معارك الجوف

رشفة ماء مقابل بندقية كلاشنكوف.. قصص مؤلمة لنازحين في صحراء الجوف

لم تنته معركة النجاة من الموت مع خروج سليمان (30 عاما) مع زوجته وأطفاله الثلاثة من مدينة الحزم مركز محافظة الجوف شمالي البلاد على متن سيارته إثر دخول جماعة الحوثي المفاجئ إلى مركز المحافظة.

 

واجه سليمان المنحدر من محافظة إب بعد خروجه إلى طريق الصحراء الوحيدة الآمنة المؤدية إلى مأرب معارك أشد عليه من معركته مع الوقت للنجاة بأسرته من بطش الحوثيين داخل الحزم، حد وصفه.

 

وفي الطريق يقول سليمان الذي كان عائدا من عمله في كلية التربية والعلوم التطبيقية بالجوف "شاهدت السجناء يخرجون جماعات من سجن الأمن السياسي وإدارة أمن المحافظة كلهم, وبعدها عرفت أن الحوثيين قد دخلوا المحافظة".

  

يضيف "الأطقم العسكرية كانت تنسحب باتجاه الصحراء بسرعة كبيرة، وكنت ألتقط أنفاسي بصعوبة لحظة مهاتفتي لأحد الأصدقاء الذي أبلغني بأن آخذ أسرتي وأخرج باتجاه الصحراء إلى مأرب، لأن الجوف قد سقطت بيد الحوثيين".

 

يتابع سليمان قائلا: "زوجتي كانت تعد الغداء الذي لم تتناوله الأسرة ولم تطفئ حتى تنور الغاز، الموقد تحت صحون وجبة الغداء، فغادرنا ولم نغلق أبواب منزلنا الطيني المستأجر".

 

نازحون عالقون

 

يواصل سليمان سرد معناته لحظة الفرار من مدينة الحزم قائلا: "خرجت مع أسرتي مهرولا، لم أسر بسيارتي إلا كيلومترات معدودة، وتوقفت السيارة عن الحركة بعطل فني، في وقت غير محمود، دون استجابة من أحد لإنقاذه، وبعد انتظار وصل صديق له بطقم عسكري حاول جرها خلفه بحبال فتقطعت دون جدوى".

 

وتابع أنه بعد صعود أسرته وأطفاله على صندوق الطقم العسكري استجدى أحد البدو المعروف له بأن يأخذ السيارة ويحافظ عليها حتى العودة إليها في وقت آخر لكنه رفض رغم الاستجداء.

 

ويضيف أن أحد الجنود أصر على إحراق السيارة بأن أطلق الرصاص عليها فأحرقها كي لا يأخذها المسلحون.

 

نجاة من موت محقق

 

وأردف أن "الطقم كان يسير بسرعة جنونية داخل الصحراء التي تعج بالأطقم والسيارات والبشر الخارجين من الجوف باتجاه مأرب ولكن الطريق كان مليئا بالمفاجآت والصعاب والموت".

 

تحدث سليمان وهو يتصبب عرقا حين قال "بعد ساعة من السير في الصحراء بطريق متخبط اعترضهم مسلحون بسيارة دفع رباعي نوع "شاص" طالبوا بلهجة بدوية تسليم السيارة والأسلحة التي على أكتاف الجنود".

 

وحسب سليمان فإن السائق لم يتوقف بعدها وانطلق بسرعة كبيرة، وفي الأثناء أطلق المسلحون الرصاص تجاههم فأصيب أحد الجنود في كتفه بطلق ناري، لكنهم نجوا من الكمين، حسب قوله.

 

لم يكن سليمان وحده الذي واجه الموت في طريقه إلى النجاة من الجوف إلى مأرب بل تعرض العديد من المواطنين للسلب والنهب من قبل بدو مسلحين في وسط صحراء الجوف أثناء فرارهم إلى مأرب عن طريق الصحراء التي لا يعرفها غالبية الفارين، لكنها كانت الطريق الوحيدة إلى مأرب للنجاة بأنفسهم من بطش الحوثيين بعد دخولهم مركز محافظة الجوف.

 

نهب 

 

نازح آخر فضل عدم الكشف عن اسمه تعرض للنهب من قبل مسلحين في الصحراء بين الجوف ومأرب.

 

وقال إن المسلحين اعترضوا طريقه هو وأحد زملائه وأشهروا في وجوههم السلاح، وأطلقوا الرصاص عليهم وأوقفوهم ونهبوا سيارته نوع "سنتافي" ومعدات أخرى كانت على متنها بقيمة 3 ملايين ريال".

 

بندقية كلاشينكوف مقابل علبة مياه

 

عبد الله إسماعيل، جندي في اللواء 101 في الجوف، هو الآخر قال إنه فر من الجوف بعد ظهر السبت عقب اقتحام الحوثي لمدينة الحزم.

 

وقال إنه خرج بنفسه وسلاحه سيرا على الأقدام على طريق الصحراء وفي عصر ذلك اليوم لحقه مسلحون على متن سيارة قالوا إنهم سينقذونه ويأخذونه إلى معسكر اللبنات الذي يتجمع فيه الجيش الوطني الذي خرج من الجوف، ولكنه رفض ذلك، وطالبهم بمياه للشرب وسيواصل السير على الأقدام.

 

وأشار عبد الله إلى أن المسلحين اشترطوا عليه الماء مقابل بندقيته نوع "كلاشنكوف" وعند رفضه لطلبهم أخذوا منه سلاحه بالقوة وأعطوه قارورة ماء وساروا باتجاه الجوف.

 

غالبية الجنود والنازحين تحدثوا عن مواجهات واشتباكات واجهتهم مع قطاع الطرق الذين حاولوا سلب ممتلكاتهم وسياراتهم وأسلحتهم الشخصية في وسط الصحراء، ولكنهم نجوا من العصابات المتقطعة.

 

وكانت الجوف قد سقطت بيد الحوثيين قبل أربعة أيام، مما أدى إلى انسحاب الجيش الوطني إلى معسكر اللبنات بصحراء الجوف شرقي مدينة الحزم.

 

وتسببت سيطرة الحوثيين على مركز محافظة الجوف بنزوح 25  ألف أسرة من محافظة الجوف إلى محافظة مأرب حسب بيان لإدارة مخيمات النازحين ولا زال مستمر حتى لحظة كتابة هذا التقرير توافد الأسر النازحة.