طاقتهم.

تقرير لصحيفة New York Times الأمريكية يسلط الضوء على الواقعة، ويسرد كل الاحتمالات التي قد تكون وراء هذا الهجوم، الذي تسبَّب في تعطيل ثلث إنتاج النفط السعودي.

أمريكا تتهم إيران 

اتهمت إدارة ترامب إيرانَ بالوقوف وراء الهجمات التي وقعت السبت الماضي، 14 سبتمبر/أيلول، مستشهدة بتقييماتٍ استخباراتيةٍ وصورٍ بالأقمار الصناعية، تُظهر ما قال المسؤولون إنه دليلٌ على تورُّط إيران.

وقال مسؤولون بإدارة ترامب إن الهجمات قد تكون تضمَّنت سرباً من الطائرات بدون طيارٍ، وصواريخ كروز، وإنها لم تأتِ أصلاً من اليمن، حيث ميليشيات الحوثيين المدعومة من إيران، التي أعلنت مسؤوليتها عن الحادثة.

وتدعم الأدلة المتاحة للعلن بعضَ بنود ادعاء البيت الأبيض، غير أن المسؤولين الأمريكيين لم يُقدموا دليلاً أكثر من صور الأقمار الصناعية، التي يقول المحللون إنها ليست أدلةً حاسمةً تُبين مِن أين جاءت الهجمات، وأي الأسلحة استُخدمت، ومَن أطلقها.

الصحيفة الأمريكية حلَّلت صور الأقمار الصناعية التي نشرتها إدارة ترامب، وقارنتها بمصادر مستقلةً، لتحديد ما تُظهره وما لا تُظهره.

وبحسب الصحيفة الأمريكية تتجاوز الهجمات في تعقيدها بكثيرٍ ما بدا في هجماتٍ سابقةٍ للحوثيين، رافعةً احتمالات تورُّط إيران المباشر.

ولا تكفي صور الأقمار الصناعية وحدها لدعم المزاعم الأمريكية، القائلة إن الهجمات تبدو كأنها أتت من جهة إيران أو العراق.

لا توجد كذلك أدلةٌ كافيةٌ تُظهر نوع الأسلحة المستخدمة، لكن دقة الضربات تدل على صاروخٍ موجَّهٍ.

يتجاوز تعقيد الهجمات قدرات الحوثيين السابقة

يقول المحللون العسكريون الذين درسوا حرب اليمن إن مدى، وحجم، وتعقيد الهجمات على منشآت النفط السعودية يتجاوز بكثيرٍ قدرات الحوثيين التي امتلكوها سابقاً.

ونشر المسؤولون الأمريكيون صورَ أقمارٍ صناعيةٍ تُظهر ما قال المسؤولون إنه 17 نقطة اصطدامٍ على الأقل في منشأتي طاقةٍ سعوديتين، ولو لم تُصب كل الأسلحة أهدافها.

تُظهر صور الأقمار الصناعية لمنشأة بقيق ضرراً في صهاريج التخزين وقطار المعالجة.

وكانت المملكة العربية السعودية قد أطلقت حملةً عام 2015، في محاولةٍ لدحر انقلابٍ قامت به قوات الحوثيين، الذين هم فصيلٌ يمنيٌّ تدعمه إيران. قتلت الحرب آلاف المدنيين، وعرَّضت 12 مليون فردٍ لخطر المجاعة، لكنها فشلت في إسقاط الحوثيين عن سدة الحكم في العاصمة وأغلب مناطق البلاد.

ومع أن الحوثيين يستخدمون عادةً الطائرات دون طيارٍ في محاولات الاعتداء على السعودية، فإنهم غالباً ما اعتمدوا على طائراتٍ من نوع «صمد 3″، وهي طائراتٌ دون طيارٍ مكلفةٌ، وصغيرةٌ، وبطيئةٌ، وغير دقيقةٍ، يُستبعد أن تكون قادرةً على اختراق أنظمة الدفاع الجوي السعودية والوصول إلى أهدافها بالدقة والتنسيق اللذَين ظهرا في اعتداءات آخر الأسبوع الماضي.

ومؤخراً استخدم الحوثيون طائراتٍ أكثر تطوراً، اسمها «قدس1» . ويُمكن وصفها بأنها أشبه بصاروخ كروز صغيرٍ، أو طائرةٍ كبيرةٍ دون طيارٍ، بحمولةٍ تُشبه تلك التي يحملها صاروخ كروز.

يقول المحللون إن ذلك ما يبدو أن الحوثيين استخدموه لضرب مطار أبها الدولي جنوبي المملكة العربية السعودية منذ شهورٍ قليلةٍ. لكن مدى طائرات «قدس1» لا يكفيها لتصل من شمال اليمن إلى المنشآت النفطية السعودية.

ويتجاوز مدى وحجم ودقة الهجمات الأخيرة -بما في ذلك اختراق الدفاعات الجوية السعودية وتجنب العقبات مثل خطوط الطاقة وأبراج الاتصالات- أي شيء فعله الحوثيون من قبل.

مع ذلك يقول بعض المتخصصين الأمنيين إن الحوثيين قد طوَّروا صواريخ كروز التي يملكونها بشكلٍ كبيرٍ، بوجود المساعدة الإيرانية التي يرى المسؤولون الأمريكيون أنها لازمةٌ.

وتُدرب قوات الحرس الثوري الإيراني ميليشيات وكلائها في المنطقة من لبنان إلى اليمن على استخدامٍ أكثر تطوراً للطائرات دون طيارٍ. وبعد اعتراض صواريخ حوثيةٍ كانت تستهدف السعودية انتقلت إيران إلى تدريب الحوثيين على تكنولوجيات الطائرات دون طيارٍ، آخذةً مجموعاتٍ إلى إيران لتدريبهم على تجميعها وإدارتها وإصلاحها.

وأظهرت صور الأقمار الصناعية المستقلة المملوكة لشركة Planet Labs نفسَ الأضرار التي أظهرتها صور أقمار إدارة ترامب. كانت صهاريج التخزين مصابةً بنمطٍ ثابتٍ ومن نفس الاتجاه، وهو دليلٌ آخر على دقة الهجمات.

يظل منشأ الهجمات غير واضحٍ

لم يقُل المسؤولون بالإدارة الأمريكية بشكلٍ علنيٍّ ما هو المصدر الذي يعتقدون أن الهجمات بدأت منه، لكنهم قالوا إن صور الأقمار الصناعية تتوافق مع هجماتٍ من الشمال أو الشمال الغربي، وهو ما يُشير إلى احتمال أن تكون الهجمات قادمةً من اتجاه إيران أو العراق، لا من اليمن. 

لكن صور الأقمار الصناعية التي نُشرت يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول لم تكن حاسمةً بقدر ما يُشير المسؤولون، فبعضها أظهر أضراراً في الجهات الغربية من المنشآت، لا من اتجاه العراق أو إيران.

وحتى لو كانت نقاط التصادم تدل على أن الأقسام المستهدفة في المنشآت تُطل صوب إيران أو العراق، فإنّ المحللين الأمنيين يقولون إن هذا لا يُثبت مصدرها؛ إذ يُمكن برمجة صواريخ كروز على تغيير مسارها، لتضرب حائطاً بالاتجاه المعاكس لاتجاهها الذي أتت منه.

يقول بهنام بن طاليبلو، الزميل الكبير بمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات: «يجب أن يُحدد مصدر الهجمات. لو أنها جاءت من إيران فذلك سيُغير كل قواعد اللعبة» .

تتسق دقة الهجمات مع كونها جرت بصواريخ موجهةٍ

قال مسؤولون بالإدارة يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول، دون تقديم أدلةٍ، إن الهجمات جرت بسربٍ من الطائرات دون طيارٍ وصواريخ كروز موجهة.

ولا تعرض صور الأقمار الصناعية معلوماتٍ كافيةً لتحديد الأسلحة المستخدمة. لكن آدم سيمونز، المحلل الجغرافي لدى شركة Midgard Raven قال إن دقة وتناسق إصابات صهاريج التخزين تتوافق مع بعض أنواع الذخيرة الموجهة مثل الصواريخ.

أشار المحللون كذلك إلى صورٍ لما يبدو حطام صاروخٍ، نُشرت على مواقع التواصل الاجتماعي في السعودية، قد تُوفر أدلةً إضافيةً حول كيفية وقوع الاعتداءات. ولم يؤكد موقع ولا تاريخ التقاط الصور، لكنها تبدو جديدةً.

وقال فابيان هاينز، الباحث في مركز جيمس مارتن لدراسات منع الانتشار النووي إن الحطام يبدو متوافقاً مع طائرات «قدس1″، وإن كان أكد على الحاجة لمزيدٍ من التأكد.

وكتب هاينز في منشورٍ على مدونةٍ قائلاً إنه لو ثبتت صلة صور الحطام بالهجمات، فسيُقلل ذلك من احتمالية كونها أتت من اليمن؛ لأن مدى طائرات «قدس1» لا يكفيها لتصل من اليمن إلى الموقع. 

قال مسؤولون من الإدارة الأمريكية، يوم الأحد 15 سبتمبر/أيلول، إنهم سينتقلون إلى إيجاد المزيد من الأدلة خلال الأيام القادمة. وقد يُجيب التحليل الجنائي للأسلحة المستخرجة عن أسئلةٍ عن نوعِها، ومَن صنعها، ومَن أطلقها؟