اتفاق الرياض

مفاوضات الغرف المغلقة في الرياض… هل تفضي إلى إنهاء حرب اليمن؟!

يبدو أن المملكة العربية السعودية باتت مقتنعة بإيجاد حل سياسي للأزمة اليمنية، هذه المرة، بعد أن رأت أن الحسم العسكري غير مجدٍ البتة، أكان لها أو للأطراف اليمنية المتصارعة، لاسيما وأن الحرب شارفت على الدخول في عامها السادس، ولم يتغير في الواقع شيء.
اتخذت السعودية خطوات جديدة مغايرة لما كان مرسوماً في خارطتها تجاه اليمن، وكان أول تلك الخطوات سحب الملف اليمني من يد ولي العهد ووزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، وتسليمه لأخيه خالد نائب وزير الدفاع، لرسم معادلة سياسية جديدة أرضيتها إنهاء الحرب في اليمن، وتحقيق السلام القائم على مبدأ حفظ مكانة المملكة إقليمياً ودولياً، ويجمع كل الأطراف اليمنية على طاولة المفاوضات.

مفاوضات سرية

وتتابعت الخطوات المتخذة من قبل خالد بن سلمان، لتحريك الملف اليمني، ولكن بشكل سري وغير معلن، فسعى إلى فتح قنوات تفاوض مع جماعة الحوثي، التي بدورها تفاعلت مع مساعيه، فأرسلت من طرفها إسماعيل الوزير إلى الرياض، ليمثلها في المفاوضات “السرية” هناك، والتي بدأت منذ 3 أشهر، مع المملكة، بحسب ما كشف مصدر سياسي لـ”المشاهد”، لافتاً إلى أن خالد بن سلمان دعا الحكومة وجميع المكونات السياسية والمجتمع المدني للمشاركة في المفاوضات، وقد استجابوا للدعوة، وأرسل كل طرف ممثلاً عنه.

برغم التفاهمات الأولية التي أُجريت من قبل السعودية مع الحكومة والحوثيين، لتأسيس أرضية مشتركة ونقاط محددة ينطلق منها الجميع كخطوة “حسن النوايا” للدخول في مرحلة التفاوض الجمعي، غير أن ثقة الأطراف اليمنية في ما بينها منعدمة 


وأوضح المصدر أن المملكة السعودية لديها نية في إنهاء الحرب في اليمن، وهذا ما بدا في النقاشات والاجتماعات التي عقدت مع خالد بن سلمان، الفردية أو الجماعية، بممثلي المكونات المتمثلة بالحكومة والحوثيين والأحزاب السياسية والمجتمع المدني.
وبرغم التفاهمات الأولية التي أُجريت من قبل السعودية مع الحكومة والحوثيين، لتأسيس أرضية مشتركة ونقاط محددة ينطلق منها الجميع كخطوة “حسن النوايا” للدخول في مرحلة التفاوض الجمعي، غير أن ثقة الأطراف اليمنية في ما بينها منعدمة، من جهة، وبين السعودية والحوثيين من جهة أخرى، ولاتزال الشروط التعجيزية سيدة الموقف، كما يقول المصدر.
وأضاف أن هناك اتفاقات مبدئية تدعمها السعودية في طي صفحة الرئيس هادي، وتعيين شخصية توافقية نائباً للرئيس بدلاً عن اللواء علي محسن الأحمر، وتشكيل حكومة انتقالية، منوهاً إلى أن الحوثيين أبدوا استعدادهم تسليم الأسلحة للجنة عسكرية مشكلة من أطراف يمنية، وبإشراف الأمم المتحدة.

خطوة بالاتجاه الصحيح

وأكد عضو المكتب السياسي لجماعة الحوثي محمد البخيتي، أن هناك محادثات غير علنية تجرى بين الحوثيين والسعودية، مضيفاً أن هذه المحادثات تدور مباشرة بين الطرفين، لكنها لم تنعكس على الأرض بشكل إيجابي، حد تعبيره.
وفي نهاية سبتمبر 2019، أعلنت جماعة الحوثي عن هدنة من طرف واحد، يتوقف بموجبها الحوثيون عن استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ والطيران المسير.
وأعلنت الأمم المتحدة، مؤخراً، عن اتفاق بين الحكومة والحوثيين، في العاصمة الأردنية عمان، على خطة تفصيلية لإتمام أول عملية تبادل أسرى ومحتجزين، بمن فيهم جنود سعوديون وسودانيون.
وينص الاتفاق على إطلاق سراح أكثر من 1400 من الأسرى والمعتقلين لدى الحكومة والحوثيين، في المرحلة الأولى، تتبعها جولات أخرى حتى الانتهاء من تبادل كافة الأسرى من الطرفين، والذين يقدر عددهم بأكثر من 10 آلاف أسير كان الطرفان قد تبادلا معلوماتهم في اتفاق ستوكهولم، نهاية عام 2018.
وأفاد ماجد فضائل، المسؤول في اللجنة الحكومية الخاصة بتبادل الأسرى، بأن الجانب الحكومي قبل في اجتماعات الأردن بإطلاق سراح الأسرى على شكل مراحل، وصولاً إلى الإفراج الشامل عن جميع الأسرى تحت مبدأ الكل مقابل الكل.
وأكد فضائل أن الاتفاق الإجرائي تم على 1420 أسيراً ومعتقلاً من الطرفين، بينهم سعوديون وسودانيون، وأحد الأسرى الأربعة المشمولين بقرار لمجلس الأمن الدولي.
وذكر أنه يتم حالياً تبادل القوائم من أجل البدء بعملية التنفيذ خلال هذا الشهر، حيث من المرتقب أن يعقد اجتماع خلال مارس المقبل، للانتقال إلى المرحلة الثانية، وتكون الأولوية فيها لبقية الثلاثة المشمولين بالقرار مع بقية الأسرى والمعتقلين.
من جانبه، اعتبر الناطق باسم جماعة الحوثي محمد عبدالسلام، اتفاق تبادل الأسرى خطوة مهمة على المستوى الإنساني أولاً، لافتاً إلى أن هناك أسرى من الطرفين، وطبيعة الحرب تحتاج لإجراء تبادل وفق اتفاق ستوكهولم.
وبحسب عبدالسلام، فإن الاهتمام بهذا الملف من الناحية الإنسانية سينعكس بلا شك أيضاً على الناحية السياسية، ويعطي الأمم المتحدة دوراً محورياً، بما أنها قامت به، واستطاعت أن تجمع الأطراف في الأردن للمضي قدماً في تنفيذ اتفاق السويد.

دعوة قديمة جديدة

ودعا المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث، إلى تشكيل حكومة شاملة في اليمن عبر عملية انتقالية، مجدداً التأكيد على أنه لا حلَّ عسكرياً للنزاع.
وقال غريفيث، في إفادته الأخيرة أمام مجلس الأمن الدولي، في 18 فبراير الجاري، إن التصعيد العسكري يمكن أن يقلب المكاسب التي تحققت من التهدئة، ويجعل السلام أكثر صعوبة، داعياً الأطراف اليمنية إلى إيقاف التصعيد العسكري.
وأضاف أنه يمكن تحقيق السلام في اليمن عبر تنازلات وتسوية سياسية بين الأطراف المتصارعة، بوساطة الأمم المتحدة، مؤكداً أنه حان الوقت لتشكيل حكومة شاملة عبر عملية انتقالية.

المصدر: المشاهد