حسن الشرفي

حسن الشرفي.. مات هاشمياً دونه اليمن!!

توفي اليوم في صنعاء الشاعر الكبير/ حسن عبدالله الشرفي، عن ما يقارب 80 عاما، قضى اكثر من نصفها يمدح الثورة والجمهورية، بنى مجده من كتابة القصائد للثورة ودبج المدائح للرئيس السابق علي عبدالله صالح وعهده الميمون وانتصاراته وفتوحاته التي لا عد لها.

الشرفي - رحمه الله - كما كان متوقعا من كل الحالات الهاشمية التي تشابهه، ختم سني عمره جندياً مخلصاً مع بقايا الإمامة السلالية التي اجتاحت صنعاء عام 2014م، لكن حالة الشرفي متميزة أكثر، اذ لم يتوقف جهده عند بيعة عبدالملك الحوثي وشتيمة خصومه.

 

في قصائده ومواقفه الأخيرة نسف حسن الشرفي كل ما تضمنه إرشيفه الشعري الواسع، وأدان نفسه بشكل سافر، ليثبت حقيقة مرة عنه وعن كل أشباهه تجعلهم محل شك مهما تحمسوا في التطبيل لأصحاب العطايا والتمثيل على اليمنيين.

 

سنوات العهد الجمهوري التي نمت في ظلها اكتاف الشرفي وغالبية بني عمومته أصبحت عقود ظلام وسنوات خيبة، فور الاجتياح الهاشمي لصنعاء كتب الشرفي قصيدة يعاير فيها ذكرى ثورة سبتمبر المغدورة ومما قاله فيها: 


ثأرنا عند نصف الليل يوما

وما فهم السقيم ولا الصحيح

وقلنا للزمان: لقد أفقنا

فزغردت النوافذ والسطوح

ومثل تحية العَجلان لُحنا

وفي أعماقنا زمن قبيح

أردنا أن يظل بنا وفينا

كمتن لم تغب عنه الشروح

ومرت خيبة الخمسين عاما

تبيح خيارنا او تستبيح.

مع اندلاع ثورة الربيع العربي انحاز حسن الشرفي إلى صف الرئيس السابق علي عبدالله صالح، وكتب ضد هتافات الجماهير قصائد بذيئة وسفيهة ففتحت له وسائل اعلام الرئيس السابق مساحات واسعة وعطايا باذخة.

 

قد يعتقد البعض ان هذا الموقف الذي انتهجه الشاعر الشرفي، هو قتاعة او موقف ومبدأ، او حتى وفاء لصاحب الجمائل المتعددة عليه، لكنها كانت مجرد حلقة من حلقات التقية الهاشمية التي انكشفت لاحقا بشكل سافر.

 

بعد أسبوعين تقريبا من سيطرة الحوثيين على صحيفة الثورة الرسمية نشر فيها حسن الشرفي قصيدة طويلة تتغنى بالفاتحين الجدد وتلعن (ثلث قرن) من حكم (العصابة)، والمقصود بها قطعاً: علي عبدالله صالح:


قل هو الشعب كله, والتروي

كله.. والإرادة الوثابة

ومعاناة نصف قرن،، وطغوي

ثلث قرن،، وموبقات العصابة

نصف قرن وآآح من نصف قرن

لم يكن غير بومة في خرابه

وهو ظلم القربي،، وفيها عيون

دامعات،،، وذكريات مصابة

ثلث قرن من أحجيات عجاف

حشرتهم في كل أنف ذبابة

كان حسن الشرفي من اكثر الشعراء انتاجا وغزارة وأجودهم في السبك والنظم طيلة العقود الماضية، وكان يحلو له ان يسوّق اسمه نداً للبردّوني الكبير، وبعد وفاة البردّوني أعد الراحل الشرفي عمامته والقاوق إماما منتظراً حانت لحظة بيعته ولو من شيعته المقربين.

اليوم يرحل عن دنيانا الشاعر الشرفي، تاركا اكثر من 8 مجلدات واسعة وعشرات الدواوين والمقابلات والقصائد المتناثرة، لكنه مات مخذولا حتى من احتفاء الذين اعجبهم شعره ذات أزمان.

حتى محبيه ومن يبعثون التعازي اليوم من بني عمومته وعكفتهم، لا يجرؤون ابدا على الاحتفاء بشعره وقصائده القديمة.

 

رحلت يا عم حسن، أما دواوينك وأعمالك الكاملة فستمثل وثائق ادانة وشهادات مؤلمة لعهد وعهود، فمن عرفوك كشاعر مرهف وانسان يلبس لسان وقميص مواطن مثلهم، أفزعتهم مواقفك الأخيرة والإمام الذي بعثته من أعماقك، أما شيعتك الجدد رغم قلتهم فإنهم كلما تذكروك سيجدون التناقض والمديح للزمن القبيح الذي لن يطيقون سماعه!

 

وسوف يجدون أيضاً أن خبرة الأيام والتجارب جعلتك تتنبأ بقرب ذوبان انتفاشتهم وتقلب الزمن عليهم، حيث لم تقدر على إخفاء هذا الشعور القاتل في قصائد مدحك لهم وتوقعك بانتهاء قريب لما اسميته (حلمكم البديع) الذي سيتلاشي (صانعوه) تيهاً بين وشحة وشوابة:

هاهنا حلمها البديع وعرس

فوق ما في نفوسنا من مهابه

 

أتمنى أن لا أراها بحال

عرضة للأصابع السبابه

 

قد تنام الدنيا،، وساعة تصحو

لم تقل أين،، "وشحة" من "شوابة"

 

المقال خاص بـ"المصدر أونلاين"